يصبح الإنسان جزءاً مما يحيط به، ويشكل الأصدقاء حيزاً كبيراً من هذا المحيط، وعلينا أن نثق بأنه كلما كان المرء جزءاً من بيئة تسودها النظرة الإيجابية للأمور كان إيجابياً.
يقول اللورد شيسترفيلد: «قيمة الإنسان تزداد عندما يحتذي بالأشخاص الناجحين. ولكن النقطة المهمة هي أن تختار نماذج جيدة، وتدرسها بعناية».
في الحياة العامة نرى الكثير من الناجحين يبثون طاقات مثابرتهم وإبداعهم لمن حولهم إما بوعي منهم أو من دون وعي، وهناك من يحرص كل الحرص على أن يكون ضمن جماعة قليلة من الإيجابيين على أن يكون واحداً من جماعة كبيرة من الأشخاص السلبيين. ومع ظهور وسائل الاتصال الحديثة صار المرء عرضةً لتكوين صداقات جديدة، وعرضةً لأن ينغمس مع جماعات لم يكن يعرفها من قبل يتأثر بها ويؤثر فيها.
هذا ما حدث لي في الآونة الأخيرة؛ إذ كان أحد البرامج على الهاتف النقال واحداً من الوسائل التي أدخلتني ضمن جماعات متعددة. فقد اجتمعت بصديقات طفولتي بعد أعوام من الانشغال بالحياة عنهن، وتعرفت على مجموعات جديدة منها «مجاز» و «مجموعة مد الجسور» الحقوقية، وغيرها من المجموعات التي تتميز عن غيرها في كل شيء. وما جعلني أكتب هذا المقال هي مجموعة «سقف البنفسج»، وهي إحدى هذه المجموعات التي دخلت بها قبل عام تقريباً والتي لا يمكنني التنازل عنها أبداً لأسباب متعددة، أولها أنها كانت سبباً في عودتي للقراءة بمختلف مجالاتها بعد أن أخذتني الأحداث السياسية التي تمر بها البلاد عن القراءة وأبعدتني عنها لأكثر من عام لأكتفي بقراءة الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي فقط، فيما أهملت مكتبتي الزاخرة.
«سقف البنفسج» هي مجموعة كونتها شرف المزعل لتكون نواةً لتجمع يقرأ الكتب ويناقشها وكأنها نادٍ للقراءة، ضمت المجموعة أشخاصاً من عائلتها وأفراداً لا يعرفون بعضهم بعضاً قبل تكوين هذه المجموعة، لكن ما لبث أن أصبح الجميع وكأنهم عائلة واحدة.
قَرَأَت المجموعة كتباً في الفكر والأدب والشعر، وقامت بزيارات للأقليات الدينية في البحرين للتعرف عليها أكثر، وكانت البهائية أولها بعد أن قرأت «قرة العين» لعلي الوردي، ثم اتجهت للتأمل واليوغا لتكون نشاطاً جديداً يثري أفرادها ويضاف لأنشطتها الرائعة.
في هذه المجموعة، لكل فرد اهتماماته المختلفة وتوجهاته الدينية والايديولوجية التي يؤمن بها، ولكل واحد مميزاته المختلفة عن الآخر اجتماعياً، وعلمياً، واقتصادياً، وسياسياً، وفكرياً، ولكن هذا الاختلاف لم يجعل من أحدهم منعزلاً عن الآخرين أو بعيداً عن مشاريع المجموعة الفكرية والروحية وأهدافها.
ما يميز «البنفسج»، هو روح المثابرة والإبداع التي يتميز بها أعضاؤها، فهناك الشعراء والكتاب والمهتمون بالتصوير الفوتوغرافي واليوغا والتأمل والفنانون التشكيليون وممارسو الخِطَابة والمهتمون بريادة الأعمال، لكنهم جميعاً اشتركوا في حب القراءة والاهتمام بإيقاظ كوامنهم الداخلية وقوى عقلهم الباطنية لتكون حياتهم أكثر امتلاءً بالأمل والتفاؤل اللذين يفضيان إلى العمل فالنجاح. وهذه الطاقة الإيجابية التي تشع من كل فرد من المجموعة تجعل المرء يتمسك بهم ولا يرغب في التخلف عن أي تجمع لهم.
إن هذه المجموعة مثالٌ للمجموعات التي تؤثر إيجابياً في الفرد وتجعله يفكر في تغيير حياته نحو الأفضل، من خلال مناقشة أي موضوع يطرحه أحدٌ ما من أفرادها، أو النصائح التي يسدي بها الجميع لمن يرغب في النصح في أمر ما؛ ولهذا أتمنى لو أنها تتناسخ وتتكرر وتتطور في المجتمع على اختلاف أفرادها واهتماماتهم.
