العدد 3787 - الجمعة 18 يناير 2013م الموافق 06 ربيع الاول 1434هـ

قاسم: المعارضة وقفت موقفاً عنيداً ضد تأجيج الطائفية ... والقطان: الحوار من أهم بوابات الإصلاح

الشيخ عدنان القطان - الشيخ عيسى قاسم
الشيخ عدنان القطان - الشيخ عيسى قاسم

أكد خطيب جامع الإمام الصادق (ع) في الدراز الشيخ عيسى قاسم - في خطبته أمس (الجمعة) أن «المعارضة وقفت موقفاً عنيداً ضد توجه تأجيج الروح الطائفية في البلاد».

وأوضح قاسم أن «السياسة في البحرين عمدت إلى تأجيج الروح الطائفيَّة، وإحداث الانقسام الطائفيّ، والاصطدام الطائفيّ، وخصوصاً منذ انطلق الحراك المطلبي الإصلاحي الأخير لنقل الخلاف من صبغته السياسيَّة إلى صبغةٍ طائفيَّة، ومن كونه خلافاً بين الشعب والحكومة في المسألة ذاتها إلى كونه خلافاً شعبيَّاً بين طائفتين، واستجداءً لنصرة السُّلطة من طرفٍ على حساب طرف، وَوُجِدَت أصواتٌ منتفعةٌ تسند هذا التوجُّه عند السُّلطة، وتنطلق بما يلهب المشاعر، ويثير مخاوف طرفٍ من طرف، ويعتمد في ذلك الأوهام والتصوُّرات الخياليَّة وما لا يحتمله الواقع بحالٍ من الأحوال، ويخلق الأضغان ويثير الحفائظ، ويتوسَّلُ باللغة المستفزَّة من سبٍّ وشتمٍ وتهديد، ويشعل نار الفتنة الطائفيَّة ويوقدها ما استطاع. ويخدم هذا التوجُّه الانقسام الطائفيّ في أكثر من بلدٍ إسلاميٍّ وعربيٍّ، ويساعد على إنجاحه بما يهدِّد هذا الوطن المسكين بالدمار».

وأضاف «كانت المعارضة هنا ذكيَّة - ولا تزال كذلك-، وكان موقفها مشكوراً ومشرِّفاً وحائزاً كلِّ التوفيق -ولايزال كذلك-، حيث وقفت موقفاً عنيداً ضدَّ هذا التوجُّه ومبدئيَّاً من ناحية الحفاظ على هدف الوحدة الإسلاميَّة والوطنيَّة، ولم تستجب لأيٍّ من استفزازات السُّلطة ولا مَن جاراها فيما كانوا يستهدفونه من إشعال نار الفتنة، وتحويل مسار الأحداث من المسار السياسيّ إلى المسار الطائفيّ، وتفجير الوضع على هذا المسار. وعرَّت المعارضة كلَّ ما يخدم هذا الهدف الهدَّام، وحاولت أنْ تصبَّ ماءً بارداً على كلِّ بادرةٍ وشرارة تكاد تنطلق لحرق هذا الوطن الحبيب».

وقال قاسم: «إن الشارع الذي استهدفت كلُّ تلك المحاولات استفزازه ضدَّ المعارضة ونيل تعاطفه مع سياستها ودخوله في معركةٍ مع مسيرات واعتصامات الحراك ومواقع تواجده، - كان ذلك الشارع- أذكى من كلِّ جهدٍ بُذِلَ في هذا السبيل، وأورعَ من الدخول مع إخوة الدين والوطن في معركةٍ يخسر فيها الطرفان لمصلحة طرفٍ ثالث يستهدف الإضرار بهما معاً وهو يدرك أنَّ دين الله لا يقبل هذا الانقسام ولا يقبل هذا الاحتراب، وهو موقفٌ مبارَكٌ مشكور، يستحقُّ التقدير من كلِّ مراقبٍ منصف، وانسجاماً مع موقف المعارضة الرافض للدخول في نفق الطائفيَّة البغيض المظلم، حافظَت على النأي بهذا الوطن عن التدخُّل في الصراع الطائفيّ الذي تثيره الجاهليَّة وألاعيب السياسة في هذا البلد المسلم والعربيّ أو ذاك؛ لتعيش على صراعات الأمَّة وآلامها ودمائها، وتقدِّم خدماتها المخلصة لأعداء الأمَّة والمتربِّصين بها الدوائر، فلم تأتِ من المعارضة كلمةٌ واحدة يمكن أنْ تصبَّ في صالح هدف الفرقة بين المسلمين أو تزجَّ بهذا الوطن في نار فتنةٍ عامَّة، بل دأبت المعارضة هنا على شجب الانقسام الطائفيّ في أيِّ بلدٍ من بلدان المسلمين، والمطالبة بسدِّ باب الفتنة».

ودعا قاسم إلى أخذ العبرة من الدول الأخرى، وقال: «على هذا الشعب الكريم بكلِّ مكوِّناته المحبَّة لخير هذا الوطن وسلامه، المحترمة للوحدة الإسلاميَّة والوطنيَّة، المقدِّرة لإنسانيَّة الإنسان، أنْ يأخذ العبرة من أيِّ بلدٍ ابْتُلِيَ بالفتنة الطائفيَّة بكيد الجهلة والأعداء والسياسة القذرة؛ فعمَّه الخوف والوهن والشقاء، ونالت نار الفتنة من كلِّ أطرافه ومكوِّناته، وألا يستجيب لأصوات الغربان الانتهازيَّة المضحيَّة بمصالح الآخرين - كلِّ الآخرين - وحياتهم وبكلِّ المقدَّسات والحرمات من أجل بذخها الدنيويّ، وترفها الماديّ، وما تتطلَّع إليه من المناصب، وما ترنو إليه من المكاسب التي لا تعني إلا لذَّةً وقتيَّةً عابرة».

وطالب الشعب بأن «يقابل هذه الأصوات البائسة المشئومة بوعيٍ وقَّاد، ورفضٍ قويّ، وصوتٍ وحدويّ، وموقفٍ واحد يجمع على الأمر بالمعروف، ويدعو إلى الإصلاح، وينكر المنكر، ويرفض سياسة الفساد والإفساد».

وتحت عنوان: «وضعٌ شاذّ»، تحدث قاسم في خطبته قائلاً: «واسعٌ هو الحراك الإصلاحيّ والتغييريُّ الثوريُّ الذي شاهدته الساحة العربيَّة في السنتين الأخيرتين ولايزال قائماً. وكلُّ الأنظمة العربيَّة التي حصل هذا الحراك في أرضها استجابت لمطالبه وأمانيه بدرجةٍ وأخرى، بعضها لأوَّل بادرةٍ له تخفيفاً للخسائر وتوقِّياً من المجهول، وبعضها من بعد حين، وبعضها عاند كثيراً ثمَّ أعطى ليناً ولكن بعد فوات الأوان حتَّى انتهى به الأمر إلى السقوط، وبعضها لايزال يعيش معركةً مصيريَّةً ضاريةً».

وأضاف «حتَّى الأنظمة الجديدة التي أفرزها ما اصْطُلِحَ عليه بالربيع العربي واجهت معارضةً ويظهر منها كلِّها أو بعضها أنَّها لا تريد أنْ تكرِّر تجربة الأنظمة التي جاءت هي بديلاً لها بفعل ثورات الشعوب في الأخذ بطريق القوَّة الباطشة التي تفجِّر الأوضاع أمامها بما تحذر منه كلّ الحذر. وبذلك صارت هذه الأنظمة الجديدة تميل إلى التفاهم والحوار، وتقدِّم من التنازلات ما ترى أنَّه يمكن لها أنْ تقدِّمه».

