قبل ثلاثة عشر عاماً كان عبدالمجيد الوهباني، تاجر الإلكترونيات بالتجزئة، من أوائل الأشخاص الذين غامروا بإدخال تجارة الطاقة الشمسية إلى اليمن، لكن يبدو أن هذه المقامرة قد أتت أؤكلها. فقد وجدت تجارته الخاصة بتوزيع لوحات الطاقة الشمسية البيئة الملائمة لها وشهدت نمواً مبهراً في الوقت الذي ساعدت فيه أيضاً على محاربة الفقر في المناطق الريفية.
وفي حديث مع شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، قال الوهباني إن «الناس بحاجة إلى العمل، وإلى تأمين أعمالهم وحياتهم، ولذلك سيتوجهون إلى الطاقة الشمسية».
وأضاف أن النمو السريع لتجارته في اليمن يرتبط بجانب سلبي - هو زيادة الانقطاع الطويل والمتكرر للكهرباء على مدى العقد الماضي خاصة أثناء فترة عدم الاستقرار السياسي التي مرت بها البلاد العام الماضي، إذ يمكن لانقطاع الكهرباء أن يستمر أحياناً لأسابيع خارج المدن الرئيسية، ما يؤدي إلى عرقلة الاقتصاد.
ويخطط الوهباني لحملة إعلانية على مستوى البلاد في عام 2013 للترويج لاستخدام الطاقة المتجددة ويأمل أن ينتشر استخدام هذه الطاقة في البلاد بأكملها. وعلى رغم أن هذا الهدف يبدو طموحاً، إلا أن الحاجة والقدرات الكامنة للطاقة المتجددة كبيرة في اليمن.
ويصنف الساحل الغربي لليمن من مضيق باب المندب إلى مدينة المخاء بأنه من بين أكثر ممرات العالم هبوباً للرياح، في حين تجعل السماء الصافية في الكثير من الأحيان اليمن مرشحاً رئيسياً لاستخدام الطاقة الشمسية. بالإضافة إلى ذلك، توفر البلاد إمكانات بسيطة للطاقة الحرارية الأرضية.
وأفاد تقرير جديد صدر مؤخراً عن البنك الدولي أن المنطقة العربية تتمتع بإمكانات قوية غير مستغلة للطاقة الشمسية يمكن استخدامها لتوليد الكهرباء وتحلية المياه.
من جهته، قال المدير العام لشركة دوم التجارية عبدالعزيز داير، التي تقوم بتقديم مجموعة من الخدمات لقطاع الطاقة خاصة لشركات النفط والغاز: «نحظى في اليمن بمصدر جيد للرياح على البحر الأحمر، كما نتمتع بشمس (ساطعة) ... نشعر وكأننا على منحنى التعلم ونمر بمرحلة انتقالية».
وطبقاً لتقديرات وزارة الكهرباء والطاقة، يمكن للطاقة المتجددة الإمداد بأكثر من 50,000 ميغاوات من الكهرباء أو ما يعادل 50 ضعف مستويات الإنتاج الحالية.
ويعيش نحو 70 في المئة من سكان اليمن البالغ عددهم 25 مليون نسمة في مناطق ريفية يقع العديد منها بعيداً عن شبكة الكهرباء الوطنية. وحتى المحظوظون بتوصيلهم بشبكة الكهرباء فإنهم يحصلون على خدمة متقطعة. وعلى رغم من عدم وجود دراسة رسمية، إلا أن الخبراء يعتقدون أن اليمن ينتج نحو ثلث احتياجاته من الكهرباء فقط - أي ما يعادل 1,000 ميغاوات من إجمالي 3,000 ميغاوات المطلوبة.
دور الحكومة
وعلى رغم أن الطاقة المتجددة تقدم بديلاً جذاباً لمولدات الديزل المستخدمة على نطاق واسع، إلا أن داير يقول إن التغيرات الكبرى في قطاع الطاقة اليمني ستحدث فقط عندما تقوم الحكومة ببذل المزيد من الجهود لدعم مشروعات الطاقة المتجددة التجارية.
في رأيي أن الأشخاص الذين لا يعتقدون بوجود إمكانات ولا يبذلون أي جهد هم في الحقيقة ضد الطاقة المتجددة
وأضاف أنه على رغم أن إنتاج الطاقة المتجددة على نطاق صغير يثير الإعجاب، إلا أنه «قطرة في محيط مقارنة بعدد السكان في اليمن».
ويضع مدرس تقنية الطاقة في جامعة عدن، حسين، اللوم في النمو البطيء لقطاع الطاقة المتجددة التجاري على كاهل الحكومة اليمنية ودعمها للنفط المستخدم في معظم محطات الطاقة. وأضاف قائلاً: «في رأيي أن الأشخاص الذين لا يعتقدون بوجود إمكانات ولا يبذلون أي جهد هم في الحقيقة ضد الطاقة المتجددة»، موضحاً أنه عندما تقوم الحكومة بدفع الدعم للطاقة التقليدية ولا تدفعه للطاقة المتجددة فإنها بذلك تدير ظهرها للطاقة المتجددة.
