نواصل ترجمة واستعراض دراسة الباحث في معهد (RUSI) بالمملكة المتحدة، ماثيو ويليس، الحاصل على شهادة البكالوريوس من جامعة تورنتو بكندا، ودرجة الماجستير في كلية لندن للاقتصاد (LSE) في العلوم السياسية، حيث يركّز على منطقتي الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
يعتبر ويليس الانسحاب البريطاني من الخليج نهاية مرحلة للأمن الإقليمي، لكن تأثيرها على العلاقات الثنائية أقل وضوحاً. فمن ناحية، إنهاء الاتفاقيات التي بموجبها توفر بريطانيا الحماية للإمارة الصغيرة قد انتهت وأضحت البحرين دولة ذات سيادة كاملة، وبغض النظر عن حميمية العلاقات بين البلدين الحليفين، فإن هناك مسافة جديدة بينهما هو الفارق ما بين الحميمية والحليف. ومن أبرز نتائج ذلك انحياز البحرين نحو شقيقتها الكبرى، وتنجز تأثير بريطانيا في السياسات المحلية في البحرين.
على رغم ذلك فإن الرابط القوي ما بين البلدين مستمر، فيتحدث المسئولون البحرينيون ليس عن صداقة عميقة فقط، بل اعتماد وامتنان لبريطانيا على دورها في تطوير البحرين، بل وفي بعض الأحيان حنين للعهد البريطاني مقابل التقدم المحرز. هناك أيضاً انفتاح غير عادي أو انفتاح مهني لتلقي نصائح بريطانية في قضايا معينة.
وعلى رغم وجود درجة من الشاعرية في علاقات البحرين ببريطانيا، فإن الوجود السياسي البريطاني في البحرين هو بخلاف ما جرى في المستعمرات السابقة مثل فلسطين والعراق ومصر، حيث يستذكر بالامتنان حقيقة وجود منافع متبادلة. وتحدّث أحد المستشارين الحاليين خلال طاولة مستديرة نظمها معهد (RUSI) «في هذا الربيع نستذكر زيارة اللورد كيرزون إلى الخليج في 1915 الذي قال: لقد كانت تجارتنا وتأميننا للأمن محل مخاطر تطلبت الحماية. لم نستولِ على بلدانكم ولم نقضِ على استقلالكم ولكن حافظنا عليه ويتوجب المحافظة على السلام في هذه المياه وسوف تستمر المحافظة على استقلالكم».
كما أن رئيس أكبر تنظيم سياسي معارض (الوفاق)، لاحظ حين يستذكر حكم البريطانيين أنهم كانوا عادلين ولم يتسامحوا مع التمييز. كما يستذكر أن بلغريف كان يأتي إلى أماكن تجمعات الناس، وعلى رغم ذلك ليس هناك من إجماع بحريني على التقييم الإيجابي للدور البريطاني، حيث إن أحد مسئولي حزب «وعد»؛ كبرى تنظيمات اليسار، ثمّن نجاح البريطانيين في خلق أجهزة الدولة، لكنهم فشلوا في مسئوليتهم الأدبية في الضغط لانتقال البلاد إلى الديمقراطية في السبعينيات. ووصف سفير بريطاني سابق السلوك الرسمي تجاه البريطانيين حيث كانت البحرين بيئة سهلة للعمل الدبلوماسي، وكان الناس يدركون أن بريطانيا أمّنت هيمنتهم، حسبما ينقل ويليس، من دون أن يقدروا محاولة بريطانيا كبح جماحهم.
كما أن دبلوماسياً سابقاً خبيراً بشئون المنطقة، لاحظ أن العلاقات الاستخباراتية بين البلدين، أمّنت تدفق معلومات استخباراتية حسّاسة من البحرين إلى بريطانيا وليس العكس. وليس من شك أنه في سياق دورها التاريخي المتأصل في رؤيتها الاستراتيجية، فإن المسئول البريطاني يختلف في أولوياته وصلاحياته عن نظرائه الخليجيين. وقد تحدّث معظم من جرت مقابلتهم بحرارة عن مواطني البحرين، ولكنهم تحدّثوا بحماسةٍ أقل عن علاقات البلدين مع لهجة انتقادية، ويلمس المرء من حينٍ لآخر نزعةً أبوية.
ويطيب للمسئولين البريطانيين في وزارة الدفاع ووزارة الخارجية والكومنولث التذكير بأن البحرين واحدة من الدول الخليجية التي تعتمد عليها بريطانيا كحليف، وتذكر عمان كذلك. وهناك تقديرٌ عالٍ لما تقدّمه البحرين لبريطانيا خلافاً لتملص جيرانها، حيث إن التسهيلات المقدّمة لسلاح الجو الملكي مكّن طائرات التورنادو من التوجه لأفغانستان. وقيّم مسئول في وزارة الدفاع أهمية البحرين الاستراتيجية في إطاره الصحيح بأن التقييم الرسمي البريطاني لمراجعة استراتيجية الدفاع والأمن للعام 2012، في ظل اقتصارها على حاملة طائرات واحدة، وذلك بثقتها في توفر التسهيلات العسكرية في البحرين وأكثر من بلد.
ويعترف الدبلوماسيون الذين خدموا في البحرين بقيمة حليفهم، لكن تقييمهم للوضع الداخلي مقلق. ويعتبر هؤلاء أن البحرين الأكثر تقدماً بين دول الخليج، فهي أول من اكتشف النفط وبدأ التصنيع والإقدام على تنويع الاقتصاد والليبرالية، وبالتالي عايشت تحديات لا سابق لها.
ويجمع هؤلاء بين إعجابهم وتعاطفهم مع بلدٍ يعتبر شعبه استثنائياً في المنطقة، مع وجود مشتركات مع الشعب البريطاني، حيث يوصف المواطن البحريني العادي بجديته في العمل وإبداعه. كما يتحدث المسئولون البريطانيون بإعجاب عن طريقة تفكير الملك وولي العهد وبرامج الإصلاح الطموحة التي جرى تدشينها في بداية القرن. كما يعبّرون عن امتعاضهم من التمييز الممنهج والمؤسساتي ضد بعض البحرينيين.
إن تجربة عقدٍ من ممارسات الدولة بما في ذلك توزيع الدوائر الانتخابية غير العادل، ومصادرة أراضي القرى، والإخلال بالتركيبة الديمغرافية، والتشويه السيئ وتدمير شخصية المعارضين، لا يترك طعماً حلو المذاق في أفواه الدبلوماسيين. لقد جرى ذلك في التقرير المثير للجدل الذي جرى تسريبه العام 2006، وشكّل صدمةً كبيرة. وعلى رغم أن هؤلاء الدبلوماسيين يميلون لمنح حكومة البحرين ميزة الشك، فإن معظمهم يغالب سخريته مما يجرى لئلا يبوح به.
مجرد انتفاضة أخرى؟
فوجئت وزارة الخارجية بالربيع العربي كما هو حال العواصم الغربية الأخرى، آخذين في اعتبارنا القوى الهائلة والنتائج بعيدة المدى التي أطلقها الربيع العربي، وعلى رغم بعض التنبؤ وغياب اليقين، فقد كانت الخارجية مدركة جيّداً للموقف في البحرين. هنا تتضافر كل من الاستراتيجية والتاريخ والرؤية لتشكيل تعاطيها مع أحداث 2011.
لقد تصاعد التوتر بشكلٍ مستمرٍ في البحرين خلال السنوات الماضية. ويتذكر دبلوماسي بريطاني شعوراً عاماً في أوساط الناس، بفقدان زمام المبادرة في تنفيذ المشروع الإصلاحي، الذي جاء نتيجة سنوات من الاضطرابات في التسعينيات، وكان القرار حينها أن الإصلاح قادرٌ على إعادة الاستقرار للبحرين.
كان التوتر في أوجّه في أوساط الفئة التي تعاني من التمييز، وقد جرى تكراراً تحذير السفير البريطاني السابق في البحرين جيمي باودن من قبل المعارضة المعتدلة، من أن تعثّر العملية الإصلاحية سيؤدي إلى زعزعة الاستقرار، وستكون المبادرة بيد المتشددين. وبالفعل فإن سلفه روبن لامب الذي خدم في العراق، حذّر حكومته من أن تعثر الإصلاحات سيجر إلى مشاكل. وثبت أن هذه التوقعات كانت صحيحة. فعندما قامت الشرطة باعتقال ما يقارب 230 محتجاً في أغسطس/ آب 2010 بتهمه الترويج لأخبار كاذبة، واللقاءات مع منظمات خارجية ومحاولة زعزعة استقرار البلاد، بدأت الاحتجاجات متدنية العنف التي تميّز ليالي البحرين بالتحوّل إلى ظاهرةٍ أوسع، وإعاقة الحركة على الطرقات الرئيسية واشتباكاتٍ مع الشرطة.
وذكرت الحكومة أنها ترد على تهديدات للأمن الوطني، حيث قامت بمحاكمة 23 من هؤلاء بموجب قانون حماية المجتمع من الإرهاب، لكن التقارير الواردة حول التعذيب وحملة التشهير في الصحافة، ألهبت الكراهية الطائفية، مشيرةً إلى مشاكل أعمق. ورداً على ما يجرى فقد عبّرت الخارجية البريطانية عن قلقها بتعبيرات قوية. وبعد ستة أشهر، وصلت أخبار المظاهرات العارمة للمعارضة التي انطلقت في 14 فبراير 2011، وتمسكت الخارجية البريطانية بالخط الذي اتخذته خلال 2010، حيث أيد وزير الخارجية البريطاني وليم هيج خلال جولته في المنطقة في 8 – 18 فبراير 2011 الإصلاح الاقتصادي والسياسي كطريقٍ لتعزيز الاستقرار واحترام حقوق الإنسان كمكوّنٍ أساسي تجاه التعامل مع الاحتجاجات. واجتمع هيج في البحرين مع ممثلي منظمات حقوق الإنسان وعبر عن قلقة للتحديات التي تواجههم.
