العدد 3766 - الجمعة 28 ديسمبر 2012م الموافق 14 صفر 1434هـ

لبنان جزء من الأزمة السورية رغم أنفه

ألقت تطورات الأزمة السورية المتواصلة منذ حوالي 21 شهرا بظلالها على لبنان خلال عام 2012 الذي يلملم أوراقه ليرحل، وبدا أثر هذه التطورات جليا على الواقع اللبناني على صعد شتى.

فقد بلغ عدد النازحين السوريين إلى لبنان حتى الاسبوع قبل الاخير من نهاية العام، بحسب بيان صادر عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في بيروت، أكثر من 164 ألف سوري، يتلقون العون والمساعدة من الحكومة اللبنانية والشركاء من الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية.

وشغل ملف النازحين السوريين بكل أبعاده الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية وحتى الأمنية ، اهتمامات المسؤولين اللبنانيين والدوليين الذين يزورون لبنان وتسعى الحكومة اللبنانية لإعداد خطة لمعالجة هذا الملف ، الذي بات أكبر من قدرة لبنان على تحمله ، في ظلّ وعود دولية وعربية بتقديم مساعدات.

وفي هذا الاطار، تلقى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي تأكيدات من السفيرة الأمريكية في لبنان مورا كونيللي ، وسفيرة الاتحاد الأوروبي أنجيلينا إيخهورست، وممثل الأمين العام للامم المتحدة ديريك بلامبلي، وعدد من السفراء العرب والأجانب، فضلاً عن بعض الدول والصناديق المانحة، تأكيدات بتوفير المساعدات لتغطية نفقات العدد المتزايد من اللاجئين السوريين.

كما شهد لبنان توترا سياسيا حادا وانقساماً بين مؤيد للثورة السورية ومعارض لها ، لم تتمكن الحكومة اللبنانية من التخفيف من حدته ، خاصةً أنه اتخذ أحياناً طابعاً مذهبياً "سُني - شيعي"، واتهم الفريقان بعضهما بعضاً بالدخول الميداني على خط الأزمة السورية.

ورغم تأكيد الحكومة اللبنانية ، وهيئة الحوار الوطني، من خلال "إعلان بعبدا" اتباع سياسة النأي بالنفس عن الشؤون السورية ، وتحييد لبنان عن صراعات الآخرين وعدم التدخل في شؤونهم ، إلا أن أطرافاً لبنانية لم تتمكن من تطبيق هذه السياسة وأقحمت نفسها في الشأن السوري .

فقد أعلن سياسيون لبنانيون مواقف مؤيدة لأطراف النزاع في سورية ، ذهب بعضها إلى حد الدعوة للمشاركة في القتال إلى جانب هذا الطرف أو ذاك ، وقتل عدد من اللبنانيين جراء المشاركة في أحداث سورية ، كان آخرهم مقتل 17 مواطنا ، في منطقة تلكلخ السورية بعد اشتباكهم مع الجيش السوري، وكان هؤلاء ذهبوا للقتال إلى جانب المعارضة السورية .

كما أصدر القضاء السوري الشهر الحالي مذكرات توقيف غيابية بحق النائب اللبناني في كتلة الحريري البرلمانية، عقاب صقر ، والناطق الرسمي بلسان "الجيش السوري الحر" لؤي المقداد بتهمة مد المعارضة السورية بالسلاح .

وأكد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله موقفه من الأزمة السورية داعياً إلى ضرورة بذل الجهود " للقبول بحوار يتنج تسوية سياسية في سورية".

متهماً كل من يمنع الحوار السياسي في سورية بأنه "مجرم يتحمل مسؤولية القتل".

وحذّر نصر الله تنظيم "القاعدة" من أنه وقع في " كمين " في سورية نصبته له بعض الحكومات في العالم الاسلامي والغربي .

وشهد لبنان خلال عام 2012 عددا من الحوادث الأمنية على صلة بالتطورات في سورية، حيث تم احتجاز 11 لبنانياً شيعياً أثناء عودتهم الى بلادهم براً ، من زيارة للعتبات المقدسة في إيران عبر تركيا ، فسورية ، من قبل مجموعة خاطفة قالت إنها تنتمي إلى المعارضة السورية المسلحة، وقد تم الافراج عن اثنين فقط .

