استغرق العمل في المشروع نحو العام وشاركت في إنجازه أيادٍ وإبداعات بحرينية أصيلة بدءاً من منصور سرحان في الإعداد والتحرير، ومعه ثلاثي نسائي صبور ضم كل من فتحية الزامل وشريفة الفيحاني في الإعداد، وماجده خليل في التنسيق والتبويب. بينما شارك في كتابة هذا المعجم حقيقة 315 مؤلفاً بحرينياً برصد ذاتي لسيرة حياتهم ونتاجاتهم الفكرية التي غطت عدة حقول معرفية. ويعتبر هذا المعجم الأول من نوعه في مجال الثقافة العامة، وقام بإصداره مركز عيسى الثقافي لعام 2012.
إنه معجم المؤلفين البحرينيين الذي دُشن مؤخراً في مركز عيسى الثقافي وضم 884 صفحة من القطع المتوسط وبحلة فاخرة تناولت حياة المؤلفين البحرينيين ونتاجاتهم في مئة وإحدى عشرة سنة منذ عام 1900 وحتى عام 2011. واحتوى على تقديم قصير جداً بقلم محمد جابر الأنصاري. كما بلغ عدد عناوين الكتب التي ضمها المعجم زهاء ألفي عنوان غطت مواضيع وحقول معرفية مختلفة، بهدف اطلاع الأجيال الحالية والقادمة على المعلومات والبيانات عن كل مؤلف، كما ذكر المعد منصور سرحان، ولإبراز دور البحرين الريادي في الإنتاج المعرفي، وتشجيعاً على الإبداع الثقافي والفكري على جميع الأصعدة.
وما كان اختيار عام 1900 إلا لرصد الكتب التي طُبعت فقط لمؤلفيها وليس المخطوطات وإلا لتم اختيار سنوات سابقة أقدم من هذه. ولذا حبذا لو يتم إكمال هذا المشروع بآخر أيضاً يكون تحت اسم «معجم المخطوطات البحرينية ومؤلفيها» ليوثق الجهد الثقافي لأهل البحرين الأصلاء في عمق التاريخ كي يعلم به الجيل الحالي وليبقى نبراساً للجيل القادم.
نسجل هنا بعض الملاحظات على هذا المعجم ربما يمكن تداركها في الإصدار التالي له في السنوات المقبلة، ومنها:
- هناك ترجمة لحياة مؤلفين طويلة نوعاً ما مقارنة بإصدارهم لكتاب واحد فقط، في مقابل ترجمات قصيرة نوعاً ما لمؤلفين نشروا العديد من الكتب.
- فنياً بعض الصور غير واضحة الملامح لمؤلفين مازالوا يعيشون في البلاد حتى اليوم مقارنة بصور واضحة الملامح لمؤلفين غادروا الحياة منذ فترة. وهنا يُبرر العتب على المؤلفين أنفسهم لأن المعد راسلهم وهم لم يهتموا كثيراً بصورهم لأسباب خاصة بهم؛ إلا أنه من المفترض، والمعجم تشرف عليه جهة مهمة كمركز عيسي الثقافي، أن يكون هناك مصور محترف خاص بالمعجم يقوم بتصوير كل المؤلفين الأحياء في أماكن تواجدهم إن كانوا متواجدين في البحرين.
- حبذا لو وضعت صور لأغلفة الكتب التي قام المؤلفون بنتاجها ليكون المعجم شاملاً مفيداً للباحثين أكثر ويقوم بدور توثيقي لعناوين الكتب ومواقع إصدارها وسنواتها من واقع الأغلفة. وإن كانت «البيبليوجرافيا الوطنية» قد غطت ذلك ولكن وجود الغلاف له سحر وفائدة أخرى حتى وإن اضطر الأمر لتقسيم المعجم لأجزاء.
- قلة عدد المؤلفين البحرينيين الذين ضمهم المعجم، 315 مؤلفاً، مقارنة بحراك البحرين الثقافي الذي سبق دول الخليج الأخرى بسنوات طويلة.
- ما ذكره معد المعجم، منصور سرحان، بأن عدد عناوين الكتب التي صدرت في الفترة من شهر مارس/ آذار العام 1999، حتى نهاية شهر ديسمبر من العام 2011 بلغ عددها 1750 عنوان كتاب، مقارنة بصدور 1502 عنوان كتاب فقط طوال مئة عام منذ بداية عام 1900 وإلى شهر فبراير/ شباط من العام 1999؛ أمر يحتاج لوقفة تأمل وتحليل حقيقي موثق وبيان سبب الخلل في هذه المقارنة العجيبة للحياة الثقافية البحرينية طوال مئة عام منصرمة. هل هو خلل في الرصد والتوثيق، أم خلل في المؤلف نفسه أم في عقم الحياة الثقافية تأليفاً في المئة عام السابقة لأسباب ليست واضحة في هذا التصريح. لذا ينبغي الحذر من إصدار مثل هذه الأرقام إحقاقاً للواقع الثقافي البحريني الأصيل وأهميته في الساحة الخليجية وأسباب تخلفه تأليفاً عن غيره ممن لم يتعرفوا على الثقافة إلا قبل عقدين أو أكثر بقليل. هذا يحتاج فعلاً لدراسة جادة بعيدة عن النفاق الثقافي وتجميل الصورة، مهما كانت تبريراتها المتهالكة، مما تعودنا عليه سابقاً.
- أهم ما يمكن استخلاصه من هذا المعجم بعد قراءة سير المؤلفين البحرينيين ذلك الكم من الإبداع لهذه النخبة من شعب البحرين الأصيل وامتداد إبداعهم عبر قارات العالم بما يحملونه من مؤهلات أكاديمية وثقافية متنوعة كان المفترض أن تستفيد منها البحرين منذ عقود لتصبح مركزاً ثقافياً حضارياً وعاصمة للثقافة العربية بشكل حقيقي عنوانها غزارة في النشر وتواصل الإبداع العلمي والأدبي بتشجيع الدولة والقطاع الخاص في جميع المجالات.
لكن مثل هذه الملاحظات المتواضعة لا تقلل من جهد الرصد والتوثيق هذا وللفريق الذي قام به، مما سيضاف لنظام الفهرسة البحريني والدولي للتعرف على حضارة البحرين الأصيلة ورموزها الثقافية في الخليج والوطن العربي.
العدد 3766 - الجمعة 28 ديسمبر 2012م الموافق 14 صفر 1434هـ