العدد 3771 - الأربعاء 02 يناير 2013م الموافق 19 صفر 1434هـ

بين الواقع والحلم

سوسن دهنيم Sawsan.Dahneem [at] alwasatnews.com

يقول الروائي الشهير، باولو كويللو: «عليك أن تصدق أن أهدافك قابلة للتحقق، فعندما تؤمن بذلك، فإن عقلك يبحث عن وسائل تجعلها تتحقق، فلا تدع التردد يهزمك».

مع كل بداية عام ميلادي أو هجري، تكثر الأحلام والآمال وتتعالى أصوات سردها. البعض يرى في الحلم وسيلة للنجاة من واقع مرّ، والبعض يرى فيه هروباً من الواقع، فيما يجنح بعض آخر إلى اعتبار الحلم ترياقاً يوازن به بين كفتي الواقع والخيال، ليصل إلى عالم قريب مما يتمنى.

الأحلام مع بداية كل عام - وإن بدت روتيناً يقضي به بعض الناس وقتاً من سهرة ليلة رأس السنة - يمكن استثمارها كخطة عمل يضعها المرء نصب عينيه ليحقق ذاته، ويحاول أن يكون جزءًا من أوركسترا التغيير في المجتمع من حوله.

لكل منّا أحلام لا تكل ولا تيأس من فرض نفسها عليه. أحلامٌ لا يمكنها أن تكون واقعاً إلا إذا سعى هو لذلك بالجد والمثابرة من غير الاستماع إلى الآخر، الذي لا هدف له إلا إيصال إشارة الهزيمة لقلوب من حوله، والأمثلة كثيرة على هذا، منهم من يحاول ذلك بقصد ومنهم من تكون هذه المحاولة، أعني محاولة تثبيط العزائم، مجرد انعكاس لعالمه الداخلي المليء بالسواد والغرق في الخيبات.

مثل أولئك البشر يجب أن يحصرهم المرء في إطار يسكن به من لا يريد أن يأخذ منهم إشارات اليأس بقدر أن يحاول إعطاءهم من إشعاعات الأمل التي يملك.

وللتعرف على ما قد يفعله هؤلاء المثبطون بآمال غيرهم وآلامهم، يمكن الاستعانة بقصة كثيراً ما يستعين بها المدربون في حلقات جلسات تنمية الذات، تعتبر خير مثال على محاولة تثبيط العزيمة من قبل البعض. تحكي هذه القصة حكاية مجموعة من الضفادع قررت أن تقفز لتصل إلى قمة برج عالٍ بعد أن جمعت لهذا الغرض جمهوراً متفرجاً ومتنافسين كثراً، وبين الرغبة في الوصول إلى قمة البرج لدى المتسابقين، والرغبة في معرفة من هو الفائز كان الجانبان، المتسابقون والمتفرجون، ينتظرون النهاية.

بدأت المنافسة بحماسة الجميع، ومع مرور الوقت بدا للجمهور استحالة إنهاء المهمة، خصوصاً وأن هناك الكثير من الضفادع قررت الانسحاب من المنافسة، فردد الجمهور عبارةً واحدة: لا يمكنكم الوصول إلى القمة أبداً!

وبعد فترة ازداد عدد المنسحبين من الضفادع، الذين كانوا يستمعون إلى هذه العبارة، حتى اقتنع بها عقلهم الباطني، فكيف يمكن لضفدع ضئيل أن يصل إلى قمة برج عظيم؟ لكن ضفدعاً واحداً استمر في القفز من غير أن يعير عبارة الجمهور انتباهاً واستطاع الوصول بالفعل، وعندما أراد الجميع معرفة السر الذي أوصله إلى القمة، اكتشفوا أنه أصم، وقد منعه صممه من تصديق ما ذهب إليه الجمهور من استحالة تحقيق هذه المهمة!

يسهل على من يصدق ذاته أن يصل إلى تحقيق جميع أحلامه وأهدافه، وكم هو صعبٌ على من لا يعرف قيمة العقل البشري ولا يصدّق إمكاناته أن يصل إلى أبعد من الاستمرار في الحلم، الذي قد يتخلى عنه بعض البشر هو الآخر حين يصل بهم اليأس منتهاه.

ومضة:

لا تدعوا اليأس يغتال أحلامكم، وأحيلوها واقعاً بعملكم وأملكم. وكل عام وأحلام الجميع بخير، وأوطاننا وأنفسنا في أجمل حال.

إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"

العدد 3771 - الأربعاء 02 يناير 2013م الموافق 19 صفر 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 9 | 1:56 م

      احلام لا تموت

      احلم بان اكون في يوم من الايام وزيرة الاعلام لكي اطهر الاعلام من كل الطائفية فهل هذا ممكن؟. مقالة متميزة كصاحبتها اختي سوسن

    • زائر 8 | 10:53 ص

      رائع جداً استاذة

      من اروع ما قرأت لك استاذة سوسن شكرا لانك تبثين فينا الامل كلما ارتقع صوت الالم فعلا انت سوسنة الامل

    • زائر 6 | 5:00 ص

      احدى الايجابيات العشر للاستاذ صلاح الراشد

      إحذر من مصاحبة الفاشلين, والمحبطين, والجدليين, وتذكر أن من البرمجة اللاواعية: الرفقة

    • زائر 4 | 12:26 ص

      أين منجمي العام؟؟

      مقال جميل ياسوسن، لو ترك المنجمون مهمتهم للطامحين مثلكم/الشعراء وصدقت مقالة باولو لتحركت أتراس الكون جهة أخرى غير جهة هذا الواقع المر. شكرا

    • زائر 3 | 11:57 م

      تسلمين

      مشكوه على رفع معنويتنا مع العلم احلامنا كلة في المقابر من المصائب

    • زائر 2 | 11:43 م

      تفاؤل

      يمكن لكل انسان ان يمتلك،، ويفعل،، ويحصل،، على ما يريد.. فقط بالإرادة
      كم نحتاج كل يوم إلى الكلام المليء بالشحنات الإجابية
      شكراً لك أخت سوسن
      تحياتي
      بلقيس

    • زائر 1 | 11:30 م

      شكرا

      هاذا مانبحث عنه الفكره والعلم والمعرفه

اقرأ ايضاً