ومضة:
شرف، عالمة، انتصار، صالح، بلقيس، فاطمة، كوثر، ابراهيم، منى، عبدالله، كريمة، كفاية، منصور، نوال، محمد، زينب، بهجة، والجميع... شكراً لأنكم في هذا العالم الجميل.
إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"العدد 3778 - الأربعاء 09 يناير 2013م الموافق 26 صفر 1434هـ
اعرفهم!
هم مجموعة من البؤساء من الذين فشلوا في حياتهم العملية أو الأسرية أو الاجتماعية
الي الاخ المعرف بإسم اعرفهم هل تقصد بالفاشلون الدكتور منهم ام المدرس ام المهندس ام الذي يعمل في الجامعة او بابكو او وزارة التربية انا اعرف هذة المجموعة مع انى لست من اعضائها وبرغم الاغتلافات والتوجهات الايدلوجية و الاختلافات الاجتماعية ولكني ارى بان اجتماع مجموعة للقراءة و مناقشة الكتب لهم افضل ما تكون من جماعة و من التعليق للاخ اعتقد بانه اما شخص غير قارئ بتاتا او لديه حساسيات مع بعض اعضاء هذة الجماعة و للامانة توجد لدي الرغبة بالعودة لقراءة الكتب و الرويات و الانضمام لهذة الفئة .
مقالك رائع
أعجبني كثيرا مقالك وكم افتقدت عالم القراءة وأود أن أعود إليه فهل تضموني إليكم
قوس الله
يظل الإنسان مطالب في أي موقع اجتماعي وديني ووظيفي أن يكون إنسانا، أشم في هذا البنفسج سقفا راقيا يعيد ترتيب الذهن بعد تشويش الهموم وتداخلات حياتنا المعقدة حين تفرض علينا اللجوء للحظة تأمل ولحظة تصفية للعودة إلى بدايات الأشياء في صورة الفنان والشاعر والكادح الذي يحب الجميع ويشعر بفضل الجميع، لاشك أن لمستك في البنفسج حسب نظرية نيوتن هي بمثل أثره الطيب لديك. تنوع كتاباتك وعفويتها ونقاء رؤيتك للمجتمع وارتكازكعلى لب "الإنسان" يجعل كل كتاباتك مميزة..
ما اروع هذه الصداقات التي كهذه
شكرا لك اختي سوسنة الماء على كتابة هذا النوع من المقالات
نحن بحاجة للابتعاد قليلا عن السياسة والتحدث عن النفس واحتياجات الروح والعلاقات الاجتماعية . سيري في هذا النهج فمقالاتك الاخيرة مميزة تدل على قراءات مهمة في هذا الجانب الاجتماعي والروحي ولو قمت بدورات في هذه النجالات ساكون اول من يسجل لها
منامي يبحث عن الراحة النفسية
مشكوره
مشكوره
استاذه
حبذا لو تدلينا على هذه المجموعه و كيف نصل اليها
جميل مقالك
و شكرا على المعلومه
شكرا سوسنة
شهادتي ليست مجروحة سقف البنفسج صار لنا سقف نطال فيه ذواتنا التي نراها من الداخل وقد يلاحظ كل عضو فيه قيمة العضو الاخر واضافته للمجموعة بشكل يجذبه لاستدامة الملاحظة ، نحن شباب نبحث عن ذواتنا في الحب والسلام الداخلي وايجادة التواصل مع االضمائر المحيطة بنا نرغب ان نعيش حياة كما نأملها ونؤمن كثيرا باحلامنا وكما ذكرت سوسن نتمنى ان ننقل عدوتنا للاخرين
قوس قزح
رسم لوحة جميله يحتاج الى ارادة وموهبة فن وعلم , هكذا هم المجموعات التى يراد لها ان تزهر فى الحياة وتثريها . سيدتى هذه النماذج وكما تعرفين هى قابعه فى المعتقلات وفى المنافى , للاسف الشديد . ولكن وجود اقواس قزح تضئ وتضفى جمالا على الحياة يحفز ويوقض الافكار النيره ومنها القراءة والتفكير الابداعى شئ مفرح ومبهج للغاية .
البناء هو الابداع
البناء هو الابداع فكل من يبني يبدع
مقال رائع
هنيئا لك الارتباط بمثل هذه المجموعة الايجابية وفقكم الله لكل خير
جميل أن نسمع عن مثل هذه المجموعات حبذا لو تستقطب الشباب والجيل الجديد الذي عزف عن القراءة