كما شهدت مدينة طرابلس الساحلية شمالي البلاد توترات أمنية متكررة هذا العام بين منطقتي باب التبانة التي تناصر المعارضة السورية، وجبل محسن التي تناصر النظام السوري ورئيسه بشار الأسد ، نجم عنها سقوط العديد من القتلى والجرحى، بينهم مدنيون.

أما في الشأن الاسرائيلي، فقد أعلن الأمين العام نصرالله في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي إطلاق طائرة استطلاع متطورة "ايوب" فوق أجواء إسرائيل، في "عملية نوعية ومهمة جداً في تاريخ المقاومة في لبنان"، موضحا ًأن الأمر تكرر مرات عديدة وأن المقاومة نجحت في تسجيل معلومات .

وقد اعتبر بعض أركان المعارضة اللبنانية "ايوب" استفزازاً لإسرائيل.

وقال نصر الله أن المقاومة في لبنان قادرة على استهداف كامل الأراضي الاسرائيلية، "من الحدود اللبنانية إلى الأردنية إلى البحر الأحمر، من كريات شمونة إلى ايلات"."

مشيراً إلى أنها استطاعت ان توجد معادلة ردع جديدة مع إسرائيل واصفاً التخلي عن المقاومة، بأنه " جنون وانتحار".

وفي تشرين أول/أكتوبر الماضي هز انفجار ، ناجم عن عبوة ناسفة زنتها حوالي 30 كيلوغراماً ، منطقة الأشرفية شرق بيروت ، استهدف رئيس شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي اللواء وسام الحسن الذي قتل في الانفجار وشخصان آخران ، كما جرح 110 أشخاص .

وحمّلت قوى الرابع عشر من آذار المعارٍضة والحكومة اللبنانية ورئيسها نجيب ميقاتي مسؤولية دماء اللواء الحسن ، ودعته للإستقالة ، كما دعت الحكومة الى الرحيل ، فيما اتهم بعض السياسيين اللبنانيين "حزب الله " بتنفيذ عملية اغتيال الحسن ، الأمر الذي نفاه حسن نصرالله معتبراً أن البعض يعمل لاستغلال اغتيال اللواء الحسن "لبث الفتنة بين السنة والشيعة في لبنان".

وطالبت قوى المعارضة اللبنانية باستقالة الحكومة وتشكيل أخرى حيادية تشرف على الانتخابات النيابية التي ستجري العام المقبل ، فيما دعا رئيس الجمهورية ميشال سليمان القيادات اللبنانية إلى التفاهم "والعودة مجدداً الى الحوار للبحث في كل المشكلات المطروحة والتفاهم على حلول تبقي الساحة الداخلية مصانة وبعيدة من ارتدادات وانعكاسات ما يحصل حولنا".

وقد أثنت هذه التطورات الكثير من عرب الخليج عن الحضور إلى لبنان، سواء لقضاء بهدف التعليم أو السياحة أو الاستثمار.

كما حذرت بعض دول الخليج رعاياها من الذهاب إلى لبنان ، وطالبت رعاياها بمغادرة البلاد.

وفي ظل هذه التطورات لم يكن هناك بد من ترادع القطاعات الاقتصادية في البلاد، والتي تصدرتها السياحة والتجارة والعقارات، كما أدت تداعيات الأحداث الداخلية والإقليمية إلى ارتفاع نسب التضخم وانخفاض نسب النمو.

وأظهر تقرير دوري للجمارك اللبنانية، أن عجز الميزان التجاري اللبناني بلغ 306ر15 مليار دولار، حتى تشرين ثان/نوفمبر الماضي، مقابل 550ر15 مليار دولار في الفترة نفسها من العام الماضي.

ومن الاحداث الهامة التي شهدها لبنان في 2012 زيارة بابا الفاتيكان بنديكت السادس عشر للبلاد، والتي استمرت ثلاثة أيام دعا خلالها إلى ايجاد حلول لمشاكل المنطقة تحترم حقوق الإنسان ، كما دعا أن يكون لبنان الذي يتسم بتعدد الأديان نموذجا للسلام والتعايش الديني في منطقة الشرق الأوسط .





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً