نحن لسنا من الجمعيات السياسية، ولسنا من الموالين للسلطات، إننا أفراد ممن حلا للبعض تسميتنا بـ «الأغلبية الصامتة». وبما أن «الحرية الشخصية مكفولة وفقاً للقانون»، فإن من الغريب أن تُوكَل الحريات الشخصية لقانون، حيث أن مبدئيتها نص دستوري، والدستور هو المعني بقيدها، ربما ضد التجاوز بمسّ بالآخرين في معتقداتهم وشرفهم والخروج على الأخلاق، ومن ثم الإيكال للقانون رسم مظاهر هذه التجاوزات وعقوباتها.
«لا يجوز القبض على إنسان أو توقيفه أو حبسه أو تفتيشه... إلا وفق أحكام القانون وبرقابة من القضاء»، «لا يجوز الحجز أو الحبس في غير الأماكن المخصصة لذلك... والخاضعة لرقابة القضاء». نعم برقابة من القضاء، وليس الاقتصار على الأمر القضائي، وهذا يستوجب حضوراً مادياً لطرف قضائي هذه الوقائع، وهذه الأماكن، فهل تم ذلك فعلاً في أيٍّ من هذه الإجراءات وهذه الأماكن، وهل يجوز للقضاة المراقبة وهم في بيوتهم أو محاكمهم؟ «لا يُعَرّض أي إنسان للتعذيب المادي أو المعنوي، أو للإغراء، أو المعاملة الحاطّة بالكرامة، ويحدّد القانون عقاب من يفعل ذلك، كما يبطل كل قول أو اعتراف يثبت صدوره تحت تلك... أو التهديد بأي منها». نَص مادة دستورية كاملة نموذجية، حدّد النَص الدستوري، الفعل غير الدستوري بما ليس فيه لبسٌ، وأحال للقانون، رسم تشريع العقوبة فقط، لذلك لزم سن قانون خاص لمناهضة ما أورده نص الدستور، وتغليظ العقوبة استحقاقاً للكرامة الإنسانية، إلى أقصاها، ودون أي استثناء.
«العقوبة شخصية، يحظر إيذاء المتهم جسمانياً أو معنوياً»، «حرية الضمير مطلقة (مطلقة ولا حدود لها)، وتكفل الدولة حرمة دور العبادة، وحرية القيام بشعائر الأديان والمواكب والاجتماعات الدينية طبقاً للعادات المرعية في البلد». نصوصٌ دستوريةٌ محدّدة، لكنها لم تُحِل مخالفتها إلى أي قانون أو إجراء، لذا فعقوبتها عقوبة مخالفة الدستور، وهي أقرب لأوجه الخيانة العظمى، فهل رأينا الجزاء المنصف، ضد من مارسها وأمر بها من رجال الأمن ومن الطائفيين.
«حرية الرأي والبحث العلمي مكفولة...، وذلك وفقاً للشروط والأوضاع التي يبيّنها القانون، مع عدم المساس بأسس العقيدة الإسلامية ووحدة الشعب، وبما لا يثير الفرقة أو الطائفية». هي مشروطةٌ هنا لعدم تجاوزها من الأفراد والسلطات والقوانين، ومن تجاوزها محكوم عليه بعقاب تجاوز الدستور، فهل تمت محاسبة المتجاوزين الكثيرين؟ «للمساكن حرمة، فلا يجوز دخولها أو تفتيشها بغير إذن أهلها إلا استثناءً في حالات الضرورة القصوى التي يعينها القانون، وبالكيفية المنصوص عليها فيه». ضَمن الدستور هنا حرمة المساكن، ولم يسمح بدخولها أو تفتيشها بغير إذن أهلها، إلا في حالة الضرورة القصوى، مشروطةً بشرطي الضرورة والقصوى، وأوجب الدستور صدور قانون خاص يبيّن هاتين الحالتين، وكيفية وإجراءات الولوج إلى المساكن من دون رضا أهلها، وما إذا يتم ذلك عبر طرق الأبواب أولاً، أو كسرها عنوةً ومباغتة أهلها، وأوقات المداهمات، إن كانت ساعات النوم أو الصحوة، وضرورة مراعاة حالات الخلوة الخاصة لأهلها، وكيفية التعامل مع المطلوب القبض عليه، وكذلك الآخرين المتواجدين في المسكن، ضيوفاً كانوا أو قاطنين، ووو... فهل يعلمني أحدٌ بوجود مثل هذا القانون الخاص؟ «حرية تكوين الجمعيات والنقابات، على أسس وطنية ولأهداف مشروعة وبوسائل سلمية، مكفولة وفقاً للشروط والأوضاع التي يبينها القانون، بشرط عدم المساس بالدين والنظام العام...». المعني هنا مؤسسات المجتمع المدني، في رفدها لأجهزة الدولة، بتبيان ومعالجة وتثقيف العامة، بحقوقهم وواجباتهم، تجاه كل ما يتبدى من السلطات والمجتمع من إيجابيات وسلبيات، والتواصل فيما بينها ومع الجهات المختصة المحلية والإقليمية والدولية، لاستقاء الخبرة والمساندة، ولم يشترط الدستور إلا عدم المساس بالدين والنظام العام، الذي صاغه الدستور في مجمل مواده الأخرى من حرية المعتقد وحرمة المساكن، وحرية الضمير والرأي... الخ، فما بال السلطات تحارب من اختلف معها وعرّى نواقصها، بالإهمال والمضايقات، مقابل المساندة المادية والمعنوية، لمن والاها من هذه المؤسسات.
«للأفراد حق الاجتماع الخاص دون حاجة إلى إذنٍ أو إخطارٍ سابق، ولا يجوز لأحد من قوات الأمن العام حضور اجتماعاتهم»، «الاجتماعات العامة والمواكب والتجمعات مباحة وفقاً للشروط والأوضاع التي يبيّنها القانون، على أن تكون أغراض الاجتماع ووسائله سلمية ولا تنافي الآداب العامة». حقّ الاجتماع الخاص، لم يحدّد الدستور صفته بعدد حاضريه، فكل من ارتضاه الداعون إليه، هم حضوره، ومكانه ملكاً أو حيازة خاصة للمكان من قبل أشخاص طبيعيين أو اعتباريين، ومَنْع الدستور حضور هذه الاجتماعات على قوات الأمن العام، أساسه صفتهم ومهامهم الرسمية وليست الشخصية، أما الاجتماعات العامة فتمتاز عن الخاصة بضخامة العدد وإشغال المساحات الأكبر، وربما العامة، فأباحها الدستور وفقاً لقانون، واشترط وصفها بأن تكون أغراضها ووسائلها سلميةً ولا تنافي الآداب العامة، فليس للقانون أن يمنعها مسبقاً، إلا في حالة تصريح القائمين عليها بأن أغراضها ووسائلها غير سلمية، وليس للقانون أن يفضّها، إلا إذا بادرت بالعنف في الغرض والوسيلة، وهذا لا يشمل حالات اعتداءات عليها من قبل أي جهة كانت، رسمية أو إجرامية، فإنها بذلك تستحيل إلى حالة اعتداء آخرين على المجتمعين، الأمر الذي يوجب على قوات الأمن العام، حماية المجتمعين من هكذا اعتداءات، ولم يوكل الدستور للقانون إباحة حضور قوات الأمن العام، إلا بما نص عليه في تجاوز سلمية الأغراض والوسائل، من مثل المبادرة بحمل السلاح مجاهرةً في بياضه أو سواده، مثل ما حصل من بعض الموتورين في بعض المناطق قبيل قانون السلامة الوطنية، وليس للقانون أن يمنع حضور أجهزة الأمن المختصة بتيسير حركة المرور مثلاً، وهذه الأجهزة ليس لها حمل السلاح.
«الدولة هي وحدها التي تنشئ قوة الدفاع والحرس الوطني والأمن العام، ولا يُولى غير المواطنين هذه المهام إلا في حالة الضرورة القصوى...». الضرورة القصوى هنا هي استتباب الأمن الشعبي والوطني لا غير، وأترك للقارئ الكريم التعليق هنا.
«لا يجوز أن ينال التنظيم أو التحديد من جوهر الحق والحرية»... وهذه المادة من أكمل مواد الدستور، ولم تَسلم.
«لا يجوز للوزير أثناء توليه الوزارة أن يتولى وظيفة عامة أخرى، أو أن يزاول... عملاً صناعياً أو تجارياً أو مالياً...». أفتوني سيادتكم في حالات الجمع بين الوزارات، وفي وضعية الاستثمار في الأراضي والعقار.
«لا يجوز تعطيل أي حكم من أحكام هذا الدستور إلا أثناء إعلان الأحكام العرفية...». وحالة السلامة الوطنية ليست منها، فكيف تُوصف التصرفات اليومية لأجهزة الأمن في مدن وقرى الوطن، وحالات الموت في المعتقلات تحت التعذيب، بغير الخروج على الدستور.
هذه بعضٌ من مليون وحالة من حالات الخروج على الدستور، آملين أن تهل علينا السنة الميلادية الجديدة ونحن بحال أفضل.
