منذ حدوث الأزمة السياسية في 14 فبراير/ شباط 2011 والقوى المعارضة بمختلف توجهاتها السياسية، دعت مرات عديدة إلى حوار سياسي جاد يخرج البلد من الأزمة، وليس حواراً يعقدها ويزيد تأزيمها. وكانت رؤيتها وتطلعاتها الوطنية والإنسانية واضحة وجلية للجميع، وكانت على استعداد كامل للدخول في أي حوار جاد يؤدي إلى توافقات وطنية بين المعارضة والقيادة السياسية تفيد الوطن والمواطن معاً، ويخلق واقعاً سياسياً جديداً يتناغم مع المتغيرات الحديثة، يشارك فيه الشعب بفعالية في كل مفاصله السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإعلامية والتعليمية والأمنية والدفاعية، فكل فرد من أفراد الشعب البحريني الأصيل يجب أن يكون له دور في تنمية البلاد من وجهة نظر قوى المعارضة، وتؤكد على أن جميع أبناء البلد يجب التعامل معهم بمفهوم المواطنة الحقيقية التي لا ينظر فيها للانتماء الديني أو المذهبي أو العرقي في حال التعيينات والتوظيف والترقيات والحوافز والمكافآت وتوزيع الدوائر الانتخابية وغيرها من الحقوق الإنسانية، وإعطاء الكفاءات الوطنية المؤهلة الأولوية في بناء الوطن وتنميته من خلال التطبيق الحقيقي لمفهوم تكافؤ الفرص وعدم التمييز بين فرد وآخر بسبب العرق أو اللون أو الانتماء المذهبي، ويكون الجميع متساوين أمام القانون، ويجب توجيه الإعلام، المرئي والمسموع والمقروء، إلى ترسيخ الروح الوطنية والحث على التلاحم الوطني. وفي اعتقاد قوى المعارضة أن هذه المطالب لا يمكن تحقيقها إلا بتوافر حكومة منتخبة وبرلمان كامل الصلاحية ينفرد بالرقابة والتشريع، وهذا المطلب لا يمكن تحقيقه إلا إذا كان لكل مواطن صوت في الانتخابات.
وخلصت المعارضة بتصور بعد إجراء مجموعة من الدراسات والبحوث القانونية والسياسية، أنه بهذه الخطوات يتحقق المطلب الدستوري الذي يؤكد أن الشعب مصدر السلطات، فالعالم الذي يتابع اليوم عن كثب الحراك السياسي في البلد، نظر إلى هذه المطالب السياسية بأنها مطالب منطقية وقابلة للتحقيق، ولا أحد يختلف في العالم الديمقراطي أن هذه المعاني الديمقراطية التي تطالب بها قوى المعارضة لها ما يؤكد أحقيتها في القانون والدستور، وأنها لم تأتِ بمطالب صعبة وغير معقولة لا يمكن تحقيقها على أرض الواقع. فالعديد من دول العالم العربي اتجهت إلى مشاركة شعوبها في اتخاذ القرار بشكل أكبر لتتفادى الاحتجاجات العارمة التي قد توجد عند حدوثها في بلدانهم أزمات سياسية خانقة، يصعب عليهم بعد ذلك الخروج منها.
والشعب البحريني المسالم الذي تميز بالوعي السياسي والحقوقي، ليس غائباً عمّا يدور في العالم العربي من متغيرات ديمقراطية واسعة تتناسب مع روح العصر، ولاشك أن له طموحات كبيرة في المشاركة الفعالة في التنمية الشاملة التي تجعل بلاده في مقدمة البلدان الرائدة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، ويكون له الدور البارز في مكافحة الفساد بعناوينه المختلفة الذي يعصف باقتصاد الوطن بنسبة كبيرة، ويسهم في هدر المال العام، ويساعد على إفساد العلاقات الاجتماعية وإثارة الخلافات الطائفية والمذهبية والعرقية بين مكونات الوطن، وإشاعة الكراهية والبغضاء في أوساط المجتمع، وتفشي الرشوة والوشاية والمحاباة والمحسوبية.
