العدد 3777 - الثلثاء 08 يناير 2013م الموافق 25 صفر 1434هـ

مسار الأمان من خضم التوهان - القضاء والسجون

رسائل مواطن إلى الجهات المختصة (8)

يعقوب سيادي comments [at] alwasatnews.com

.كاتب بحريني

نحن لسنا من الجمعيات السياسية، ولسنا من الموالين للسلطات، إننا من «الأغلبية الصامتة»، نحترم الرأي والرأي الآخر وحرية التعبير، ونحترم العقائد في خلافها واختلافها، ونصون كرامة الإنسان، ديدننا العدل والمساواة.

القضاء، هو صمام الأمان لـ «العدل أساس الحكم، التعاون والتراحم، الحرية والمساواة، الأمن والطمأنينة، تكافؤ الفرص بين المواطنين، حرمة دور العبادة والعلم والأموال العامة والمساكن، عدالة توفير فرص العمل، سواسية تولي المواطنين الوظائف العامة، حفظ حقوق المواطنة والجنسية، كفالة الحريات الشخصية وحرية الضمير وحرية الرأي وحق التعبير، حرية وسرية المراسلات، حرية تكوين الجمعيات والنقابات، حق حرية الاجتماع الخاص المطلق، إباحة الاجتماعات العامة والمواكب والتجمعات والتظاهرات، وجوب ألا يتولى غير المواطنين مهام الأمن والدفاع، حماية أن لا ينال التنظيم أو التحديد من جوهر الحق أو الحرية، أن السجون كيفما تَسَمّت حبساً أو توقيفاً أو سجناً أو دار إصلاح أو تأهيل، يتوجب أن تكون ليست تحت رقابة القضاء فحسب بل هي إحدى إداراته، يديرها القضاء بكل مفاصلها ويُساءل عنها، وأن الشعب (مواطني البحرين)، مصدر السلطات جميعها، وهو الذي يُوَكِّل القضاء وباقي السلطات، فحقه مصون في تساوي الصوت الانتخابي لكل مواطن».

والقضاء هو الحارس الأمين لعدم تجاوز أي قانون أو قرار أو إجراء، لروح ونص الدستور، فكل هذه مبادئ دستورية إنسانية، إن لم تصنها عدالة ونزاهة واستقلال القضاء، فعلى الدنيا السلام، لذا وجب أن تستقل السلطة القضائية، بقضاتها وإداراتها وماليتها وقراراتها. وتكون عناصرها في كل فصائلها ورتبها، لا تخرج عن سلك القضاة الدوليين والدستوريين والمدنيين والشرعيين، والحقوقيين والمحامين، والباحثين القانونيين، من دون مَن عمل أو يعمل في سلك الأمن أو أية جهة حكومية، وذلك لكون هذه الجهات هي إدارات في السلطة التنفيذية والسلطة الملكية التي هي محاسبة قراراتها أمام القضاء.

فعادةً ما يصطدم القاضي بحاجز النزاهة والضمير، عند كل قضية يحكم فيها، فإن وقف عند هذا الحاجز للتفكر والتمعن، فيما أمامه من صحائف الأدلة وتكييف التهمة، نظر أولاً في مصدرها، ثم فحواها ثم مآلها، فإن وجد مصدرها خصماً للمتهم بما يمتد إلى خارج فحوى الاتهام، مثل جهة أمنية ضد متظاهر أو مُطالِبٍ بحقوق، فيكون واضحاً لديه احتمالية الكيدية، أو أقلها المبالغة في الاتهام، فيتوجب على القاضي حينها إجراء التحقيق اللازم، ليتبين دفوعات المتهم قبل النظر في التهمة، وخصوصاً إن حضر المتهم محبوساً، فذلك يجعل المتهم في غير كامل إرادته، خصوصاً في ظل تواجد خصمه الذي حبسه، وذلك بتطمين المتهم ومنحه الأمان، والسماع له بالانفراد به وبمحاميه، وذلك من أجل تيقن القاضي أن المتهم حر فيما يفيد به، دون التأثر بالضغوط، نفسية كانت أو جسدية، تسبق مثوله أمام المحكمة أو تليها، والاستماع إلى المتهم في حال أبدى تعرضه للتعذيب، ومعاينة آثاره قبل قرار إجراء الكشف الطبي عليه، فلا يجب على القاضي الركون إلى نصوص بحتة تحتمل الإفادة والاستفادة من غير المعاينة الشخصية المباشرة التي تستدعيه لطلب التوثيق من قبل خبير يحدده ويركن إلى مصداقيته، ومتى ما ثبت وقوع الضرر الجسدي، أو ثبت وقوعه النفسي أو احتماليته أو وقوع التهديد بأي منها، وجب على القاضي الفصل أولاً في واقعة التعذيب، فإن ثبتت، حكم ببطلان الاتهام وبراءة المتهم، مهما تعددت الأدلة الأخرى، وأحال قضية التعذيب إلى المحكمة المختصة للقصاص من منتهكي الدستور، بجعل المتهم المُعَذَّب مجنياً عليه ومن قام بالتعذيب وأمر به، وعَلَِمَهُ ولم يُبلغ عنه جُناة، لإنزال أقصى العقوبات عليهم، فجرمهم أخطر من قتل النفس.