إقرأ أيضا لـ "يعقوب سيادي"العدد 3767 - السبت 29 ديسمبر 2012م الموافق 15 صفر 1434هـ
يا شيم الرجال القلأئل فى هادا البلد
والله اننى لأ اعرفك ولكننى عشقت قلمك يا خيرت الرجال بمعنى الكلمه بل اشرفهم مهما انزعج المتطرفون الدين هم من اوجد وفاقم الوضع المتئزم فى الحبيبه البحرين كما يقال المثل ادا جائت الملأئكه دهبت الشياطين خلكم بعيد او الظاهر الجماعه متونسين من الأزمه تبون وناسهه هاده ليست متعه هادا مصير بلد ومجتمع بئسره والسلأم
جهات غير معنية وظيفية وليست مهنية
إذا كانت الجهة الخامسة غير مرئية فان الجهات الاصلية أربع لكن الجهات المعنية بالإختصاص قد لا توجد. فأين أهل الاختصاص؟ أم هي من نسج الخيال بالتركيب والتعيين ولا توجد من الأساس جهات مهنية ذات اختصاص؟
المواطن
القانون نصوص يحتاج الى مؤسسات تصونة وتنفذة على الجميع دون استثناء وهذا غير موجود اصلاً في البحرين ، تطبيق القوانين على الكثير من الناس اما هناك شريح من الناس تستبيح كل شيئ باسم تنفيذ القانون وشريحةآخرى لا يسري عليها القانون ابداً و تتصرف بما يحلو لها ولا يستطيع اي مسؤل ان يحاسبها لأنها فوق القانون ، راجعوا انفسكم واستيقضوا من سباتكم فيوم الحساب قادم لا محالة.
الامن للمواطن
اردت ان اقول للاستاد يعقوب الرجل الشريف انت رجل ورجال قليلو
صباحك خير
هؤلاء هم اهل البحرين الاصيلة يفيضون علما . كفاءات وطنية يجب ان تحتضن ولكن للاسف
عزيزي امثالكم عليهم مسؤلية كبيرة وانتم اهل لها
ولشكر موصول لكل شريف يحارب من اجل ابن وطنه
صباحك ورد ياابالؤي
واصل السير فانت ومن معك من المخلصين كالزاد في السفر
عزيزنا كل ما تقوله ( يفعلون العكس )
المداهمات تأتي ليلا وليس لك حرمة يوقظون المرأة من فراشها نستيقظ على وقع التكسير والرعب والدخول من كل المنافذ بحيث تهتك حرمتك ومن كل الأتجاهات ، كل ما تقوله يتعمد البعض منهم المجيء في هذا الوقت بالذات امعانا في الأيذاء وبعضهم يرى لذة الأستقواء في هذا الوقت انصاف الليالي والبعض لديه ضغينه وحقد ينفه عليك وعلى عرضك ، سيدي لم يبقى لنا شيء الا وانتهكوه البعض يقول اننا نبالغ ولكن سيؤكلون يوما ما وسيعلمون قيمة ما نقول وسيصرخون ولكن لن يسمعهم احد ويم المظلوم اشد على الظالم .
شكرا لك
شكرا استاذنا الجليل طرح معقول ومعتدل والحقيقه ان مقالاتك ماده تثقيفيه دسمه تستحق وبدون مجامله ان تدرس نعم تدرس لان هناك من يجهل نصوص الدستو ر ويفصل على الكيفيه التي هو يراها تحيه مرة اخرى
موضوع ممتاز من كاتب شريف ومواطن مخلص
الموضوع جدا ممتاز يشكر عليه الاستاذ يعقوب ولي سؤال وتساؤل
ما هي عقوبة من يخالف القوانين التي ذكرتها اعلاه لان ما يحصل يوميا على ارض الواقع هو مخالفة صريحة للقوانين المذكورة فهل وجدت هذه القوانين لكي تداس
وتخالف ومن الذي يخالفها هم رجال الجهاز التنفيذي الذي يجب ان يكون هو الحارس على هذه القوانين لا خارقا لها
شكرا للكاتب الوطني الشريف والسؤال هل يدان كل من يخالف النصوص
النصوص واضحة ليس فيها لبس ولا عليها غبار ولكن هل هناك ادانة وتجريم لكل من يخالفها، لأن ما حصل ويحصل يوميا على ارض الواقع من الاجهزة الامنية هو خروقات ومخالفات واضحة للعيان. فكل قضايا القبض التي تمت كانت ولا زالت مخالفة للقوانين المذكورة فأين التجريم لمن يخالف القانون
الخروج على الدستور
صباح الخير أخي الكريم أولا واسمح لي أن اقتطف هدع الجملة من فقالك. فما بال السلطات تحارب من اختلف معها وعرى نواقصها, بالإهمال والمضايقات, مقابل المساندة المالية والمعنوية, لمن والاها من هده المؤسسات. اسمح لي أخي الفاضل بالقول بأنه بعد 14 فبراير 2011 بان الخنين والخايس عزك الله. ها أنت قلتها في الفقرة قبل الأخيرة "الخروج على الدستور" (محرقي/حايكي)