إن الحوار الذي يفرز واقعاً مبنياً على الأسس الديمقراطية الحقيقية هو المطلب الذي تسعى قوى المعارضة الوطنية إلى تحقيقه، فمتى ما يكون هناك الاستعداد النفسي الكامل عند جميع الأطراف المعنية بالحياة السياسية للدخول في حوار جاد وفعال، لن تكون هناك صعوبة في تحقيق الأهداف الوطنية المرجوة. فحل الأزمة ليس فيه غالب ولا مغلوب، وليس فيه شرفاء وخونة، فالكل يجب أن يتجه نحو الوطن الذي يستوعبهم جميعاً، وترك النعوت غير اللائقة والسباب والشتائم وتبادل التهم الواهية التي تضر بالبلاد والعباد. فالتوافقات السياسية والوطنية هي السبيل الذي يخرج الوطن من أزمته السياسية. ومن المؤكد لو حصلت توافقات حقيقية بين قوى المعارضة والنظام، سيسعد الوطن بكل مكوناته، ولكن كما يقولون إنه لابد أن يسبق الحوار أو التفاوض مقدمات ومؤشرات واضحة للناس، كإطلاق سراح المعتقلين والمعتقلات، وعودة جميع المفصولين إلى أعمالهم، وإرجاع طلبة جامعة البحرين المفصولين إلى مقاعدهم الدراسية، وإنهاء التشنج الطائفي الذي تعاني منه بنسب متفاوتة مختلف الوزارات الحكومية.
إننا لا نحتاج طبعاً إلى حوار يناقش فيه مفاهيم الحوار، ولاشك أن الحوار أو التفاوض سبل مجربة لحل الأزمات السياسية في عدة مناطق في العالم، وثبت بالتجارب أيضاً أن تمييع هذين المفهومين من أي طرف بشتى الطرق والوسائل، وجعلهما وسيلة لإطالة أمد الأزمة، لن يجدي نفعاً للوطن ولا للمواطن، وهذه حقيقة أخلاقية وإنسانية وحقوقية ثابتة لا يمكن نكرانها أو تجاهلها أو التغافل عنها. فالمفهومان واضحان كوضوح الشمس في رابعة النهار، ولا نملك إلا أن نسأل الله تعالى بأن يمنّ على البلاد والعباد بالرفعة والسمو في جميع المجالات والميادين.
إقرأ أيضا لـ "سلمان سالم"العدد 3770 - الثلثاء 01 يناير 2013م الموافق 18 صفر 1434هـ
والله بلوى
السلطة لا تريد الحوار يعني لا اتعبون نفسكم واتقولون حوار
كمواطن لا عني لي الحوار شيء = كلام مأخوذ خيره
من وجهة نظري لم يعد للحوار جدوى في ظل ما وصلت اليه الحال فقد اصبح
المواطن بلا قيمة وبلا كرامة
أي وعي تعنيه؟
أقف عند العباره "والشعب البحريني المسالم الذي تميز بالوعي السياسي والحقوقي،" أي وعي تعنيه ؟ العامه من الشعب العربي مسيسون بالإنتماآت المذهبيه وتابعون لمن يعدهم بالجنه لاتباع طريقته لا يفهمون اسس الديمقطراطيه. وحين يختلفون يلجأو الى العنف . أرى اننا بعيدون عن ثقافة الديمقراطيه في ظل التناحرات المذهبيه المسيسه من اللذين يسعون للسيطره والنفوذ.
صح لسانك
تعليق جميل . صدقت
اوافقك الرأي تماما
بلاضافة الى ذلك المعارضة تعززت عن الحوار في البداية والكبير و الصغير يعرف ذلك مع احترامي للكاتب تصحيح المعامة
الحوار مفرده سقطت
باختصار لم يعد للحوار جدوي ولم يتبقي للخروج من الازمه سوي التفاوض بين الحكومه ومن يواليها والمعارضة ومن يناصرها للوصول لرؤيه (ميثاق جديد / مسودة دستور ) يستفتي عليه الشعب بجميع مكوناته ويعتمد رأيه بصدق دونما. تزيف وبغير ذلك ستتكرر الازمه بين فتره واخري
حوار ولكن
الحوار لابد منه طال الزمان لو قصر حتي في الحرب عندما تنتهي لابد للطرفين ان يتفوضاي ولكن المشكلة تكمن في الشرذمة التي تدفع لهم السلطنة من اموال الشعب ليحاربوا الشعب