عام آخر ينصرم على البحرين، بحلوه القليل ومره الكثير، ومازلنا نقبع في المربع الأول سياسياً وأمنياً واجتماعياً. الكل يترقب حدوث شيء يحرك المياه الراكدة في هذا الوطن منذ قرابة العامين، لكن لا جديد إلا الصفعات التي تتوالى على الواقع الذي نعيش فيه، والاتهامات التي تبدأ بحملات الكراهية ولا تنتهي بالتخوين وانتهاكات حقوق الإنسان التي بات الصوت والصورة وفضاء الإنترنت لا يدع مجالاً للتشكيك فيها أو إنكارها.

وحتى لا نستغرق في السياسة كثيراً، ولأن السياسة «رجس من عمل الشيطان»، لنا أن نلجأ إلى أحلام مناوئيه من الملائكة، فلعل أمنياتها تتحقق لنا، فماذا عساها تتمنى لنا في عامنا الجديد؟ أظنها ستحتار قليلاً، فربما كانت ستتمنى لعشرات الأسر البحرينية إطلاق سراح معتقليهم السياسيين، لكننا ولله الحمد والمنة لا نمتلك معتقل رأي واحد، أو ربما كانت ستدعو ربها أن يبعد مسيلات الدموع عن البيوت وساكنيها من الرجال والنساء والأطفال والشيوخ، لكننا أيضاً لا نريد هذه الدعوة، لأن هذه الدعوة مبالغ فيها، فهذه الغازات لا تلقى إلا نادراً وفي أضيق الحالات، وحرام أن تضيع أمنيات الملائكة في الهواء، كما تتلاشى نسمات هذه المسيلات وتختفي.

ولا أعتقد أنها ستتمنى للبحرينيين حكومة منتخبة، فنحن لا نحتاجها، بل نحتاج إلى معارضة تحسن القراءة، ولا تفهم الدعوات التي توجه لها خطأ، لأن ذلك يحرج الآلاف الذين يناصرون هذه القوى ويدعمونها، فهداهم الله إلى من يعلمهم أبجديات القراءة، حتى لا يحرجوا أنفسهم ومريديهم بسبب ذلك.

وقطعاً، لا نحتاج إلى محاسبة من يقوم بالانتهاكات، فلو قُدّم هؤلاء إلى العدالة ونالوا جزاءهم، فبمن سينشغل المظلوم في جوف الليل، وهل يمكن أن نتصور وطنناً من دون هذه الانتهاكات؟ اعذرينا يا ملائكة السماء، فلا نريد أمناً للجميع، وإلا فلمن خُلق الخوف.

ولا نريد دوائر انتخابية تضمن صوتاً واحداً لكل مواطن، لأن ما لدينا الآن أفضل من كل ذلك. ولا نريد برلماناً كامل الصلاحيات، فبرلماننا اليوم أقوى بكثير من أي برلمان في العالم، حتى لو لم يستطع استجواب وزير واحد، فليس المهم ذلك، المهم دائماَ حسن النية في المسئولين.

أتعبتنا أيتها الملائكة وأتعبناك! فكل أمنياتك لنا متحققةٌ على أرضنا بأفضل مما تتمنين وتأملين، (والله لا يغيّر علينا)، لكن لا نريد أن يبدأ العام الجديد 2013 دونما لفتةٍ منك، فهل لك أن تحلمي لنا بيوم يعيش فيه البحرينيون، كل البحرينيين، بكثير من العزة والكرامة؟