وكما هو الحال عندما اندلعت الاحتجاجات لأول مرة، فقد تحدّث هيج مباشرةً مع سمو ولي العهد الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ومسئولي وزارة الخارجية، حاثّاً على السماح للمحتجين الوصول إلى دوار اللؤلؤة، وهو محل التجمع للاحتجاج الجماهيري المشهور، حيث تحدّث وزير الدولة لشئون الشرق الأوسط ألستر بيرت في 16 فبراير 2011 بشكل قاطع عن قلق الخارجية من استخدام السلطات البحرينية «القوة المفرطة»... «وتدعم المملكة المتحدة دائماً وتدافع عن الحق في الاحتجاجات السلمية وحرية التعبير، وإنه لوقت حاسم لتتحرك حكومة البحرين بسرعة للوفاء بالتزاماتها بإجراء تحقيق شفاف في حوادث وفاة الأمس وادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان. وإنني أدعم التقدم في الإصلاحات في الماضي القريب، لكن المطلوب استمرار العملية للاستجابة لتطلعات الغالبية من الناس لمزيد من الحريات السياسية والاجتماعية».
وبعد ثلاثة أيام من حدوث عملية القتل بحق المحتجين، اندلعت أعمال عنف استمرت في الانتشار، وتحدّث وزير الخارجية مع ولي العهد مجدداً ليعبّر عن معارضة المملكة المتحدة الحازمة لاستخدام الذخيرة الحية، ومجدّداً تأكيده لوضع حدٍ لاستخدام القوة ضد المحتجين المسالمين. بعد ذلك وجّهت الخارجية تعليماتٍ إلى سفارتها في العاصمة البحرينية (المنامة) بأن أولوية الدبلوماسية البريطانية هو تحقيق حوارٍ بين المعارضة وولي العهد الأمير سلمان، ويتوجب أن يكون ذلك بالتشجيع القوي، حيث إن الوساطة مستبعدة تحت ظلّ أي ظرف، وهو خط ثبت صعوبة الالتزام به. (يتبع).
إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"العدد 3780 - الجمعة 11 يناير 2013م الموافق 28 صفر 1434هـ
دعاية
وعلى رغم ذلك ليس هناك من إجماع بحريني على التقييم الإيجابي للدور البريطاني، حيث إن أحد مسئولي حزب «وعد»؛ كبرى تنظيمات اليسار، ثمّن نجاح البريطانيين في خلق أجهزة الدولة...............هل هناك أحزاب في البحرين ..و التحجيم والنفخ المصطنع...كاالعاده...!..كما أن الاستعمار يبقى استعمارا بالرغم من كل التصورات والإحلام المريحة...بعيداً عن رحلة المعاناة والألم..
ماهذا التفكير الساذج؟؟
لباحث في معهد (RUSI) بالمملكة المتحدة، ماثيو ويليس "دبل ساذج"..والا كيف يقول ويجزم بان " فوجئت وزارة الخارجية بالربيع العربي " وههم من خلال عملاؤهم البريطانين المتحكمين في كل المنافذ الحساسة في البلد يعرفون كل شاردة وواردة تدخل وتخرج من البحرين ولا ننس ايضا العملاء من غير البريطانيين فحدث ولا حرج.. وعلي مقولة الاخوة المصريين .."آل فوجئت آل.."
الباحث في معهد (RUSI) بالمملكة المتحدة، ماثيو ويليس "دبل ساذج"..والا كيف يقول ويجزم بان " فوجئت وزارة الخارجية بالربيع العربي " وههم من خلال عملاؤهم البريطانين المتحكمين في كل المنافذ الحساسة في البلد يعرفون كل شاردة وواردة تدخل وتخرج من البحرين ولا ننس ايضا العملاء من غير البريطانيين فحدث ولا حرج.. وعلي مقولة الاخوة المصريين .."آل فوجئت آل.."
لاتزال بريطانيا المستعمره
جون تيوس والاستشاريين الذين في وزارة الداخلية
يد بريطانيا ليست نظيفة مما حصل لهذا الشعب
عن نفسي كمواطن بحريني وجهة نظري ان لبريطانيا يد فيما حصل ولا زال يحصل للشعب البحريني من قتل وقمع وتعذيب فالجهاز الامني قام ويقوم بتوجيه خبراء بريطانيون.
الكثير من شعب البحرين يعرف هذه الحقيقة ويعرف ان الحكومة البريطانية لها جزء كبير من المسؤلية في الجرم