قالت تخاطر والدها من بعد ما لاح لها في الأفق هلال المحرم... جعلت فداك يا والدي يا أبا عبدالله لقد خيم الحزن فوق فؤادي.
ثم أغلقت باب دارها ورمت بنفسها على فراشها. صدى الفراق يحصد في فؤادها وجع الهجران.
ثم قالت بصوت يشوبه ألم: لم تعد روحي تطيق بعدكم أكثر... والدي أصبحت حياتي تنضب كالشموع التي تصلي على ضوئها كل ليلة حتى إذا حل صباح يومها التالي لم يتبقَ من أثرها إلا بقايا جمدتها رياح الفجر الباردة.
عادت بفاطمة نسمات الذكريات القاسية... نحو صحراء يثرب... كثبان رمالها حجبت عنها قبيلة بكاملها بفرسانها وشيوخها.
كيف مزقت حرارة شمسها راية الحسين (ع) وكيف ابتلعت هوادجها جبال الحجاز.
وكيف يخيم سكون قاتل على منبر الرسول الأعظم (ص).
كيف توقفت الصلاة فجأة في بقعة البقيع.
وكيف أصبح صوت الحق أخرس لا ينطق إلا عن لسان الملوك.
لم يتبقَ من أثر قبيلة فاطمة إلا صلصلة الحديد وقهقه اللجم وكأن تلك القبيلة لم يرَ لها نور إيمان ولم يسمع لها صوت قرآن وكأنها حياة قبيلة مزدهرة مضى عهدها وولى. الآن هلّ المحرم لتنطفئ شمعة الإسلام وازدهار الخلافة المحمدية ولتشتعل حرب الظلام.
حرب يقودها رجالا شبة أحياء خائفين مرتعبين من خمسة وسبعين رجلاً دأبهم العبادة وتلاوة ما أنزل على أحمد الأمي.
فقط ما أحيى عزاؤهم للمثول في حرب ضد الحسين (ع) هو سراب من إمارة ووعود من يزيد.
وهذا هلال محرم لاح في سماء يثرب الدولة التي قد هجرت... لا يسمع الآن إلا نعيب البوم ونعيق الغراب وقرآن محمد ابن الحنفية ودعاء فاطمة الكبرى.
غبار كسا محراب شبير وحنين يسمع من قبر شبر... وأنين يخرج من ناحية الروضة والأب غريب بعيد.
مصير قرآن محمد ورسالة جبريل وسيف علي مغيبين الآن تحت سيوف بني أمية.
لكن يبقى الدعاء وسيلة ورجاء للخائبين والمضطهدين ويبقى هلال محرم يلوح كل عام انتظار وحدث موجع للعالم.
وها هي الدهور والأزمنة تنتشل راية الحسين (ع) المهشمة في يوم عاشوراء من بين أنقاض الضلوع المتكسرة والكفوف المتقطعة لترتقي وتعلو بها وتبني كل عام من ثورة الحسين دولة محمدية.
حواء الأزداني
كان واضحاً من اللحظة الأولى أن «مرسي» يريد احتواء الجميع ليسروا جميعاً في مركب واحد والاتجاه نفسه، لكن مع كثرة الاستقالات التي يشهدها المجلس الاستشاري والمساعدين، أعتقد أنه حان الوقت للتخلي عن خدمات كل المساعدين والاستشاريين والاكتفاء بالنائب كمنصب رسمي - أعرف أن المستشارين ضروريين لرئيس الدولة، لكن ما وددت ذكره هو أن يكونوا من ذوي الخبرة والكفاءة والمشهود لهم بذلك عملياً وليس فقط لكونهم يظهرون في برامج «التوك شو» أو كتاب مقالات في الصحف أو منتمين لأحزاب معينة.
