شارك أستاذ الكرسي الأكاديمي للشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في مجال العلوم البيئية في جامعة الخليج العربي إبراهيم عبدالجليل في المنتدى العربي للبيئة والتنمية «أفد» الذي انعقد في (29 و30 نوفمبر/ تشرين الثاني 2012) في فندق فينيسيا إنتركونتيننتال في بيروت لمناقشة «البصمة البيئية وفرص البقاء في البلدان العربية» في العاصمة اللبنانية بيروت، الذي أشرف عليه فريق من كبار الخبراء والعلماء والباحثين وصانعي السياسات لتطوير الاستنتاجات والتوصيات التي يمكن أن تضمن أفضل فرص التطور والاستدامة للمجتمعات العربية وفي بعض الحالات تأمين فرص البقاء نفسها.
وفي كلمة ألقاها في المؤتمر قال عبدالجليل: «استعرض التقرير المقدم من «أفد» نتائج أطلس للبصمة البيئية ويستكشف محدوديات الموارد وأرقام الاستهلاك في البلدان العربية من منظور القدرة التجديدية للطبيعة معرباً عن أمله في أن يساعد التقرير الذي أعده المنتدى حول خيارات الاستدامة في الدول العربية على إدخال الحسابات البيئية في عملية صنع القرار. إذ تعتبر التقارير السنوية التي يصدرها المنتدى المصدر الموثوق حول قضايا التنمية المستدامة في المنطقة العربية».
وقال: «تواجه المنطقة العربية مجموعة من التحديات التنموية بسبب ندرة الاراضي المنتجة وموارد المياه المتجددة، التي سيزيدها تغير المناخ سوءاً، وتعاني المنطقة من نقص كبير في القدرة الإنتاجية البيولوجية، هذه التحديات واجهها تقليدياً استخدام مكثف لأنواع الوقود الأحفوري واستيراد الأغذية وسلع أخرى مسرفة في استنزاف الموارد، ويبدو أن هاتين الاستراتيجيتين غير مستدامتين لاعتمادهما على موارد مستنزفة عالية الكربون وتعرضهما لتقلبات الأسعار في أسواق السلع العالمية، وإضافة إلى ذلك، تولد كلتا الاستراتيجيتين بصمة بيئية عالية».
وذكر عبدالجليل من خلال التقرير المقدم في مؤتمر «أفد»: «خلال العقود الثلاثة الماضية، شهدت بلدان مجلس التعاون الخليجي المصدرة الرئيسية للنفط، تحولاً اقتصادياً واجتماعياً غير مسبوق، فقد استخدمت عائدات النفط لتحديث البنية التحتية وخلق فرص عمل وتحسين مؤشرات التنمية البشرية، وتظهر تقارير برنامج الامم المتحدة الإنمائي حول مؤشرات التنمية البشرية علاقة متبادلة قوية مع استهلاك الطاقة للفرد في المنطقة، والبلدان التي تتبوأ منزلة عالية جداً من حيث مؤشرات التنمية البشرية سجلت أعلى استهلاك طاقة للفرد، لكن التقدم في مؤشرات التنمية البشرية رافقته تغييرات في أنماط الاستهلاك وخيارات أساليب المعيشة نتيجة ارتفاع إيرادات النفط، ما يؤدي إلى ارتفاع البصمة البيئية وازدياد الطلب على الموارد المنتجة بيولوجياً».
وأضاف أن «تحسين كفاءة الطاقة لتحقيق مردود اقتصادي أكبر باستهلاك طاقة أقل هو أمر ضروري للبلدان العربية، من أجل تحسين التنافسية الاقتصادية، وتحسين الميزان التجاري، ورفع نوعية البيئة، وتخفيض الانبعاثات الكربونية، وخلق وظائف جديدة، وتعزيز أمن الطاقة في البلدان المستوردة للنفط مثل الأردن ولبنان والمغرب».
وأوضح «إن المنطقة العربية دخلت مرحلة العجز في الأنظمة الإيكولوجية منذ العام 1979، بحسب ما يشير تقرير «أفد»، واليوم تبلغ مستويات استهلاك المواد والسلع والخدمات الأساسية لاستمرار الحياة أكثر من ضعفي ما يمكن للأنظمة الإيكولوجية المحلية توفيره. وترافق هذا مع ارتفاع البصمة البيئية الإقليمية إلى ضعفين وانخفاض المياه العذبة المتوافرة للفرد نحو أربعة أضعاف».
وقال: «تخفف كفاءة الطاقة عبئاً كبيراً على موازنات الدول العربية التي تعتمد سياسة دعم أسعار الطاقة، كما أنها تساعد في تخفيض كثافة الطاقة والكربون في الاقتصادات العربية المسروقة في استهلاكهما، ويمكن تخفيض استهلاك الطاقة لكل وحدة من المردود الاقتصادي بطريقتين: من خلال التوفير في الطاقة بفضل مكاسب الكفاءة التقنية في مجمل سلسلة العمليات، ومن خلال تغييرات في البنية الاقتصادية لتجنب النشاطات الاقتصادية المسرفة في استهلاك الطاقة». وأضاف: «يجب التصدي لمجموعة من العوائق السوقية وغير السوقية من أجل تحسين كفاءة الطاقة في المنطقة العربية، فإضافة إلى انعدام الحوافز الاقتصادية والكودات ومعايير الأداء الطاقوي، يأتي الدعم الحكومي السخي لأسعار الطاقة على رأس عوائق تحقيق هذه الهدف».
وتوصل تقرير المنتدى العربي للبيئة والتنمية إلى أن البلدان العربية حققت نتائج جيدة خلال السنوات الخمسين الماضية، إذا كان النمو في الناتج المحلي الإجمالي هو المقياس فقد ارتفع معدل دخل الفرد أربعة أضعاف. وفي حين انعكس هذا ارتفاعاً في مستوى المعيشة في عدة مناطق، إلا أنه لم يحقق بالضرورة نوعية حياة أفضل، ولا هو حسّن من فرص العيش المستدام في المستقبل. فقد شهدت الفترة نفسها هبوطاً حاداً في الموارد الطبيعية في المنطقة إلى أقل من نصف ما كانت عليه. ورافق هذا تدهور متسارع في الأوضاع البيئية، ما جعل المنطقة على شفير الإفلاس في الأنظمة الإيكولوجية، محذراً من مخاطر هذا الوضع التي لا تنحصر بفرض قيود على النمو ونوعية الحياة في المستقبل، بل تهدد فرص البقاء نفسها.
العدد 3751 - الخميس 13 ديسمبر 2012م الموافق 29 محرم 1434هـ