في حياة الإنسان مواعيد مهمة، وتواريخ فاصلة، يؤرخ بها إنجازاته وإخفاقاته، طيلة مسيرته المحددة بتاريخ ميلاده، وتاريخ وفاته. وترتبط هذه المواعيد الخاصة بشخص دون آخر، كتاريخ تخرّجه أو تاريخ زواجه أو نجاحه الدراسيّ أو فشله المهني. وتبقى هذه التواريخ شخصية يؤرخ بها لنفسه.
لكن رزنامة الحياة تزخر أيضاً بالمواعيد والتواريخ التي قد تكون مناسبة ليتّخذها كلٌّ منّا انطلاقة لمرحلة جديدة أو قطعاً مع عهد مضى. ولا شك في أن أعيادنا الدينية والوطنية، هي من أفضل المناسبات والتواريخ ليطلق الفرد مِنّا بناء مشروع ذاتي أو جماعي، لعله يحظى بالمباركة والتأييد.
أما رأس السنة الإدارية، أو بداية السنة الجديدة، فكثيراً ما ترتبط بالشركات والمحلات التجارية والمؤسسات الضخمة حيث تقوم بالجرد السنوي، وتضبط موازنتها الجديدة، وأهدافها الاستراتيجية وخطة عملها للسنة القادمة.
لكن لماذا لا يتخذ الواحد منا من نفسه مشروعاً للبناء؟ ولماذا لا يتخذ من مثل هذه المناسبة أو غيرها فرصةً ليعلن انطلاق مرحلة جديدة من حياته؟ لماذا لا يقوم الفرد منا بجرد سنوي لإنجازاته، لنجاحاته وإخفاقاته؟ لماذا لا ينظر إلى الفرص التي كانت أمامه وأضاعها، وإلى التحديّات التي تنتظره فيعدّ لها العدة؟ لماذا لا ينتبه إلى المخاطر المحدقة به ويستعد لها قبل أن تداهمه؟ بل لماذا لا يركز على النواقص التي تشتمل عليها شخصيته، ولا يخلو منها أحد، فيسعى إلى تداركها، ومن ثمََّ البحث عن الحلول وأساليب العلاج لها.
أنا لا أعني بهذا الاقتراح تمجيد السنة الإدارية، أو تشبّهاً بغيرنا من أصحاب الأديان السماوية بحكم تقارب أعياد الميلاد المسيحية مع نهاية السنة الإدارية، وإنما أرمي من وراء الاقتراح إلى أن نستغلّ هذه المناسبة العالمية بحكم الاتفاق الحاصل بين بلدان العالم على اعتماد التقويم الميلادي، ونستثمرها على أفضل وجه كما تستثمرها الشركات، وكبرى المؤسسات.
فهل فكّرت أنت، أن تبعث مشروعاً جديداً في مسار بناء شخصيتك؟ هل خططت لسنة 2013 ونظرت في الفرص التي أمامك؟ هل تنتظرك تحديات؟ ماذا أعددت لمواجهتها؟ ما المخاطر التي يجب أن تتفاداها؟ نعم، كلٌّ منّا مشروع بناء؛ فاحرص على أن تكون بداية سنة 2013 انطلاقة لحدث مهم في حياتك: لتكن مثلاً، أيها الطالب، سنة 2013 انطلاقة لمرحلة من التميّز والإبداع تقطع فيها مع التهاون والكسل، وخصوصاً أنّ بداية العام الجديد سوف تستهلها بامتحانات نهاية الفصل الدراسي الأول، فلا تفوتنّك هذه الفرصة، واجعلها بداية سنة عنوانها «الامتياز»، وحين يتحقق ذلك على مستوى النتائج بإذن الله، اجعل الامتياز تحدياً لا يجب أن تنزل إلى ما دونه من المستويات، واعلم أن أمامك مخاطر جمّة، لا تتوان في مواجهتها، ولا تستسلم أمامها في أول اختبار.