- يمكنني تفهم الدور المعارض الذي يقوم به كلٌ من حمدين والبرادعي، لكن أشد بالغرابة والعجب فيما يفعله «عمرو موسى» أحد أبناء نظام مبارك، فقد كان وزير خارجية النظام ومن بعدها تم ترقيته ليتولى الجامعة العربية بدعم من النظام، هو أحد ثلاثة أوجه كانت موجودة في ورق دعاية ضد رموز النظام البائد «الفلول» قبيل الانتخابات الرئاسية، أتعجب من تحوله إلى مناضل يلقى بيانات ويدلي بتصريحات تخص الثورة والثوار!
- «نادي قضاة المنصورة يطالب النائب العام الجديد بالتخلي عن منصبه منعاً لحدوث الفرقة وشق في الصف القضائي»، لكن عندي سؤال: لماذا لا يطالب نادي قضاة المنصورة أبناء القضاة المعين معظمهم بالواسطة والمحسوبية بأن يقدموا استقالتهم تحقيقاً لمبدأ تكافؤ الفرص وأن الأقدر والأكثر تفوقاً هو الأحق بالتعيين حتى ولو لم يكن أبوه أو عمه مستشاراً؟ لماذا لا يطالب نادي قضاة المنصورة بضرورة جدية التحقيقات في قضايا قتل المتظاهرين أثناء الثورة؟، لماذا لم يطالب نادي قضاة المنصورة برفع الظلم الواقع على الشعب طيلة العقود الثلاثة الماضية؟ لماذا لم يصدر أي بيان عن نادي قضاة المنصورة حول الانتخابات المزورة التي شهدها عهد مبارك والتي تم بعضها بإشراف قضائي... وبالتأكيد كان من بين المشرفين قضاة ينتمون لنادى قضاة المنصورة؟ ليس من بيننا ملائكة... فكلنا بشر... حتى القضاة!
- يُقال إن القاضي لا يجب أن يهتم وأن يقحم نفسه في الصراعات والنقاشات الدائرة ليل نهار على الفضائيات وعلى صفحات الصحف، لأنه بذلك يجعل من نفسه منتمياً لأحد أطراف الصراع ويخلع نفسه من عباءة الحياد التي يجب أن يظل متمتعاً بها طالما يحكم في شئون العباد والبلاد، لكن ما يدهشني هو ظهور الكثير منهم كضيوف في تلك البرامج، هذا بخلاف إبداء الآراء السياسية علانية... والتي يخالف بعضها الدستور والقانون، أشهرها ـ مثلاً ـ تصريح مستشارة شهيرة بأن مرسي لم يعد رئيساً شرعياً للبلاد وأن محكمتها تبحث وسيلة عزله! وعلى رغم أن القانون المنظم للمحكمة التي تعمل فيها يخلو من أي مادة تمنحهم حق عزل كمسري «إتوبيس» نقل عام! مع كل الاحترام والتقدير لوظيفة الكمسري.
- أعجبني السؤال الذي وجهه النائب السابق «عصام سلطان» إلى المرشح السابق «حمدين صباحي»... (هل يُعقل أن تجتمع مع النائب العام السابق بمكتبه في لقائك الشهير به، ولا تذكره بالقصاص للشهداء وأن استمرار مسلكه المضيِّع لحقوق الشهداء سيؤدى إلى استمرار سقوط شهداء جدد، هل يُعقل أن تكتفي فقط على نحو ما أعلنت بوسائل الإعلام بعد انتهاء اللقاء، أنك كنت تبحث معه مشكلة أحد المواطنين في كفر الشيخ؟).
- قرأت تصريح غريب للفريق الهارب أحمد شفيق، أعلن فيه أنه قد يعود إلى مصر في أي دقيقة يرى أنها هي المناسبة لعودته، وهو يستند في تحديد هذه الدقيقة إلى خبرته الواسعة، مؤكداً على أنه سيعود إلى مصر في القريب العاجل، يا ترى متى ستكون هذه الدقيقة الحاسمة التي سيعود فيها وخصوصاً أنه منذ أشهر وهو يقول إنه سيعود قريباً؟!
أحمد مصطفى الغر
العدد 3751 - الخميس 13 ديسمبر 2012م الموافق 29 محرم 1434هـ