أظهر المقيمون في قطر أكبر تراجع في مواقفهم تجاه الإدّخار، على عكس المقيمين في البحرين الذين أظهروا أكبر ارتفاع إجمالي، وتلا هؤلاء بمعدلات متقاربة المقيمون في الامارات العربية المتحدة وعمان والمملكة العربية السعودية، وذلك وفقاً لمؤشّر الصكوك الوطنية للإدّخار الخاص بدول مجلس التعاون الخليجي الذي أطلقته يوم أمس الصكوك الوطنية برنامج الادخار والاستثمار الرائد والمتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية في الإمارات العربية المتّحدة.
تحوّل نتائج المؤشّر سلوكيات المجيبين إلى قيمة أساسية يمكن استخدامها في مقارنة أداء البلدان على صعيد الإدّخار من عام إلى عام. وبيّنت هذه النتائج في العام المنصرم أن المقيمين في البحرين اتّسموا بأكبر زيادة في مواقفهم تجاه الإدّخار، يتبعهم المقيمون في الامارات العربية المتحدة وعمان والمملكة العربية السعودية. أمّا الكويت، فحافظت على مستواها، ولم تظهر أي تحسّن أو تراجع ملحوظ، في حين أنّ قطر تراجعت للسنة الثانية على التوالي، وأبدت زيادة في مستوى التشاؤم تجاه الإدّخار في الدولة.
وقد تواصلت ظاهرة الإدّخار الغير منتظم أو عدم الادخار خلال عام 2012، حيث اعترف 74% من المقيمين في المملكة العربية السعودية و71% من المقيمين في الكويت وقطر وعمان والبحرين أنّهم لا يدّخرون بانتظام.
في حين ان الدولة الوحيدة التي حقّقت تحسّناً ملحوظاً هي الإمارات، حيث اعترف فقط 65% من المجيبين بالأمر ذاته. أمّا الأمر المثير للقلق، فهو أنّ 92% من المقيمين في السعودية يعتبرون أنّ ادّخاراتهم غير كافية للمستقبل، وهذه أعلى نسبة في المنطقة. وشاركتها هذا التشاؤم دول خليجية أخرى، إذ تبعتها عن كثب الكويت (91%) والبحرين (88%) والإمارات (87%) وعمان (85%) وقطر (84%).
وأظهرت أيضاً نتائج مؤشّر الصكوك الوطنية للإدّخار الخاص بدول مجلس التعاون الخليجي، في دورته الثالثة هذا العام، أنّ 1% فقط من المقيمين في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر والبحرين والكويت و2% من المقيمين في عمان يصنّفون ادّخاراتهم على أنّها "أكثر من كافية" للمستقبل.
وبرزت في الكويت أعلى نسبة من المجيبين الذين أقرّوا أنّ ادّخاراتهم أقل من ما كانوا يخطّطون له وهي 78%، وأقرّ ما معدّله 71% من المجيبين في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر والبحرين وعمان بالأمر ذاته، مشيرين إلى الحاجة إلى توعية أكبر حول آليات الإدّخار وأدواته. ومن بين الأشخاص الذين يدّخرون، كشف 45% من المقيمين في دول الخليج أنّهم يدّخرون 10% من مدخولهم أو أقل.
لكن من الناحية الإيجابية، أعرب ثلثا المجيبين عن خطّتهم ببدء الإدّخار في الأشهر الستة المقبلة. وعبّر المقيمون في عمان والكويت عن الرغبة الأكبر في زيادة ادّخاراتهم في الأشهر الستة المقبلة (76% و70% تباعاً). وتوقّع نصف المجيبين أن يرتفع مدخولهم في الأشهر الستة أو السنة المقبلة، بينما يعتقد 6% فحسب أنّ مدخولهم سيتراجع في الفترة ذاتها.
تجدر الإشارة إلى أنّ مؤشّر الصكوك الوطنية للادّخار دراسة شاملة سنوية لسلوك المقيمين في دول مجلس التعاون الخليجي ومواقفهم تجاه الإدّخار وإنفاق المال. وأطلقت الصكوك الوطنية عام 2012 المبادرة بهدف تزويد نقطة مرجعية إقليمية لتطوّر أنماط الادخار وعاداته بين الشعب، وبهدف فهم الأسباب وراء هذه العادات بشكل أفضل. وشمل المسح 1,140 مقيماً في المملكة العربية السعودية وقطر والبحرين والكويت وعمان و611 مقيماً في الإمارات العربية المتحدة.
ومع أنّ هذه الدراسة بيّنت بعض الاختلافات في عادات الإدّخار بين المقيمين في مختلف بلدان مجلس التعاون الخليجي، ممّا يعكس بالتأكيد البيئة الاقتصادية المختلفة في كلّ دولة من الدول، أظهرت أيضاً بعض التحديات المشتركة. وتبقى البقالة والخدمات العامة اليومية الأغراض التي ينفق عليها المقيمون في دول مجلس التعاون الخليجي مالاً أكثر عاماً بعد عام.
وفي قطر، نسبة الأشخاص الذين ينفقون مالاً أكثر على المنتجات والخدمات هي أعلى من أي دولة أخرى في مجلس التعاون الخليجي. وتتصدّر قطر أيضاً اللائحة في زيادة الإنفاق على تناول الطعام في الخارج (33%)، تليها الإمارات (30%) والكويت (27%) وعمان (26%). أمّا السعودية، فهي أكثر دولة تنفق المزيد من الأموال على الإيجارات (33%)، تتبعها الإمارات (31%) وقطر والكويت (30%). ويتبعها بفارق كبير البحرين وعمان بنسبة 20% و19% تباعاً.
وبيّنت النتائج هذا العام اتّساع الفجوة في الاتجاهات المتعلقة بالسفر إلى الخارج بين دول مجلس التعاون الخليجي، فعمان هي الدولة الأقلّ إنفاقاً على السفر خارج البلاد، في حين أنّ الكويت والإمارات أكثر دولتين تنفقان على السفر بنسبة 25% و23% تباعاً.
ومع أنّ الأولويات الشخصية اختلفت بين المقيمين في دول مجلس التعاون الخليجي، برز إجماع على تعليم الأبناء (الذي احتلّ المرتبة الأولى في الإمارات وقطر) وعلى التقاعد (الذي احتلّ المرتبة الأولى في الكويت وعمان والبحرين) اللذين شكّلا سببين من أبرز ثلاثة أسباب للادّخار في دول مجلس التعاون الخليجي الست كلها. وبالنسبة للمقيمين في المملكة العربية السعودية، كان شراء العقارات السبب الأوّل للادّخار للمرة الثانية على التوالي، وكان هذا من الأولويات في دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى.
وكانت وسائل الإدّخار الأكثر استخداماً بين دول مجلس التعاون الخليجي هي الحسابات المصرفية الجارية العادية أو الحسابات المصرفية التوفيرية. وتبيّن أنّ المجيبين في السعودية يستخدمون أقل الأنواع المختلفة من وسائل الإدّخار مقارنة مع دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، وقد يعود السبب إلى النقص في تنوّع أدوات الإدّخار في المملكة. وخارج الإمارات (24%)، تبيّن أنّ قطر تضمّ النسبة الأكبر من المدّخرين الذين يستخدمون الذهب كأداة للادّخار (17%)، وهم أيضا أكثر مستخدمين للعقارات كأداة للادّخار (20%).
وحين سُئلوا عن أبرز العوامل التي أُخذت بعين الاعتبار عند اختيار وسيلة للادّخار، كان العامل الأبرز في كل الأسواق إلا الامارات توافقها مع أحكام الشريعة الإسلامية، تليها سمعة المزوّد. وكانت العائدات السنوية العالية أيضاً إحدى ابرز خمسة اسباب في جميع الدول. وفي المملكة العربية السعودية، كان السبب الثالث الأبرز قدرة خطة الادخار أو الشركة على ضمان رأس المال المستثمر، ولكن لم يكن لهذا العامل الأولوية ذاتها في الكويت وعمان وقطر.
وتُعتبر الأولويات الثلاث الأبرز المذكورة دعماً قوياً للصكوك الوطنية، برنامج الادخار المتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية الفريد من نوعه في المنطقة. وقد حقّقت هذه الخطة عوائد متراكمة نسبتها 30.33% في السنوات الستة الأخيرة، أي أعلى بشكل ملحوظ من معدّل السوق لودائع الإدّخار المماثلة.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة الصكوك الوطنية، ش.م.خ: محمّد قاسم العلي "لقد أصبح مؤشّر الإدّخار في دولة الإمارات العربية المتّحدة ودول مجلس التعاون الخليجي مقياساً يترقّب الجميع إصداره إذ لا يعكس البيئة الاقتصادية الحالية فحسب، بل يعمل كمؤشر هام في ما يخص اتجاه الاقتصاد أو ما يتوقّعه الناس بخصوص اتجاهه".
وأضاف قائلاً: "لاحظنا هذا العام استعداداً للادّخار، لكننا نشهد نقصاً في الثقافة حول الأدوات التي يمكن استخدامها لادّخار المال بانتظام وبفعالية. والسبب الرئيس وراء ذلك هو أنّ الناس يستشيرون أوساطهم الاجتماعية عوضاً عن المستشارين المختصين. وبالفعل بيّنت النتائج أن أقل من خُمس المقيمين في دول مجلس التعاون الخليجي يلجأون إلى المستشارين الماليين عند اختيار خطط الإدّخار وأدواته، ويفضّلون أن يتّخذوا القرار بنفسهم أو يستشيروا بحسب مستوى الأهمية زوجهم وعائلتهم وأصدقاءهم وزملاءهم أولاً".