وتابع حديثه «أمَّا البحرين ففريدةٌ من بين كلِّ بلدان الحراك العربي، والجهات الرسمية هنا موقفها شاذٌّ كلَّ الشذوذ، خارجٌ عن كلِّ السياق الذي سلكته الأنظمة التي شهدت هذا الحراك بمستوياته وسقوفه المختلفة. هنا مطلبٌ إصلاحيّ ولا شيء يذكر من الإصلاح، هنا مطالبةٌ سلميَّةٌ تُوَاجَهُ ببطش القوَّة، هنا شجبٌ للعنف يقابله عنفٌ عمليٌّ ودعوةٌ للعنف، سنتان من عمر الحراك، ثانيتهما على مشارفة الانتهاء ولا جنوح من السُّلطة إلى سماع نصحٍ ولا خطوة منها في اتجاه الإصلاح».

وفيما يخص الواقع القائم في العراق؛ ذكر قاسم أن «المرجعيَّة الدينيَّة الرشيدة بوعيها الدينيّ، وبصيرتها العمليَّة، ورشدها وحكمتها، وحسِّها الإيمانيِّ العميق، وشعورها بمسئوليَّتها الشرعيَّة الثقيلة، وتقديرها لمصلحة الوطن، طرحت الرأي الإصلاحيَّ الناضج الذي يقوم على رؤيةٍ إسلاميَّةٍ ووطنيَّة. وكلَّ ما يستهدف هذا الطرح هو نزع فتيل الفتنة التي تهدِّد العراق، ومن أجل أنْ يتوحَّد العراق بكلِّ مكوِّناته في الاتجاه الصحيح، وعلى الطريق الذي يعطي لكلِّ العراقيين الأمن والاستقرار، والتمتُّع بالحريَّة، والتمتُّع بكامل الحقوق».


القطان: الحوار من أهمِّ بوابات الإصلاح وأوسعها

وفي خطبته بمركز أحمد الفاتح الإسلامي أمس (الجمعة)، قال الشيخ عدنان القطان: «إن الحديث عن الإصلاح والتغيير حديثٌ ذو شُجون، وميادينُ الإصلاح والتغيير كثيرةٌ؛ في إصلاحِ الفرد، وإصلاح المجتمَع، وإصلاح الدين، وإصلاحِ الدنيا، في شئونِ الاقتصاد والمال والاجتماعِ والسياسةِ، والتعليم والعِلم والعمل، والرِّجال والنساء، والأُسَر والبيوت. وإنَّ من أهمّ بوَّابات الإصلاح وأوسعِها وأعظمها أثراً بوّابة الحوار والنقاشِ وما يتداوله الناس مما أطلقوا عليه حريّة الكلمة، حرية التعبير والانفتاح، وما تولّد عن ذلك مِن حديثٍ عن الإقصاءِ والتهميش والمصادَرَة والتصنيف وغيرها من الكلمات والمصطلَحات والتعبيرات، ممّا يتداوله الكتَّابُ والمثقفون، وبعض وسائل الإعلام ويوظِّفه الموظِفون، بحقٍّ وبغير حقّ، وبحُسن قصد وسوءِ قصد، وبفهمٍ وبغير فهم، والموضوع كبيرٌ وخطيرٌ، تدور عليه مصائِرُ أفراد وأمَمٍ وبناء بيوتٍ ودول».

وأشار إلى أن «أخصّ خصائصِ الإنسان أنّه وحدَه المخلوق الناطق، الإنسان ينفرِد بالنطق، ويتميّز بصوتِ الكلمة، والكلمة هي لَبوس المعنى وقالَبه، والإنسان هو المخلوق الفريد القادِر على التعبير عمّا بداخله من عواطفَ وانفعالاتٍ وأشجان ومقاصدَ ورغبات وإرادات، يعبِّر عنها بالقولِ وبالكتابة، باللّسان وبالقلم وبالمشاعر، وبوسائل التواصل الحديثة، بل الإنسان هو المخلوق الوحيد الذي يطلِق الحرّيّاتِ ويكبِتها بعدلٍ وبظلم، والرابط بين الإنسان والإنسانِ هو الحوار وتبادلُ الكلام، ومن تكلَّم وحدَه أو خاطب نفسَه عُدّ من الحمقى وناقصِي العقول، إن لم يكن من المجانين وفاقدِي الأهليّة. والمرء حين يتكلَّم لا يكلِّم نفسه، ولا يتكلَّم من أجلِ نفسه، لكنه يتكلَّم ليسمِعَ الآخرين ويسمَع منه الآخرون، يتكلّم ثم ينصِت، أو يتكلّم بعد أن ينصت. إنَّ الناس تتبادَل الكلام فيما بينها للبناءِ والتفاهم، وليس للمواجهة والتصادُم. من أجلِ هذا كلِّه؛ فإنَّ الكلمة هي عنوان العقلِ وترجمَان النفس وبرهان الفؤادِ، فالكلمةُ لها مكانتُها، بل لها أثرُها وخطرُها. ومن أجلِ هذا فيجب أن تكونَ لها حرّيّتُها، كما يجِب أن تضبط حرّيّتها؛ فالحرية مسئوليةٌ».