والقضاء يتوجب أن يكون جهازاً مستقلاً، بموازنة منفصلة عن موازنة الدولة، مواردها رسوم المحاكم والرسوم القضائية وربما الضرائب الخاصة التي يدفعها المواطن ولا تثقل كاهله، فلو توزعت هذه الضريبة على تعداد المواطنين، لكان نصيب المواطن الفرد لا يتجاوز مبلغ 250 فلساً شهرياً لتحصيل مبلغ سنوي يعادل مليون و850 ألف دينار، مضافاً إليها عشرات أضعاف المبلغ (دون المئة)، لقاء تحصيل رسوم المحاكم والرسوم القضائية، وذلك مقابل حقه في محاسبة القضاء وعزل المنحرف من أعضائه، فهكذا هو المبدأ الدستوري في موضوع الضرائب، في النظام الديمقراطي، أن يتكلف المواطن ضريبة حقه في المحاسبة، وهكذا يكون تمويل موازنة الجهاز القضائي تمويلاً شعبياً في أساسه، ويضاف إليه حصته من الموازنة العامة والتي قد يستغني عنها، وليس مقبولاً فيها الهبات والتبرعات، فهي لابد أن تكون وسيلة للضغوط، إن لم تكن مباشرة فهي غير مباشرة عبر الوجاهة وسلطة المال، والجهاز القضائي لا يرضخ لأي معيار أو ممارسة عدا الدستور والقانون، وهو المعني أيضاً بمقاضاة القوانين والقرارات والإجراءات التي تصدر من السلطات الأخرى، التشريعية والملكية أو رئاسة الجمهورية والتنفيذية (الحكومة)، وقراراته جماعية متمثلة في مجلس قضاء أعلى، يتشكل عبر الانتخاب الحر المباشر من قبل أفراد الجهاز القضائي، ويتوجب أن يحوز القبول الشعبي عبر الاستفتاء العام الذي تقود معايير ومقاييس وجدانه، مؤسسات المجتمع المدني والسياسي والأفراد المهتمين والباحثين في القانون والحقوق المدنية، وتشرف عليه وتدير إجراءاته السلطة القضائية، ويتوجب أن يصادق مجلس القضاء الأعلى على أحكام محاكم التمييز، قبل مهرها باسم الملك أو رئيس الجمهورية، وتُعلن السلطة القضائية، إعلاناتها وحيثيات أحكامها على الملأ، ربما عبر موقع إلكتروني وصحيفة خاصة بالموضوع، وتكون إحدى دوائرها القضائية، دائرة برئاسة قاضٍ، لتلقي الشكاوى من المواطنين، على أحكام المحاكم المختلفة، ولا يكتفى بإعلان أحكامها وحفظها في لوحات وملفات المحاكم، ولا يسقط حق النقض الشعبي في القضايا القومية مثل المس بالجنسيات والأحكام السياسية والحقوقية المتعلقة بالمبادئ الدستورية الواردة في صدر المقالة، إلا ربما بمضي العام من تاريخ إعلان الحكم في آخر مراحل التقاضي، كما يحق للمواطنين، في ممثلي فئاته وفي أفراده، اللجوء إلى القضاء الدولي، إن احتاج الأمر.

