العدد 3758 - الخميس 20 ديسمبر 2012م الموافق 06 صفر 1434هـ

الخوف من التدويل

غانم النجار ghanim.alnajjar [at] alwasatnews.com

كاتب كويتي

كلما زادت الدول في انتهاكاتها لحقوق الإنسان زاد خوفها من التدويل، وكلما تصورت الحكومات أن مفهوم السيادة يعني صلاحيتها المطلقة في التصرف بالبشر داخل حدودها من دون اعتبار لأية كرامة للإنسان؛ تعاملت بارتباك مع فكرة خروج الشأن الداخلي إلى الخارج.

تلك كانت الصورة عندما صدر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في (10 ديسمبر/ كانون الأول 1948)، ويبدو أنها مازالت تسيطر على تصور حكوماتٍ عديدةٍ حتى يومنا هذا.

اتضح ذلك من معارضة أكبر دولتين حينها؛ الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي لمبدأ إنشاء لجنة حقوق إنسان، واندفعت معهما بريطانيا العظمى.

«كان عنوان حقوق الإنسان يثير تحفظات الدول الكبرى لأسباب أهمها الرغبة في السيطرة واحتكار النفوذ بالنسبة إلى بعضها أو الرغبة في المحافظة على المكاسب الاستعمارية بالنسبة إلى بعضها الآخر»، وزادها ارتباكاً الحرب الباردة التي جعلت من قضايا حقوق الإنسان مجرد أفكار بعيدة عن الواقع، ويتم استخدامها سياسيّاً بشكل سافر.

وعندما سقط جدار برلين أواخر الثمانينات من القرن الماضي؛ بدا أن هناك بدايةً لتحولات مهمة في العالم، وبروزاً للأفكار الكبرى كالسلام والديمقراطية وحقوق الإنسان والبيئة التي صارت جزءاً من الحراك الشعبي والأفكار الإنسانية الكونية المناقضة للفكر التسلطي التقليدي الذي يرتكز على القوة المجردة والهيمنة والتسلط، حتى باتت تلك الأفكار ومنظومتها الدولية رقماً صعباً في السياسة الدولية، لتفرض تدريجيّاً بصمات أجندتها الإنسانية القائمة على التحرك السلمي والنَفَس الطويل. ومازالت المعركة مستمرةً، ولا يبدو أن غبارها سينقشع قريباً. معركة مختلفة عن سابقاتها من المعارك، وهي معركة تتحول شيئاً فشيئاً لتصبح كونية عالمية، وكان أبرز انتصار تحقق في الطريق؛ هو سقوط نظام «الأبارثايد» العنصري في جنوب إفريقيا، ولكن إزالة العنصرية والتسلط سواءً في جنوب إفريقيا أو غيرها مازالت في مراحلها الأولى، فالمعركة الكونية الآن هي بين أن تكون كرامة الإنسان مطلقةً وبين أن تكون تلك الكرامة نسبية.

وفي حين بدأت العديد من الدول تتجه نحو استقرار مفاهيمها الإنسانية، فإن دولاً كثيرة، ومنها منطقتنا، تخاف من فكرة أن تكون للإنسان كرامة، ولذلك تخشى فكرة التدويل، ومعالجة القضايا الإنسانية في المحافل الدولية، لكنها كما يبدو معركة خاسرة كما سنبين، فالقطار قد ركب على السكة. وللحديث بقية.

إقرأ أيضا لـ "غانم النجار"

العدد 3758 - الخميس 20 ديسمبر 2012م الموافق 06 صفر 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 1:48 ص

      التدويل ليس مشكلة

      التدويل ليس مشكلة، فكما ساعد التدويل في جعل العراق بلد يعيش في سلام ويمارس الجميع معتقداتهم بكل حرية بدون سقوط ضحايا، سيجعل من البحرين ذلك وأخيراً سيستمتع الجميع بمنارسة معتقداتهم وسيتذكرون الأيام الماضية.

    • زائر 1 | 10:59 م

      من يتعظ سيدي الكاتب

      بلدي حبيبتي تسير نحو التدويل كما قالها الكاتب الشريف عيسى سيار ونصح الحكم بالجلوس مع المعارضة لكنه الرهان الخاسر بالعناد والاستمرار في الحل الامني الشديد والغير متناسب ونقول نحن في القرن ال21 ......القرن 19 وشتان ببن الزمنين وكما قال طيب الذكر ابن سيار من يرفع الشراع.

اقرأ ايضاً