وواصل القطان حديثه «ليس من المبالغة إذا قيل إنَّ الحياة البشرية بناؤها على الكلمةِ، بل إنَّ دين الإسلام الذي جاء به محمّدٌ (ص) قام على الكلمةِ وأسِّس عليها، وقد استقبل الإسلام الكلِمةَ من السماء بأمانة، وأرسَلها إلى الناس بالحقّ. الرسالة والدعوةُ والتبليغ كلُّ ذلك بالكلِمة، والسِّفر العظيم الذي تنزَّل على قلبِ محمد (ص) هو كلام الله عز وجل وكتابُه، وهو القرآن الكريم، كتابٌ عزيز، وبكلمةِ الحقّ الصادقة النزيهة تُبنى العقول وتُشاد الأوطان، وهي عِماد التربية، إن صلَحت الكلمة صلَح المجتمع كلُّه، والصدقُ يهدي إلى البرّ، وللكلمةِ قوّةُ السيف في البناء والتغييرِ والإصلاح، والعاقل من الناس لا يتكلّم إلا لحقٍّ يبيِّنه أو باطلٍ يَدحَضه أو علمٍ ينشره أو خيرٍ يذكره أو فضلٍ يشكره، وتركُ الفضول من كمالِ العقول. بكلمة الحقِّ يظهر البيانُ وتوصَف الأشياء، والكلمةُ تنبِئ عن الضمير، وتفصِل في القضاء وتشفَع في الحوائج وتعِظ عندَ القبيح.

الكلمةُ تفرِح وتحزِن، وتجمَع وتفرِّق، وتبني وتهدِم، وتُضحك وتُبكي. كلمةٌ تنشرح بها الصدور، وأخرى تنقبِض لها النفوس. بالكلمةُ تكون التربية والتعليم، وتنتشِر الدعوة والفضيلة، هذا هو الإنسان، وهذه هي الكلمةُ في حقيقتِها وطبيعتها وأثرِها، فكيف تكون حرّيّة الكلمة؟ وكيف تُفهَم حرية التعبير؟ الحرية مسئوليةٌ، والغاية هي الإصلاحُ والبناء وليس الهدم والإفساد، والتعاونُ والتفاهم وليس الشّقَاق والتّصادم. حرّيةُ التعبير، وحرّيَّة الكلمة، والكَلمةُ الحرّة، قِيَمٌ حضاريّة عالية، بل إنها منجَز من منجزات البشرية الخلاّقة، لها المكان الأرفَع والاحتفاء الأَسمى. ومنَ المعلوم لدى العقلاء أن الإنسان يوزَن بكلامه، ويحكَم عليه من لسانه، فالساكتُ في مَوضِع الكلام محاسَب، والمتكلِّمُ في موضعِ السكوتِ محاسَب، والساكتُ عن الحقِّ شيطانٌ أخرَس، وكلامُ الزور إثمٌ وفجور، والكذِب يهدي إلى الفجور، وكفَى بالمرء إثماً أن يحدِّث بكلّ ما سمِع».