ولا ننسى أن وزارة العدل الحالية ووزيرها، التابعة للسلطة التنفيذية (الحكومة)، لا تتعدى كونها إدارة قانونية حكومية، ولا شأن لها بالعدل والقضاء، ويستعاض عنها بالسلطة القضائية ضمن هيكليتها، ويرأسها رئيس مجلس القضاء المنتخب من قبل كادر القضاة المزكى عبر الاستفتاء الشعبي.

وكذلك النيابة العامة، هي إحدى إدارات السلطة القضائية، التي ينطبق عليها ما ينطبق على السلطة القضائية.

فبهذه المواصفات للسلطة القضائية وبغيرها المُتَمِّم، يأتي ضمان نزاهتها وعدالتها أمام جميع السلطات، ولا تتأثر بجبروت أي منها، لا تُفَرِّق في وجوب محاسبة أي منها في سلطاتها الكلية أو الفرعية أو في أفرادها مهما علا شأنهم، ومُحاسِبو السلطة القضائية، هم المواطنون (الشعب)، المتساوون بلا تمايز بينهم في الأصل أو العرق أو العائلة أو الدين أو المذهب أو الجنس.

أفليس الشعب بمصدر السلطات وحامي حمى الوطن والحقوق والواجبات؟

إقرأ أيضا لـ "يعقوب سيادي"

العدد 3777 - الثلثاء 08 يناير 2013م الموافق 25 صفر 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 8 | 1:20 م

      انا فخور

      انا فخور كبحريني انه يوجد كاتب في مقامك. مقالك رائع جدا وفي غاية الوضوح. احسنت يااستاذ وسلمت يداك وزادك الله قوة ورفع شانك.

    • زائر 7 | 3:50 م

      الله يعطيك العافية يا حر ويا منصف

      في ميزان حسناتك يا سيادي وسيذكر التاريخ اسمك في صفحاته البيضاء للأجيال القادمة

    • زائر 6 | 6:09 ص

      رسائلك لا يعيها الا ذو قلب سليم

      أيها الكاتب العملاق أنت قامة من قامات الفر الحر الذي يكتب الصدق و الحق حتى في مثل هذه الظروف الرديئة و لاكن لا يفقه قولك ا لاذو قلي سليم و فطرة سليمة لم تنجسها الاهلية بأنجاسها و لم تلبسها من مدلهماتها ، أنت شاهد على العصر و هذه الرسائل لا بد لها أن تطبق و ترى النور في يوم من الأيام رغم العمى الذي يضرب قلوب المعاندين ، دمت و دامت افاضاتك . تحية من الدر المكنون .

    • زائر 5 | 4:48 ص

      الشغب مصدر السلطات

      الشعب مصدر السلطات على الورق اما على الارض فالقبضه الامنيه هي الفيصل

    • زائر 4 | 1:39 ص

      شكرا ايها المنصف

      لك منا الف شكر وتقدير على قول كلمة الحق في زمن عزّ فيه الحق

    • زائر 3 | 1:26 ص

      شكرا لك استاذ= في البلاد التي تحترم نفسها وتحترم شعبها سلطة القضاء فوق السلطة التنفيذية

      ولكن في البحرين كل شيء هو تحت سيطرة السلطة التنفيذية لذلك لا قضاء ولا اي شيء يسير تمام
      كل شيء تضع يدك عليه ستجد فيه الفساد والظلم والتمييز والعنصرية والقضاء واحد من هذه المجالات
      ما تشوف حتى الرئيس الامريكي ورئيس الوزراء البريطاني يخضع لسلطة القضاء ويحاكم اذا اخطأ

    • زائر 2 | 1:23 ص

      مقالك ابلغ من ان اعلق عليه

      التعليق على مقالك ايها الاستاذ ينقصه حقّه فلا تعليق لدي الا الدعاء لك
      تسلم ايدك والله يعطيك الصحة والعافية ودوام التوفيق وشكرا لك

اقرأ ايضاً