كسر المؤتمر العام الخامس والعشرون للاتحاد العام للأدباء والكتّاب العرب مداولات ملتقياته التي وصفها بعض المشاركين بالبعد عن التحولات التي تشهدها المنطقة العربية، ليأتي ختام المسك ببيانين، أحدهما حمل اسم البيان الختامي الاعتيادي، فيما جاء البيان الآخر معنوناً ببيان الحريات في الوطن العربي، وتلاقى البيانان معاً في مسار الاقتراب من حال الأمة، ليسجل المؤتمر بذلك موقفاً تاريخياً تفرضه المعطيات أمام تحديات الأمن القومي والوحدة الوطنية.
وعلى مدى أيامه الأربعة، إبّان أيام انعقاده في الفترة من 22 - 25 ديسمبر 2012، تحت شعار: «الكلمة من أجل الإنسان»، حفل المؤتمر بملتقيين رئيسيين خصص الأول للندوة الفكرية (الأنصاري مفكراً) يوم الأحد 23 ديسمبر، فيما جاء عنوان الندوة الأدبية حاملةً علماً من أعلام الأدب في الوطن العربي (إبراهيم العريض أديباً) يوم الإثنين 24 ديسمبر 2012، لكن اللافت للنظر احتواء البيانين على جوانب في غاية الأهمية تصل في أعلاها إلى تجريم التكفير والإقصاء، والدعوة إلى عدم قمع المسيرات والاحتجاجات بالقوة، علاوة على استنكار استهداف الأدباء والمثقفين العرب.
دعم تطلعات الشعوب
ووفقاً لنص البيان الختامي، فقد صرّح نصه باستعراض المتغيرات بالوطن العربي ومراجعة التأثير المحتمل على واقع المثقفين والأدباء، وتطلعات الشعوب المشروعة لتحقيق قيم الحرية والعدل والاستقرار، مطالباً بالتصدي للخطاب التكفيري والإقصائي الذي تكون عناصره مهددة للأمن القومي الثقافي وللوحدة الوطنية، وحق الشعوب في الوصول إلى حقوقها بالوسائل المشروعة، خصوصًا تلك المتصلة بالحياة الديمقراطية، والحريات العامة، والعدالة الاجتماعية والسياسية، وضرورة تكريس فكرة الدولة المدنية، بالإضافة إلى مواجهة مخاطر التهويد التي تزداد على القدس وعموم فلسطين المحتلة، ورفض التدخلات الأجنبية في أي شأن عربي، والالتزام بقيم الهوية الثقافية العربية الجامعة.
التحرر من عباءة الظلم
وعلى مسار بيان الحريات في الوطن العربي، فقد شخص المؤتمر مكرراً حق الشعوب في التحرر من عباءة الظلمة والظلم بالتظاهر السلمي وحرية التعبير عن إرادتها بما يساهم في تعزيز قيمة الإنسان، مبدياً التخوف من الاقتتال الطائفي الذي انعكس بصورة أو بأخرى على الكتاب والأدباء، أدى إلى الانشقاق في صفوفهم، كما حدث في البحرين ومصر.
وبناءً على رصد عدد من الانتهاكات لحرية الأدباء والكتّاب في البلدان العربية، بدا واضحاً استهداف السلطات في غير بلد عربي للأدباء والكتّاب بالملاحقة والسجن، وعدم رعاية الأدباء، واستمرار إغلاق بعض وسائل الإعلام من صحف وقنوات فضائية، ومحاصرتها، ومحاولات الاعتداء على العاملين فيها والمتعاملين معها، بالإضافة إلى مواجهة المسيرات والاحتجاجات والتجمعات والاعتصامات السلمية والمعلن عنها بغير وسيلة تصل إلى القمع المسلح في كثير من الأحيان، وعن طريق مدنيين مدربين عسكريًّاً، كما وجدت في مصر والعراق والأردن، لافتاً البيان إلى ما يواجهه الأدباء والفنانون والمثقفون في غير بلد عربي تهديدات مباشرة أو غير مباشرة من قبل قوى وتيارات وجماعات دينية وطائفية متطرفة ضد حرية التعبير والفكر، من خلال التهديد بتكفير وتأثيم الثقافة أو بعض تنوعاتها ومظاهرها، فيما يواصل الاحتلال الصهيوني قمع الحريات عبر رقابته على الصحافة في القدس وإغلاق العديد من المؤسسات الثقافية والأكاديمية ومصادرته لإبداعات الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
وتناول البيان مشكلة الحيلولة دون دخول بعض الإصدارات من وإلى بعض الدول العربية، والتعرض للمؤسسات القضائية بما يمثله ذلك من عدم سيادة العدل والقانون، مؤكداً في الختام على أن الاتحاد يسعى لتعزيز الحرية باعتبارها الفعل الأتم والأجل الذي يساهم في حياة أفضل جديرة بالعيش والعمل والأمل.
العدد 3766 - الجمعة 28 ديسمبر 2012م الموافق 14 صفر 1434هـ