العدد 3789 - الأحد 20 يناير 2013م الموافق 08 ربيع الاول 1434هـ

حقبة النضال الحقوقي

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

لكل زمان دولةٌ ورجال، ولكل عصر نهضةٌ ونضال، ونحن نشهد اليوم حقبة النضال الحقوقي الكبير.

في الخمسينات حمل القوميون شعلة النضال التحرري، وبعد هزيمة 1967 حمل اللواء اليساريون حتى نهاية السبعينات، مع انتصار الثورة الاسلامية في إيران، حيث كانت دافعاً قويّاً لبروز الإسلاميين بشتى مشاربهم وتوجهاتهم وانتماءاتهم. واليوم نكاد ندخل حقبة نضال جديدة يحمل لواءها النشطاء الحقوقيون.

الحقبة الإسلامية وصلت إلى نهايتها، فبعض الحركات وصلت إلى الحكم في عددٍ من الدول العربية، وبعضها الآخر انتهى إلى حركات عسكرية عبثية، تمارس العنف المدمر والقتل المفتوح، من دون أن تحمل مشروعاً سياسيّاً للتغيير إلا نحو الأسوأ. وهو ما خلق توجساً عامّاً وتخوفاً كبيراً من حكمٍ متشدّدٍ يضيّق على الحريات ويهدِّد بإعادة طغاةٍ جدد بجلباب إسلامي، لتعيش هذه المجتمعات في حلقة مفرغة من إعادة إنتاج الاستبداد.

حتى بعد وصول الاسلاميين إلى الحكم، نشاهد بوادر هذا التوجس العام من خلال ردود الفعل خلال العام الماضي، كما جرى في تونس ومصر، فالإسلاميون الذين ظنّوا أنفسهم يملكون الحل، وجدوا أنفسهم يصطدمون بميراث النظام الاستبدادي القديم. ولم يشفع لهم التعلل بوجود «الفلول» في تبرير ضعف أدائهم وقصور سياساتهم واصطدامها مراراً بالشارع، حيث انتهت إلى مواجهات وسقوط ضحايا كما كان يجري في الماضي.

للتوثيق، يجب أن نتذكر أن الاسلاميين الذين وصلوا إلى الحكم بفضل وجودهم التنظيمي القديم، وخصوصاً في مصر، كانوا الأبطأ استجابةً للثورة، بسبب ما تعرّضوا له من قمع، ولضعف ثقتهم بالشارع. وما حدث أن الشارع سبقهم، والأحداث المتسارعة جاءت على غير توقعاتهم، فهم لم يحرّكوا الثورة يقيناً وإنما التحقوا بها في منتصف الطريق.

الذين حرّكوا الثورة هم جماعات شبابية جديدة، تحمل فكراً مختلفاً عمّا ساد خلال العقود الأخيرة. لم تكن هذه الجماعات من روّاد المساجد والجوامع وسمَّاع المحاضرات الدينية، وإنّما كانت تتواصل مع أقرانها عبر وسائل جديدة أتاحتها التقنية الحديثة، للتواصل الاجتماعي. ولذلك كانت الحركة مباغِتةً لكل أجهزة الاستخبارات المحلية والدولية، فخرج المارد الحقيقي من حيث لم يحتسبوا؛ فخلخل المعادلات المستقرة طويلاً وقذف في قلوبهم الرعب. وهو ما يفسّر الإرباك الذي أصاب السياسة الأميركية أواخر أيام حسني مبارك، حيث صرحت وزيرة الخارجية بأنها تؤيد بقاءه حتى نهاية ولايته الرئاسية، وذلك قبل سقوطه بأسبوع واحد.

هذا الحراك العربي الكبير، كان للحقوقيين دورٌ كبيرٌ فيه، إذ برزت نخبة جديدة تحمل فكراً تحرريّاً، ذا نزعة إنسانية شاملة، تتكلم بلغةٍ يفهمها كل البشر، وتتعاطف معها كل الشعوب.

هذه النخبة الجديدة من المناضلين، كانت تقوم بتوثيق الانتهاكات والجرائم التي تتورّط في ارتكابها الأنظمة الدكتاتورية، بالصوت والصورة، وتبثها عبر فضاء عالمي، لتجذب مزيداً من الإدانات للجرائم، ومزيداً من التعاطف الدولي، ليس على مستوى الشعوب كما كان في العقود السابقة، وإنما حتى على مستوى عواصم الدول الكبرى. فلغة حقوق الإنسان تحرج حتى تلك الدول في انحيازاتها إلى الأنظمة المستبدة، وتضطرها إلى إعلان مواقف لا ترضاها الأنظمة المستبدة.

