دعي اكثر من 25 مليون ناخب مصري السبت (22 ديسمبر/ كانون الأول 2012) للادلاء باصواتهم في المرحلة الثانية والاخيرة من الاستفتاء على مشروع الدستور الذي اعدته جمعية تأسيسية يهيمن عليها الاسلاميون ما اثار اكبر ازمة سياسية في البلاد منذ تولي الرئيس محمد مرسي السلطة في نهاية حزيران/يونيو الماضي.
وبعد الظهر، كانت عمليات الاقتراع مستمرة في المحافظات ال17 التي تشملها المرحلة الثانية والممتدة من الاقصر جنوبا حتى البحيرة شمالا.
وقررت اللجنة العليا للانتخابات تمديد مواعيد التصويت في الاستفتاء حتى الساعة 23,00 مساء (21,00 ت غ) بدلا من الساعة ال19,00 مساء.
وقالت اللجنة ان هذا القرار جاء "نتيجة اقبال الناخبين على مقار لجان الاستفتاء بشكل كبير وتيسيرا عليهم للادلاء باصواتهم في عملية الاستفتاء على الدستور".
وتشكلت طوابير الناخبين منذ الصباح امام عديد من اللجان بينما كان الاقبال ضعيفا على لجان اخرى، وفق صحافيي فرانس برس.
وامام احدى المدارس في الجيزة، قال محمد حمزة (49 سنة، سائق) "ساصوت بنعم لان مصر تحتاج دستورا للاستقرار"، مضيفا "اتمنى ان يؤدي اقرار الدستور لتحسين الظروف المعيشية لاننا نعاني من غياب الامن وعدم توافر فرص العمل".
اما سيد مصطفي وهو محاسب في السابعة والعشرين من عمره "بالطبع ساقول لا... هذا دستور لا يحترم المصريين".
واضاف مصطفي الذي ارتدى قميصا كتب عليه "الثورة مستمرة"، ان "الدستور نسي ان مصر بها ثورة .. نحن نستحق افضل من ذلك بكثير".
وكانت المرحلة الاولى للانتخابات جرت السبت الماضي في 10 محافظات تشمل الناخبين واسفرت عن موافقة اكثر من 56 بالمئة من المشاركين على مشروع الاستفتاء ورفض اقل من 44% له.
وحتى الان تجري عمليات الاقتراع في هدوء وان كانت حركات واحزاب المعارضة تتحدث عن مخالفات في عدد من اللجان.
واعلنت اللجنة العليا للانتخابات صباح السبت، التي تتولى تنظيم الاستفتاء، انها ستعلن النتائج النهائية "بعد يومين من انتهاء عمليات الاقتراع" في حين دعا مفتي مصر علي جمعة المعارضة الى "قبول نتيجة الاستفتاء بصدر رحب" ايا كانت.
وقد دعت المعارضة المصرية الى التصويت بلا على مشروع الدستور الذي ترى الاحزاب الليبرالية واليسارية انه لا يحظى بالتوافق ولا يكفل حقوقا وحريات اساسية كما تعترض عليه الكنيسة القبطية اذ تخشى ان يفتح الباب لتمييز ضد المسيحيين المصريين.
ودعا الرئيس المصري الى الاستفتاء على الدستور رغم نشوب ازمة سياسية كبيرة في البلاد التي شهدت تظاهرات حاشدة خلال الاسابيع الثلاثة التي سبقته تظاهرات حاشدة للمعارضة بناء على دعوة جبهة الانقاذ الوطني التي تضم المعارضة اليسارية والليبرالية.
وتخللت التظاهرات اعمال عنف ادت خصوصا الى مقتل ثمانية اشخاص في الخامس من كانون الاول/ديسمبر الجاري في اشتباكات بين انصار ومعارضي محمد مرسي امام قصر الرئاسة في القاهرة.
وعشية الجولة الثانية من الانتخابات اصيب 62 شخصا من بينهم 12 من رجال الشرطة في اشتباكات في مدينة الاسكندرية (شمال) بين المؤيدين والمعارضين لجماعة الاخوان المسلمين والحركات السلفية المتحالفة معها.
وتم نشر 250 الف شرطي لتأمين الاستفتاء في المحافظات ال17 التي يجري فيها الاقتراع السبت كما تشارك قوات من الجيش في عمليات التأمين.
وقررت العديد من الهيئات القضائية، مقاطعة الاشراف على الاستفتاء احتجاجا على قرارات للرئيس المصري اعتبرتها تدخلا سافرا في شؤون السلطة القضائية الا ان اللجنة العليا للانتخابات التي تنظم الاستفتاء اكدت ان لديها عددا كافيا من القضاة للاشراف على الاقتراع.
وتقول المعارضة ومنظمات حقوقية محلية ان المرحلة الاولى من الاستفتاء على مشروع الدستور شابتها مخالفات كثيرة وعمليات تزوير.
وفي حالة اقرار مشروع الاستفتاء، سينقل الرئيس المصري سلطة التشريع التي يمتلكها في الوقت الراهن الى مجلس الشورى.
وعشية المرحلة الثانية من الاستفتاء اصدر مرسي قرارا بتعيين 90 عضوا في مجلس الشورى استنادا الى قانون موروث من عهد حسني مبارك يمنح رئيس الجمهورية حق تعيين ثلث اعضاء هذا المجلس.
ووفقا لمشروع الدستور الجديد سيبقى مجلس الشورى قائما بتشكيلته الحالية لمدة 14 شهرا اذ ينص على اجراء انتخابات جديدة لهذا المجلس بعد عام من انتخابات مجلس الشعب (النواب).
وبموجب مشروع الدستور الذي يتم الاستفتاء عليه، سيتقاسم مجلس الشورى الصلاحيات التشريعية مع مجلس الشعب.
واضافة الى الازمة السياسية، تواجه مصر ازمة اقتصادية حادة اذ عادت عائداتها من النقد الاجنبي الى الانخفاض في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي بعد ثلاثة اشهر من الاستقرار كما انها تعاني عجزا كبيرا في موازنتها العامة نتيجة الانخفاض المضطرد في موارد الدولة منذ ثورة 25 كانون الثاني/يناير 2011 التي اطاحت مبارك.
وقرر صندوق النقد الدولي وقف قرض قيمته 4,8 مليار دولار كان تم الاتفاق مبدئيا على منحه لمصر بعد ان اوقف الرئيس المصري، في اوج الازمة السياسية الراهنة وقف تطبيق قانون ضريبي جديد من شأنه رفع اسعار عدة سلع وخدمات.