لأن «التلويص» في البحرين عملية واسعة النطاق، لا يمكن أن تختزل في مقالٍ أو اثنين أو حتى 100 مقال؛ فإن «تلويص 2» جاء ليستكمل بعض الأمور التي يُراد منها ذرّ الرماد في العيون أو «تمشية شغل»، إلا إنه بالتأكيد لن يشملها جميعها لأن كل مواطن بإمكانه أن يتحدث عن «التلويص» الذي يصادفه يومياً في الكثير من المؤسسات.

ولنبدأ اليوم مع تصريحات الكتل النيابية «التلويصية» بشأن رفع الرواتب، فالمواطن في الدول الخليجية الأخرى ربما لا يطالب بشيء، بل يستيقظ صباحاً ليقرأ خبراً عن زيادة رواتب المواطنين بنسبة تصل إلى 100 في المئة، والملاحظة هنا كلمة «المواطنين»، إلا أن الزيادة التي يحلم بها المواطن البحريني طوال السنوات الماضية تمر أحياناً دون زيادة! وأحياناً بزيادة مع سحبها من الجيب بزيادة الأسعار. وعندما تُقر الزيادة فإنها تكون بـ «التلويص»، فلا هي الزيادة التي يتوقع أو ينشد، ولا هي تشمل جميع المواطنين.

وفي إطار العملية «التلويصية»، ومن أجل أن لا يقول أحد ان النواب لم يطالبوا بزيادة رواتب القطاع الخاص، تم إضافة القطاع الخاص ضمن الفئات المطالَب بزيادة رواتبها، ولكن لمَن تصل رواتبهم إلى 300 دينار فأقل، على أن يتم صرف 50 ديناراً لكل منهم.

ولم يتضح هل سيكون فيها تسجيل وإذلال أم لا؟ والسؤال هل المواطنون الذين يعملون في القطاع الخاص، ورواتبهم 300 دينار وفلس واحد فما فوق، خارج نطاق المواطنة؟ من الذي أخرج باقي موظفي القطاع من مسئولية الدولة؟ ألا يكفي التمييز الذي يمارس ضد موظفي القطاع الخاص كأحد أنواع التمييز في البحرين؟ آلاف الموظفين البحرينيين سيتم حرمانهم من حقهم في إطار عملية «تلويصية» جديدة، وذلك بعد أن ظلوا خارج التغطية، في ممارسة للتمييز ضدهم لسنوات طويلة.

وحكاية المواطنين في القطاع الخاص إنما تختصر مشاهد كثيرة من التمييز في هذا البلد. والغريب أن الزيادة تشمل موظفين أجانب رواتبهم تفوق رواتب المواطنين بعشرات الأضعاف، وذلك في إطار تكريم المواطن وفق معايير «التلويص»!

ولأن «التلويص» عملية منتشرة؛ فإن البعض يحسبُ أن الانتماء إلى البحرين بلبس «الغترة» و»العقال» في مواقع التواصل الاجتماعي كـ»تويتر» وغيره، غير أن هذا لا يعدو كونه انتماءً بـ»التلويص» يا «ملوص»، ومصير العلكة الملصوق بها العقال «تقبع من مكانها» ويطير العقال.

وبالمناسبة، بعض البيانات الصادرة عن عدد من الجهات الحكومية لا تعدو كونها «تلويص»، ولكنه «تلويص» فاشل؛ فلا الناس تصدّق ولا العالم يجهل ما يجري.

وأقول، وفّروا «البيزات» والجهد لخدمة المواطن أفضل! فالإعلانات عن بعض الإجراءات في بعض الجهات، منها محاربة الفساد والالتزام بالقوانين ومحاسبة مرتكبي المخالفات والتحقيق فيها، ما هي إلا «تلويص» فقط لا غير.

على إن إحدى أكبر عمليات «التلويص» هي الحديث عن الشفافية، فالشفافية عندنا لا يوجد لها مثيل، والدليل واضح أن البحرين أرخبيل من 33 جزيرة لا يعلم المواطن عن أكثر من 90 في المئة منها شيئاً، وهذا طبعاً في إطار زيادة جرعات الشفافية!

«الأشغال» تواصل «التلويص»

بعد أن كانت وزارة الأشغال تقوم بعملية «التلويص» في مجمع 531 بالمرخ يوماً واحداً في الأسبوع، عملت خلال الأسبوع الماضي على إسراع وتيرة العمل، وهذا أمر جيد، ولكن الأمر غير الجيد هو الأسفلت الرديء والسيء الذي يتم وضعه، والذي «اخترب» قبل أن تغادر الآليات موقع العمل! فإذا كانت الوزارة على غير علم فتلك مصيبة، وإن كانت على علمٍ فالمصيبة أعظم!

على أن الحفرة الموجودة بالقرب من قرية الهملة منذ سنوات تم ردمها، ولكن هل ستعود أم أن عملية «التلويص» كانت محكَمة هذه المرة؟ هذا ما ستكشفه الأيام.

ولا أعلم متى ستتكرم الوزارة على الأهالي في بعض المناطق بوضع مرتفعات، هل ننتظر حوادث مميتة أخرى؟ أم لأن المحاسبة لا تشمل أحداً من المقصّرين في هذا البلد؟ فالعملية استهتار بالأرواح!