وبين القطان أنه «في حرّيّة الكلمة وحريّة التعبير تقدَّر الكلمة بآثارِها وما يترتَّب عليها من مصالح ومفاسِد، فكلمة الصّدق والحقِّ مطلوبةٌ ممدوحة، وكلمة الباطل منهيٌّ عنها ومذمومة، والمرءُ يدخل في الإسلام بالكلِمة، ويخرج من الملَّة بكلمةٍ، وضبطُ الكلام ووَزن الحديث من سمات أهل العَقل والعِلم والإيمان، وبالتالي لا بدَّ لهذه الحرّيّة من ضوابط، ولا بدَّ لهذه المسئوليّة من معايير، وبغيرِ الضوابطِ والمعايير تنبُت الفوضى العَمياء التي تُعلِي شأن الظلم والظالمين، وتزيِّف الحقائق، وتقود إلى النتائجِ العكسيّة، فيخنَق الضمير وتموت الحرية».

وشدد على ضرورة أن يُراعى في ضوابط حريّة التعبير وحرية الكلمة والكلمةِ الحرّة، الإخلاصَ وقصد الحق، والتجرّد من نوازِع الهوى وحظوظ النفس، والحذَر من توظيف الكلمة للانتصارِ للنفس والعصبيّة، لفئةٍ أو مذهب أو طائفة أو قبيلة أو فكرة، فهذا بغيٌ وظلم. يجِب مراعاةُ ظروفِ الزمان والمكان والأحوال في الحوارات والمناقشات والردود وخطاب الناس، وتتأكَّد أهمية الكلمة ودقّةُ اختيارها ورعايةُ أدب الخلاف وأصول الحوار، فلا يتكلَّم متكلّم إلا بدينٍ وإخلاص وعِلم. يراعَى أحوالُ المخاطبين علماً وثقافة وخَوفًاً وأمناً، تُراعى أجواءُ الفِتن وأحوالُ الاضطراب والحِفاظ على الأمة في اجتماعِ كلمتها وهدوئِها والحِفاظ على الجمَاعة والوحدة. يجب تخفيف أجواء التوتُّر وبسطُ ثقافة التعاوُن والمحبَّة وحُسن الظنّ وابتغاء الحقّ والتجرّد له وقَبوله ممن جاءَ به وحقّ الاختلاف، مع التأكيد واليقين أن هذا لا يتعارض مع حقِّ الدفاع عن القناعاتِ والردّ على المخالف بأدبٍ وسلامة قصدٍ وصدر وتلمُّسٍ للحق في علمٍ وبصيرة وهُدى. كما لا تجوز السخريةُ بالناس ولا الاستهزاءُ بهم ولا الكذب عليهم، ولايجوز الغمز واللمز والطعن واللعن والسب للرموز من الأنبياء والآل والصحب الكرام، والمقدسات ولا للعلماء ولا لولاة الأمور، ولا يجوز التساهل بتكفير الناس وتفسيقهم ولا التعرض لأعراضهم وخصوصياتهم بالتشهير بغير دليل ولا برهان، ولا التطاولُ على الحقّ، فهذه ليست حرية تعبيرٍ ولا حريةَ رأي، لكنها فوضَى وهمجيّة، بل سلوك لا يلِجُه مَن يحترم نفسَه ويحترم الآخرين.