وقال المدير العام لشركة دوم التجارية داير، إن على الحكومة أن «تكون قدوة» وتظهر للناس فوائد الطاقة المتجددة، لكن كلا الرجلين يشكّان في امتلاك الحكومة للإرادة أو القدرة اللازمة للقيام بذلك.
من جهة أخرى، المدير العام للتخطيط والمعلومات بوزارة الكهرباء والطاقة، عبدالغني، لا يشاطرهما الرأي، بل استشهد بالسياسات كدليل على التقدم. وفي عام 2012، قام مجلس الوزراء بالموافقة على استراتيجيات الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة وكهربة الريف التي دعت - من بين أمور أخرى - إلى مساهمة الطاقة المتجددة في 10 إلى 15 في المئة من كهرباء اليمن بحلول عام 2020 وإلى تركيب 20,000 وحدة طاقة شمسية في المنازل الريفية في اليمن.
وقال عبدالغني لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): إن «الأزمة السياسية في اليمن تقف حجر عثرة أمام تحقيق الكثير من التقدم». وأضاف: «لا يمكننا القول إن الحكومة لا تبالي، لكن لا يوجد إجراء حكومي حقيقي للدفع بتلك الاستراتيجيات».
وفي أعقاب الربيع العربي، ركزت الحكومة اليمنية والمجتمع الدولي الاهتمام على تجنب الانهيار السياسي والاقتصادي للبلاد. ومن ضحايا تلك الأولويات المتغيرة محطة رياح بطاقة 60 ميغاوات ظلت قيد التخطيط منذ عام 2009. وقد توقف المشروع عندما اندلعت الاضطرابات وأُجبر البنك الدولي على إعادة تخصيص ملايين الدولارات التي كانت مخصصة أصلاً لتمويل محطة الرياح إلى احتياجات أكثر إلحاحاً.
وعلى رغم ذلك، ظهرت في الآونة الأخيرة إشارات تدل على أن الطاقة المتجددة بدأت تستعيد على الأقل بعض الزخم. ففي تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، قال حسن طالب، أخصائي المشتريات في وزارة الكهرباء والطاقة إنه «في الشهر المقبل سيتم الإعلان عن مناقصات للاستشارات والتنفيذ» لمشروع محطة رياح المخاء. كما توشك الحكومة على الانتهاء من صفقة لإمداد المناطق الريفية بـ 7,000 وحدة طاقة شمسية.
لكن إلى أن تصبح تلك المنشآت والتجهيزات واقعاً ملموساً أو يصبح استخدام وحدات الطاقة الشمسية الصغيرة واسع الانتشار، سيبقى العديد من اليمنيين إما متشككين أو على غير دراية بإمكانات الطاقة المتجددة في تحسين حياتهم اليومية.
مشروع الوكالة الأميركية
للتنمية الدولية
بدأت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية مؤخراً برنامجاً يهدف إلى معالجة الفقر في المناطق الريفية عن طريق دمج الطاقة المتجددة في قطاع الزراعة. وقد بدأت الوكالة بداية هذا العام في بناء دفيئات تستخدم الطاقة الشمسية لتشغيل مراوح كهربائية تساعد المزارعين على تجنب الأمراض وتوفر تقنيات الري الموفرة للمياه.
ويقول خبراء في الوكالة الأميركية للتنمية الدولية إن تلك النظم تنتج تسعة أضعاف ما تنتجه الزراعة في الأراضي المفتوحة ويمكنها أن تعمل بشكل مستقل عن إمدادات الوقود والكهرباء غير المنتظمة في اليمن.
لكن هناك ثمناً لتلك الفوائد حيث تبلغ التكاليف المقدمة (9,000 دولار) وهو ما يعتبر تكاليف باهظة لمعظم المزارعين اليمنيين الذين يفتقر العديد منهم إلى فرصة الحصول على قرض رسمي.
وقال المدير العام لشركة دوم التجارية داير، إنه «إذا كان لدى الحكومة القدرة على إنشاء بنوك وتوفير تسهيلات ائتمانية على المدى الطويل للمزارعين، فذلك قد يتغلب على مشكلة الاستهلاك الكثيف للديزل».
العدد 3770 - الثلثاء 01 يناير 2013م الموافق 18 صفر 1434هـ
يمانيون جميعنا
لازم تصنع الخلايا الشمسيه في اليمن مش تستورد.وخاصه فيي الحديده والاستفاده من الشمس المحرقه