العدد 3778 - الأربعاء 09 يناير 2013م الموافق 26 صفر 1434هـ

فلا هي أطعمتها

مريم أبو إدريس comments [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

كبرنا ونحن نقرأ ونستمع إلى حكاية المرأة مع الهرة، التي قال فيها رسول الله (ص): «دخلت امرأة النار في هرة حبستها فلا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض».

ربما بعد أربعة عشر قرناً، أصبح العالم يعج بالمنظمات والجمعيات المعنية بالرفق بالحيوان، ولا نكاد نرى حيواناً ضالاً جائعاً، فالقيمة الأخلاقية للتوصية النبوية أتت أكلها ضعفين، فيكاد المرء يرى جموع الناس تخرج بعد الوجبات لتترك بقايا الطعام للقطط أو الكلاب المحرومة، لكننا نقف مشدوهين، حين نجد أن فئةً من المواطنين يعيشون حرماناً لا يستقيم معه أمرهم، وأصبحوا مع الوقت مصداقاً للحديث في موقع الهرة؛ فالعسكريون الذين فُصلوا واعتقلوا إبان السلامة الوطنية، ما زالت مصائرهم معلقة، منهم من حُكم وقضى مدته ثم طُرد من الخدمة، ومنهم من فُصل دون ذلك، ومنهم من لازال ينتظر مجهول مصيره، وجميعهم لم يستلموا حتى اليوم وثائق رسمية تثبت إنهاء خدماتهم بوزارة الداخلية، ليبدأوا البحث عن قوتهم.

إن ما يمر به هؤلاء الذين عانوا منذ البداية من الاستهداف والتضييق والحرمان علاوة على تردد الكثير من الجهات والأشخاص عن ذكر مأساتهم الإنسانية خوفاً من تطورها، لكننا نقولها هنا بدافعٍ إنساني بحت، أعيدوهم أو اتركوهم، فما يحدث لهم ليس حرماناً، فالحرمان في اللغة هو منع العطية، إنما هم ممنوعون، حيث المَنْعُ لغةً أَن تَحُولَ بين الرجل وبين الشيء الذي يريده، ويحول بينهم وبين ما يريدون من استكمال أسباب الحياة ومتطلباتها أوراق ومستندات يعلل لهم موظفو الوزارة المعنيون كلما راجعوا الأمر أنها تنتظر توقيع الوزير الذي طال لأكثر من سنة.

إن من حق الجميع الحياة الكريمة، إن اعتبرنا أننا في دولة يحكمها دستور ينظم شئون الحياة بها، إذ جاء في دستور مملكة البحرين، الباب الثاني المادة 13: أ- العمل واجب على كل مواطن، تقتضيه الكرامة ويستوجبه الخير العام، ولكل مواطن الحق في العمل وفي اختيار نوعه وفقاً للنظام العام والآداب. ب- تكفل الدولة توفير فرص العمل للمواطنين وعدالة شروطه. أما أن يتحول الأمر إلى حصر المواطن في زاوية تخنقه، فلا الدولة توفّر له عملاً، ولا تتركه يبحث في ملكوت الله، فإن ذلك لا يعدو أكثر من تعطيل لمواد الدستور التي من المفترض أن تكون مصانة ومقدرة ومفعلة قبل كل ذلك.

هؤلاء المتضررون بشر، من منطلق إنساني يجب عدم التمادي في عقابهم ليشمل أسرهم ومن في عهدتهم. نستطيع تقبل فصلهم من أعمالهم على اختلاف وتعدد المسوغات، ولكن ما لا يمكن تقبله هو الإصرار على استمرار الإضرار بهم، داخل وخارج منظومة عملهم، وأن يصبح هذا العقاب أبدياً، تتوقف معه حياتهم ومستقبلهم، أمنهم وأمانهم المادي والمعنوي. إن حلَّ هذا الملف العالق، لأكثر من عامين، أكثر إنصافاً من تركه يضر بالجميع في نهاية المطاف.

إقرأ أيضا لـ "مريم أبو إدريس"

العدد 3778 - الأربعاء 09 يناير 2013م الموافق 26 صفر 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 7 | 3:33 ص

      هذا ولاشي من معاناتنا

      بدون شهود ولاجريمه ولااثبات حوكمنا وسجناوفصلنا وقطعو عنا راتب التقاعد وضاعت سنوات شغلنا ع الفاضي ومازلنا لاكثرمن سنتينننتظر الاستقاله لو على لو عشى نحصل شغل لكن الامر بيد الله

    • زائر 5 | 2:31 ص

      شكرا

      مقال جميل ،، لكن اضيف عليه باننا لا بد انا ترجع لنا وظائفنا ،، لاننا لم نرتكب جرماً وهذا حق من حقوقي ولا نريد ان نخسر سنوات اعمالنا ونحن علئ وشك التقاعد .

    • زائر 4 | 2:18 ص

      شكرا اختي مريم

      قليل من تكلم عن العسكرين بصراحه ما ادري ليش ، بس فعلا العسكرين مظلومين والتهم الملفقه ليهم تفشل وبدون دليل واقل حكم سنه واقصى حكم 12 سنه ليش!!!!!

    • زائر 3 | 1:25 ص

      هكذا سوف يستمر الوضع حتى تحلّ النقمة الالهية

      الاملاء الالهي يغري بني البشر فيزدادون في ارتكاب الآثام ويوغلون في الظلم
      حتى يأتي المكر الالهي ويحيق المكر السيء بأهله
      دعوهم يمارسوا ما يستطيعون وما سوف يكون سببا لتدخل اليد الالهية لتنقد خلق الله من ظلم بني جنسهم

    • زائر 2 | 1:10 ص

      شكرا

      شكرا لك استاذه مريم . شكرا على قلبك الكبير
      قرأت عمودك وتذكرت مساعدتك لنا العام الماضي بالرغم من عدم وجود اي معرفه سابقه بيننا
      كل يوم تكبرين في عيوننا

    • زائر 1 | 12:04 ص

      الله يبارك فيش

      نعم والفئة الثانية والذين خدموا في السلك العسكري مدة 20 عام وتم احالتهم الى التقاعد الاجباري دون مراعاة لظروفهم المادية والتي ادت الى اقتطاع 50% من راتب التقاعد

اقرأ ايضاً