وأنت أيها العامل، بالساعد كنت أو بالفكر، هلاّ دشّنت مفتتح هذا العام بقرار حاسم، أفلا تضرب لمسيرتك موعداً مع التاريخ، ألا تكون بداية سنة 2013 إعلاناً لانطلاقة جديدة في أدائك نحو الجودة والخلق والابتكار، واعلم أنه مازال لديك الكثير لتقدمه لمؤسستك، فلِمَ العجلة والتفكير في التقاعد بشراء السنوات، وأنت لاتزال في عزّ العطاء؟ ولتكن سنة 2013 تحمل عنوان: «عامل فعّال حيثما أكون».
وأنتِ أيتها المرأة في البيت؛ هل اخترت مشروعاً لهذا العام الجديد 2013؟ أم أنّ مشروعك قد انطلق مع إطلالة السنة الهجرية الجديدة؟ لا يهمّ أيّاً كان موعد إطلاق المشروع وإنما المهمّ إطلاقه؛ فهل فكّرتِ؟ ألا يمكن أن يكون مشروعك الشخصيّ هو تحقيق مزيد من اللحمة والتماسك بين أفراد أسرتك، وخصوصاً نحن نرى كثيراً من الأسر تتفكك بفعل متغيرات الحياة العصرية؟ ألا يمكن أن يكون مشروعك الشخصي أيضاً هو الاشتراك في إحدى الجمعيات الأهلية الاجتماعية، ومساهمة منك في دفع العمل الخيري؟ كل ذلك ممكن، فقط ينتظر منك قراراً وتفعيلاً وثقةً بالنفس وتعويلاً على الله.
إن لكل منّا في حياته نجاحات وإخفاقات وقرارات صائبة وأخرى خائبة؛ فليست حياتنا خطاً مستقيماً من دون تعرجات، وإنما هو مستقيم مستمر متقدم بشكل تصاعدي في الزمان، ولكنه في بناء شخصياتنا وذواتنا، يشهد انتصارات وانكسارات، إنجازات ومطبات، والعاقل فينا لا يغفل عن مراجعة نفسه. ولئن كان المسلم مطالَباً بالنقد الذاتي والمراجعة يومياً، وذلك ما يندر واقعاً، فإن اتخاذ التواريخ اللامعة في رزنامة الحياة يكون فرصةً لإعلان انطلاقة جديدة أو بعث مشروع ذاتي في بناء شخصيته، طالباً كان أو عاملاً، رجلاً كان أو امرأة.
وفي انتظار هذا الإعلان عن نقطة تحول في حياتك، وعزم على بناء مشروعك الشخصيّ، تقبل مني أيها القارئ العزيز كل التهاني والتبريكات بمناسبة حلول العام الإداري الجديد.
إقرأ أيضا لـ "سليم مصطفى بودبوس"العدد 3769 - الإثنين 31 ديسمبر 2012م الموافق 17 صفر 1434هـ
الإعلان عن نقطة تحول في حياتك
أبسط شيء خذ قرارا بالكف عن شيء سيّئ وبدء شيئ حسن
شكرا
موضوع ممتاز سوف أضع هدف لسنة 2013
أرجو من كل طالب أن يقراها
أيها الطالب، سنة 2013 انطلاقة لمرحلة من التميّز والإبداع تقطع فيها مع التهاون والكسل، وخصوصاً أنّ بداية العام الجديد سوف تستهلها بامتحانات نهاية الفصل الدراسي الأول، فلا تفوتنّك هذه الفرصة، واجعلها بداية سنة عنوانها «الامتياز»، وحين يتحقق ذلك على مستوى النتائج بإذن الله، اجعل الامتياز تحدياً لا يجب أن تنزل إلى ما دونه من المستويات، واعلم أن أمامك مخاطر جمّة، لا تتوان في مواجهتها، ولا تستسلم أمامها في أول اختبار.
مهمة جدا هذه الأسئلة
هل خططت لسنة 2013 ونظرت في الفرص التي أمامك؟ هل تنتظرك تحديات؟ ماذا أعددت لمواجهتها؟ ما المخاطر التي يجب أن تتفاداها؟
كل عام وأنت بخير
شكرا أستاذ على المقال الخفيف وإن شاء الله عام 2013 انطلاق لفترة مهمة في حياة كل شخص مهما كان موقعه