وذكر القطان أن «المتأمل لموقف الإسلام من حرية الرأي يمكن أن يستلهم قواعد عامة تجلي الموقف من حرية الرأي ومساحتها المسموح بها والممنوع منها، أولاً: إن الإسلام عظّم من مكانة الرأي وأعلى من شأنه، سواء أكان هذا الرأي كلمة منطوقة أم مكتوبة، ثانياً: إن هذا الرأي ليس بضع كلمات يلقيها الإنسان ثم يتفلّت من تبعاتها، كلا، بل هي حرية تصاحبها مسئولية ومحاسبة، ثالثاً: إن الإسلام أمر بالرأي الحسن والقول المؤدّب، وفي المقابل نهى الإسلام عن إبداء الرأي السيّئ، أي‏ أنه يجوز له أن يدعو على من ظلمه ويتشكى منه، من غير أن يكذب عليه ولا يزيد على مظلمته، ولا يتعدى بشتمه غير ظالمه، ومع ذلك فعفوه وعـدم مقابلته أولى، رابعاً: إن الإسلام جاء بحفظ ضرورات خمس، منها حفظ الأعراض، ومن هذا الباب حرّمت الشريعة جملة من الآفات التي فيها ضرر بالآخرين، كالقذف والغيبة والنميمة والبهتان والتنابز بالألقاب وغيرها، فلا يجوز الولوغ في أعراض المسلمين أو التهكّم بهيئاتهم تحت شعار حريّة الرأي، خامساً: إن الإسلام نهى عن إبداء الرأي بلا علم، فليتكلم كل إنسان بما يحسن، وليترك ما لا يحسن، وليحترم كلّ امرئ تخصّصه، ولا يتطفّل على تخصّصات الآخرين فيأتي بالعجائب، سادساً: إن القضايا العامة والنوازل المتعلّقة بقضايا الناس ومصالحهم لا بد من ردّها إلى كتاب الله وسنة رسوله لمعرفة حكم الشرع فيها، سابعاً: إن حرية الرأي يجب ألا تطول المقدّسات الدينية والثوابت الشرعية كأصول الاعتقاد والنصوص القطعية، فلا حرية ولا تسامح مع الآراء المعاكسة للشريعة تحت أي شعار كانت، وإلا لتهدم بنيان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والأخذ على أيدي السفهاء، ويبقى باب حرية الرأي مفتوحاً في الأمور المباحة والمسكوت عنها وما يتعلّق بمعاش الناس الدنيويّ، وهي أبواب واسعة وكثيرة يصعب عدّها وحصرها.

العدد 3787 - الجمعة 18 يناير 2013م الموافق 06 ربيع الاول 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 11 | 4:43 ص

      ابو سامي تاج على الراس

      وأضاف «حتَّى الأنظمة الجديدة التي أفرزها ما اصْطُلِحَ عليه بالربيع العربي واجهت معارضةً ويظهر منها كلِّها أو بعضها أنَّها لا تريد أنْ تكرِّر تجربة الأنظمة التي جاءت هي بديلاً لها بفعل ثورات الشعوب في الأخذ بطريق القوَّة الباطشة التي تفجِّر الأوضاع أمامها بما تحذر منه كلّ الحذر. وبذلك صارت هذه الأنظمة الجديدة تميل إلى التفاهم والحوار، وتقدِّم من التنازلات ما ترى أنَّه يمكن لها أنْ تقدِّمه».

    • زائر 7 | 12:47 ص

      لولا حكمة المعارضة هذا فعلا ما حصل

      كلنا سمع الشيخ علي سلمان مرّات يؤكد على احترام الاخوة السنة ولا يرضى عليهم بأقل القليل حتى رجال الامن لم يقبل التعدي على معتقدهم ومذهبهم
      وكان يحمّل الجميع في كل حديث.
      خطب الشيخ عيسى قاسم من قبل الازمة الى الآن كانت دائما مطالبة بالاخوّة والوحدة وان كان اكثر الظلم والضيم مركز على طائفة معينة بذاتها لكن من يلاحظ
      خطب الشيخ لا يلاحظ فيها التطرق الى حقوق طائفة بعينها الا بقد ما يحل بها من ظلم سافر

    • زائر 6 | 11:57 م

      الله يحفظ الشيخين قاسم والقطان

      خطبكم هذا الاسبوع في الصميم بس هل من متعقل يوزن كلامكم وكلماتكم التي تدعوا للاصلاح.....

    • زائر 5 | 11:54 م

      ولكن الله ستر

      عمدت السياسة في البحرين إلى تأجيج الروح الطائفيَّة واخذت تولول بان شرخا قد حصل بين الطائفتين وان اللحام انكسر ولكن الشعب بجميع مكوناته ابى تمرير هذه السموم لان الشعب في الاصل جبل على التعايش السلمي رغم المنغصات من بعض من طغى الحقد والكراهية على قلوبهم

    • زائر 3 | 10:40 م

      كلمة الحق

      شكرا لكل من يطالب بحقوقنا

اقرأ ايضاً