خلال خمسين عاماً، سيطرت على عقول الحركات الثورية فكرة أن الثورات سببها الفقر، والربيع العربي أظهر حقائق أخرى، فالناشطون الحقوقيون لم يكن غالبيتهم من الفقراء، وإنّما من طبقات وسطى ومستريحة اقتصاديّاً، حملوا بين جوانحهم وعياً جديداً وفكراً تحرريّاً ونزعةً إنسانية، تغرّد للحرية والكرامة وحقوق الإنسان.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3789 - الأحد 20 يناير 2013م الموافق 08 ربيع الاول 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 15 | 10:09 ص

      نعم

      نعم ، صدقت ، نضال الحقوقين تربية وتدريب الدوائر الامريكية والغربية ، بارك الله لكم

    • زائر 16 زائر 15 | 12:23 م

      نام احسن لك.

      هذا اللي قادرين عليه.. اتهام الناس وكأن البلد ما فيها فساد ولا محسوبية ولا تمييز ولا ظلم ولا تجنيس. ناموا ولا تستيقظوا.

    • زائر 19 زائر 15 | 2:51 م

      لعن الله من يقول

      أخي الزائر من يقول ان البلد ليس فيها ما ذكرت فجوابي لة هو عنوان التعليق لاكن هل تستحق البحرين هذة الفوضي و التخريب واكبر شئ الانقسام بين الشعب يا أخي الزائر لا اعتقد انك ستفرح لو اصبحنا كالعراق او لبنان او اي الدولة من دول الربيع العربي كفاية مقولة الاميركان ( الشرق الاوسط الجديد ) ياليت انت و غيرك يفهمها

    • زائر 13 | 9:10 ص

      جمله

      ولذا نرى كل من يدخل في هذا الإطار الحقوق الإنسانيه يكون خلف إطار السجون .

    • زائر 11 | 3:18 ص

      شرفاء ومخلصين

      أنهم أشخاص آمنوا بمظلومية الناس فقرروا الوقوف مع المظلومين في وجه الظالمين وهذا عمل جبار وشاق الله يعينهم على السير في هذا الطريق الشائك فجزاهم الله خير الجزاء

    • زائر 14 زائر 11 | 9:12 ص

      ياليت

      زائر تقول شرفاء و مخلصين و الله يريدون الوصول علي حسابكم انتم الفقراء و الله ثم و الله لو كما تقول لرايت الكل خلفهم و لاكن اصحاب مصالح وياليت تشوف من وصل الي الحكم في الدول التي بها كما تقولون ثورات ماذا فعلوا الان وتعتبر

    • زائر 9 | 2:03 ص

      يقول المثل العربي (الي ما يعرف الصقر يشويه ) ولو انه في عالم اليوم لا حلال ولاحرام حتى الزواحف تنشوي ؟

      الكتاب يقرأ من عنوانه كما يقولون يقول الكاتب حقبة النضال الحقوقي !
      مع احترامنا لرأي 6 ،7 ما يدرون وين السطور وماتحتها ؟
      انا اقول ان هذه مقولة تؤرخ لفترة زمنية ويمكن التواصل فيها بالبحث وكتابة تاريخ الحركة ــ محددة من الازمنه ؟!
      اخونا العزيز قاسم يمكنك مواصلة المقالات ومن ثم تجميعها لافادة الجميع
      ولكم منا كل الاحترم والتقدير يا اســــــــــــــــــــــرة الوسط والوسطية

    • زائر 8 | 1:26 ص

      سبحانه مقلب القلوب

      الخير لا تستعجلون .. الفرج جاي.. وعلى يد امريكا والقوى الاستعمارية التى بنت وأسست وخططت لما يسمى الفوضى الخلاقة هي نفسها سوف تفضح نفسها وستقوض هذه العنجهية التى هي صنيعتها في العالم الاسلامي برمته .. فقد بذرت بذور القاعدة في العالم الاسلامي لمحاربة روسيا والان ستجني الدمار لا محالة على نفسها وعلى حلفاءها. وهذه سقطة قلما يجود المستعمر بها .. نراها قد أوصلت امريكا الى الحتف الأخير فبهذا الخاتمة نبهت الشعوب للثورة لنيل حقوقها .. ولكن ليس على يد أحفاد القاعدة

    • زائر 7 | 1:08 ص

      مثل

      كلامك ينطبق علي ايران شلون صارت

    • زائر 6 | 1:05 ص

      زائر 5

      انت تتكلم عن السراب إلي موموجود

    • زائر 5 | 12:35 ص

      اللهم عجل الفرج

      طال الأنتظار يا أبا صالح إظهر لتملا الأرض قسطا وعدلا كم ملأت ظلما وجورا

    • زائر 3 | 12:14 ص

      صاق يا سيد

      كلام جميل ////// وتحليل منطقي وبناء
      يختزل التفاوت بين شعوب المنطقه من خلال ارهاصات المرحله لما بعد ثورات الربيع العربي

    • زائر 2 | 12:08 ص

      الله يحفظهم

      الله يذكركم بالخير نبيل والمحافظة والخواجة.

    • زائر 1 | 11:55 م

      احرار

      احرار. شرفاء. طلاب حق وحرية. مناضلون.

اقرأ ايضاً