العدد 2477 - الخميس 18 يونيو 2009م الموافق 24 جمادى الآخرة 1430هـ

مبادرة «الصحافة الأخلاقية»

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في ثالث زيارةٍ يقوم بها الأمين العام للاتحاد الدولي للصحافيين أيدين وايت للبحرين، اجتمع صباح الثلثاء بمجلس إدارة جمعية الصحافيين البحرينية، وفي المساء أعلن عن إطلاق «مبادرة الصحافة الأخلاقية». وصباح أمس التقى بعددٍ من الصحافيين والمراسلين والزملاء الخليجيين في بيت عبدالله الزايد للصحافة بالمحرق في حوار مفتوح.

اللقاء كان مخصّصا للقاء رؤساء التحرير (8 أو 9)، حضر منهم اثنان. وتحدّث وايت عن ثلاث ركائز تقوم عليها المبادرة: الجودة الأخلاقية، وبناء الثقة بين الصحافة والمجتمع، وإيجاد إطار ينظّم العلاقة بين السلطة والصحافة والمجتمع المدني، وفي قلب ذلك تأتي حرية الصحافة والتعبير، القائمة على فكرة أن للإعلام رسالة في الحياة.

أيدين أشار إلى بعض التحديات التي تواجه الصحافة عموما، والمحلية خصوصا، في مقدمتها الاستقلالية والطائفية وتأثير الإعلان ورأس المال، إلى جانب قضايا المرأة والطفل، وتقديم المعلومة الموثوقة، وهو جوهر الصحافة الأخلاقية. وأشار إلى موقف الحكومات بالمنطقة من الصحافة، إذ تعتبرها عدوا يجب احتواؤه ومحاصرته بالقوانين للحد من حريتها، مستدلا بقانون الصحافة المعلّق عندنا منذ سنوات.

اللقاء كان حيويا بالنقاش، إذ بدأ بتساؤلٍ من أحد الحضور، عمّا يمكن عمله لـ «معاقبة» ما أسماها الصحافة المؤدلجة، وهو ما يدندن به كثيرا بعض الليبرالين والشوريين، مع أنه لا يمكن تصوّر إنسان لا يحمل فكرا أو ايدلوجية معينة أو موقفا في الحياة... فحتى اللامنتمين من جماعة كولن ولسون لهم ايدلوجية وموقف وانتماء. والأطرف من ذلك ما أجاب به أيدين: «إننا لا نريد أن نعاقب الصحافيين، لأن هناك الكثير من الجهات التي تعاقبهم، وإنّما نطالب بالكشف عن التجاوزات والأخطاء، وبالمزيد من الشفافية». وأشار إلى بعض مظاهر الإفساد المشهورة عالميا، من قبيل «الظروف البنية» في الغرب، (في الصين تسمى بـ red letter) التي تحتوي على (كاش) للصحافي، وربما يقابلها عربيا «كوبونات النفط»، وكلها أسماء شتى لعلةٍ واحدةٍ مستعصية: الرشوة.

بعض الزملاء طرحوا قضايا مثل ضغط الإعلان على حرية الصحافة، وتوجيه التغطيات بصورة غير حيادية، وكون ملاك الصحف تجارا وأصحاب أعمال، ولا يهمهم المهنية والموضوعية. وأشارت إحدى الزميلات إلى أن بعض المسئولين تسبّبوا في فصل صحافيين لأن تغطياتهم لم تعجبهم، فضلا عن تدخل بعض الوزارات لفرض صحافيين معينين ورفضها التعاون مع آخرين. وعلّق ايدين بقوله إن امتلاك الصحف لا يكون دائما بحثا عن الربح، بل أحيانا بحثا عن النفوذ وممارسة التأثير في المجتمع.

المناقشات الثرية استمرت أكثر من ساعتين، وكانت معبّرة حقا عن واقع العمل الصحافي وهمومه، وخصوصا ما يتعلق بالجانب الأخلاقي الذي يشهد بعض الثغرات، ونحن جميعا معنيون بردمها لإصلاح البيت الداخلي. فمن ذلك وجود أشخاصٍ ارتضوا لأنفسهم أن يكتبوا «تقارير» عن صحفهم أو زملائهم لجهاتٍ «مجهولة» خارج العمل الصحافي؛ أو القيام بفبركة بيان كاذب للتحريض الطائفي كما حدث في انتخابات جمعية الصحافيين الأخيرة؛ واستخدام المال السياسي في انتخابات 2006. وحين طرحتُ هذه الإشكالات الثلاثة، ردّ أيدين بقوله إن البحرين تحتاج إلى نقاشٍ على المستوى الوطني عن دور الصحافة، وما ينبغي عليها أن تقوم به في تغطيتها للانتخابات المقبلة. وعن المخالفات ومظاهر الفساد، قال إنه يجب كشف هذه الممارسات التي تضر الصحافة وتشوه سمعة الصحافيين.

أيدين بخبرته الطويلة، قال إن العاملين بالصحافة عادة ما تنهال عليهم الكثير من الهدايا، من لباس وهدايا عينية وسيارات و(كاش)! واستشهد بما حدث معه حين نصحه أحد رؤساء التحرير بإضافة مبلغ إضافي على نفقاته لكي يكسب بعض المال! وحين حاولتُ الاستشهاد بأحد الزملاء الشرفاء في القاعة، ممن عرض عليه أحدهم بمجلس النواب مبلغا من المال في «ظرف بني»، سرت همهمةٌ عاليةٌ في نوعٍ من الاحتجاج بأننا لم نحضر لمناقشة هذا الأمر! ولم يتقبلوا كلامي بأنه في صلب المبادرة الأخلاقية التي جئنا لمناقشتها! ولو سمعوا بقية القصة، لتبيّن لهم أن الزميل رفض في شممٍ استلام المال!

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2477 - الخميس 18 يونيو 2009م الموافق 24 جمادى الآخرة 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً