تحوّلت مارتا خديجة، ذات التراث المكسيكي ورئيسة جمعية المسلمين من أصول إسبانية في أميركا، إلى الإسلام عام 1983. لم تكن سعيدة بحياتها الروحية، وعندما انتقلت إلى الولايات المتحدة بدأ أصدقاؤها المسلمون يرسلون لها نصوصاً إسلامية، ثم قامت بزيارة مسجد. أعطتها تلك التجربة العاطفية والقوية سلاماً داخلياً.
أميركي آخر من أصول إسبانية وهو مارك غونزاليس، الكاتب والمخترع ومسلم من السكان الأصليين، حسب تعريفه لنفسه، يركز معظم أعماله على قضية الهوية.
بدأ غونزاليس، وهو من أصول مكسيكية وفرنسية كندية وقد نشأ كاثوليكياً، باستكشاف الإسلام بعد أن مارس المسيحية بأسلوب عميق جداً. وهو يقول «أدركتُ في تلك العملية أنني لا أحب فكرة حارس البوابة!» كان في ذلك الوقت يعمل أيضاً في مجال العدالة الإصلاحية مع الأسر التي تم ترحيلها بعد الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول. بدأ يبني علاقات مع أناس يمارسون الإسلام، وتحول هو نفسه إلى الإسلام.
طالما عُرِفت أميركا بتنوعها، ويُنظَر إليها كدولة مكونة من أقليات يتقاطعون مع بعضهم بعضاً على أسس منتظمة. ونتيجة لذلك، أصبح عدد المسلمين من أصول إسبانية في الولايات المتحدة الذي ينمو بشكل منتظم أمراً لا مناص منه. وحسب «رويترز»، يعتنق 2,6 مليون شخص الإسلام، وهو واحد من أسرع الديانات نمواً في بلدنا. ويشكّل السكان من أصول إسبانية، وهم مجموعة تنمو بسرعة أيضاً، 17 في المئة من مجموع سكان الولايات المتحدة. من الطبيعي أن تتقاطع هاتان المجموعتان في النهاية، ويبدو ما قد يظهر في البداية أنه رابط غير شائع، أمراً طبيعياً تقريباً.
عند سؤالها عن ردة فعل أسرتها المكسيكية إزاء تحولها إلى الإسلام، تقول خديجة: «اعتقدت والدتي أنني انضممت إلى نوع من الطوائف الدينية الغامضة»، ولكنها سرعان ما تفهّمت بعد أن تحدَّثَت مع قسيس كنيستها، الذي طمّأنها أن ابنتها كانت على طريق الصواب. وتقول خديجة إنها لا تشعر بشكل عام أنه يجري الحكم عليها من قبل السكان الآخرين من أصول إسبانية، وأنها قادرة على العيش مع كلا الهويتين دون أية تحديات. وتعتقد أن جزءاً من ذلك يعود إلى أنها مازالت على اتصال وثيق مع جذورها المكسيكية وأنها لا تغطّي شعرها. تقول خديجة: «حافظتُ على ثقافتي، لم ألبس أي نوع من الثياب من الشرق الأوسط». كما تحافظ منظمتها على علاقة جيدة مع الكنيسة الكاثوليكية في لوس أنجليس.
تجربة غونزاليس مماثلة، يقول: «عملي، بالذات، هو عن إعادة تشكيل فكرة الناس عن الهوية». وكشاعر وعالِم يسافر غونزاليس حول العالم لنشر رسالته.
وعند سؤاله عن الإبحار عبر الهوية المسلمة للسكان من أصول إسبانية، يقول إن الهوية تصبح مشكلة فقط عندما لا يتلاءم تراثه وروحانيته مع توقعات أناس آخرين.
ليست هناك إحصائيات محددة حول عدد المسلمين من أصول إسبانية في الولايات المتحدة، ولكن التقديرات تتراوح بين 100,000 و200,000، حسب المنظمة. يقول المحامي ورجل الدين ويلفريد عمرو رويز إن منظمته، الجمعية الإسلامية الأميركية لأميركا الشمالية، شهدت زيادة مميزة في الطلب على كتب القرآن الكريم باللغة الإسبانية خلال السنوات العشر الماضية. كما أن مئات الطلبات تصلهم حول نصوص إسلامية من السجون كل أسبوع، ما يشير إلى أن بعض الذين يتحولون إلى الإسلام يأتون من نظام السجون.
يجد السكان من أصول إسبانية، وهم ليسوا مجموعة متناغمة، يجدون الإسلام بأساليب لا تعد ولا تحصى. يتحول البعض نتيجة لعلاقات رومانسية، ويرغب آخرون بإعادة الارتباط مع الدين، أو أن اهتمامهم أكاديمي. بالنسبة لويلفريد عمرو رويز، كان الفضول هو ما قاده إلى الإسلام. كان يسعى إلى إعادة الارتباط مع الدين عندما رأى مركزاً إسلامياً يتم بناؤه في سان جوان ببويرتو ريكو فقرر أن يستكشف.
يقول رويز إن بعض السكان من أصول إسبانية يرفضون الإسلام بسبب الصور غير المؤاتية التي يشكّلها الإعلام، لكن البعض يكتشف أنهم يتشاركون في العديد من القيم الأخلاقية للمسلمين. وهو يشعر كذلك أن بعض المسلمين من أصول إسبانية ممن لهم روابط مع إسبانيا ينجذبون إلى الدين نتيجة للتاريخ الطويل للمسلمين في إسبانيا.
يخلق المسلمون من أصول إسبانية، أمثال غونزاليس ورويز وخديجة هوية أميرية فريدة. يقول: «الاسلام دين له علاقة ثقافية وثيقة من حيث الجوهر مع هؤلاء الذين يمارسونه، فالمسلمون من أصول إسبانية يصنعون شكلاً ثقافياً وثيقاً من الإسلام». إننا كأميركيين نحتاج لأن نفتح مساحة في أذهاننا لهذه الجاليات الجديدة.
إقرأ أيضا لـ "Common Ground"العدد 3754 - الأحد 16 ديسمبر 2012م الموافق 02 صفر 1434هـ