يسرد فيلم الدراما «المستحيل The Impossible»، محنة حقيقية عاشتها عائلة أسبانية فيما كانت تسترخي في منتجع على أحد الشواطئ التايلاندية، لتهاجمها كارثة التسونامي التي اجتاحت المحيط الهندي في 26 ديسمبر/كانون الأول 2004.
يتناول الفيلم، وهو من إنتاج العام 2012، تفاصيل مؤلمة لما مرت به العائلة بعد إن اجتاحت مياه البحر المنتجع الذي تسكن فيه. العمق الذي يسرد به الفيلم تلك التفاصيل قد يجعل أمر المشاهدة صعباً لبعض المتفرجين، وربما مستحيلاً للبعض الآخر.
الفيلم ذو الإنتاج الأسباني هو من إخراج الأسباني خوان أنطونيو بايونا الذي قدم مسبقاً فيلم «دار الأيتام The Orphanage»، لكن لأسباب تتعلق بشباك التذاكر تم تحويل شخصيات الفيلم الناطق بالإنجليزية من أسبانية إلى بريطانية.
تلعب ناومي واتس دور طبيبة تدعى ماريا، فيما يلعب ايوان ماكغريغور دور رجل أعمال يدعى هنري. يسافر الإثنان في عطلة إلى تايلند مع أبنائهما الثلاثة.
كاتب السيناريو ومخرج الأفلام الأسباني سيرجيو سانشيز كان هو من تولى عملية تحويل القصة من أسبانية إلى بريطانية. وبالرغم من أن الفيلم حظي بإعجاب النقاد الذين أشادوا بإخراج الفيلم وبأداء ممثليه، على الأخص ناومي واتس التي رشحت لجائزة الأوسكار لأفضل ممثلة، وجائزة الغولدن غلوب لأفضل ممثلة في فيلم درامي. على الرغم من ذلك فإن عملية تحويل القصة من أسبانية إلى بريطانية لم تكن موفقة إلى درجة كبيرة، بعض النقاد يرون أن سيناريو الفيلم وحواراته بدت كأنها تتكون من تركيبات لغوية خرقاء وبعضها خاطئ، ما جعل كثير من حوارات الفيلم تبدو مصطنعة وزائفة. كذلك انتقد البعض موسيقى الفيلم المبالغ فيها وبعض اللقطات التي تم التلاعب بها. بالإضافة إلى ذلك انتقد بعض النقاد الفيلم لأنه فعل ما تفعله معظم أفلام هوليوود حين أعطى الأولوية لتصوير الكارثة وقدمها على تصوير تفاصيل المحنة التي مرت بها العائلة.
مع ذلك، فقد نجح المخرج في تصوير ضخامة التسونامي وبدت المشاهد التي صورت الطوفان مؤثرة ومرعبة بشكل مذهل. لكن هذا النجاح لا يحسب للمخرج؛ إذ إن أفلام هوليوود الرائجة تصور كوارث مماثلة بشكل دائم، منها فيلم «Hereafter الآخرة»، الذي أخرجه كلينت ايستوود في العام 2010، والذي صور تسونامي المحيط الهندي بشكل لا يقل تأثيراً. عدا عن ذلك فإن عملية تزييف المشاهد وتركيبها باستخدام برامج الكمبيوتر أصبح أمراً في غاية السهولة.
على رغم ذلك فإنه من النادر تصويراً لفظاعة الدمار وبشاعته كما هو في فيلم «المستحيل»، كما إنه من النادر أن يتم تصوير جسم الإنسان وهو يبدو ثقيلاً جداً ومرهقاً كما فعل مخرج هذا الفيلم.
تم تصوير معظم مشاهد الفيلم في فندق دُمر جراء كارثة التسونامي، عندما ضربته موجة من الماء. لم يقدم بايونا في الفيلم محاولات هروب خارقة أو بطولات غير ممكنة قام بها أبطال فيلمه لكنه أتاح للكاميرا فرصة لتطيل تصوير الإصابات، والقذارة الضارة التي تراكمت في المنطقة المنكوبة، ولأن تسرد بتفصيل محنة المشي عندما تكون نازفاً وضعيفاً.
ما تمكن الفيلم من نقله بشكل ممتاز هو الجهد الهائل في القيام بأي فعل، أو بالسفر، أو التواصل، أو حتى في الحصول على المساعدات الطبية، حين تكون المرافق الحديثة التي نراهن عليها لتوفير كل ذلك بعيدة عنا تماماً، كما بدا تسلق شجرة صغيرة أمراً صعباً جداً لماريا.
الممثلان ماكغريغور وواتس قدما دوريهما بشكل متقن ورائع، وربما قدما الأداء الأفضل لهما على الإطلاق، واتس استطاعت أن تصور الآلام التي شعرت بها الطبيبة ماريا وخوفها ورغبتها في النجاة حتى شدة الإرهاق الذي شعرت به تمكنت واتس من إيصاله للمشاهد.
لكن الأداء الذي لفت الأنظار في هذا الفيلم كان أداء الصبي توم هولاند البالغ من العمر 16 عاماً، وهو هنا يظهر نجماً في أول أدواره على الإطلاق. يلعب توم دور لوكاس الابن الأكبر للزوجين، والذي يقدم الدور الأكثر حيوية وأهمية في الفيلم، حين تجبره جراح والدته الخطيرة على أن يصبح والداً لها.
أداء توم المذهل والتعبيرات التي ملئت وجهه المليء بالجراح حولا دور لوكاس من مجرد دور لصبي كان يفترض أن يصور على أنه قديس، إلى صبي يمتلئ عزيمة وصلابة، تمكن من أن يبقي طوفان العواطف، التي يمتلئ بها الفيلم، قائماً.
العدد 3794 - الجمعة 25 يناير 2013م الموافق 13 ربيع الاول 1434هـ