اتّسعت ظاهرة الإدمان على المخدرات بين زملائي من الشباب التونسي خلال الشهور الأخيرة الماضية. وحسب آخر استقصاء إحصائي قامت به وزارة التعليم ووزارة الصحة، فإن الفوضى التي عمّت تونس بعد الثورة سمحت لتجارة المخدرات بالازدهار، وبالذات بين المستخدمين صغار السن.
وقد أظهرت إحصائيات أصدرها مؤخراً المعهد الوطني للصحة العامة أن 15 في المئة من الفتيان و4 في المئة من الفتيات بين سن 15 و25 سنة استخدموا المخدرات مرة على الأقل في حياتهم.
واعترف لي مؤخراً واحد من أصدقائي في المدرسة أنه أصبح مدمناً على المخدرات، ومدى سهولة الحصول عليها في المدرسة حتى في سن مبكرة.
يرنو المراهقون والراشدون الصغار، الذين يمثلون 33 في المئة من السكان إلى المشاركة بشكل كامل في حياة المجتمع التونسي. ويجب أن يكون عملاء التغيير هؤلاء في المستقبل قادرين على العيش في ظروف تشجّع ازدهار واتساع مخيلتهم ومُثُلهم وطاقاتهم ورؤيتهم حتى يتسنى لهم الحفاظ على دينامية العملية التقدمية والتنموية.
وتقول المنسقة الإقليمية للأمم المتحدة في تونس، هبة خولي، إن «الراشدين الصغار والمراهقين يتعرضون بصورة متزايدة لتأثيرات خطرة ناتجة عن تغييرات اجتماعية واقتصادية عميقة جداً تنتج عنها ضرورة مواجهة المشكلة».
وهناك عدد من الخطوات التي يمكن للتونسيين، بمن فيها الشباب أنفسهم، اتخاذها للتعامل مع المشكلة.
أولاً، تتميز فترة المراهقة بتغييرات جسدية ونفسية تظهر نفسها أحياناً من خلال التمرّد والمعارضة العنفية أحياناً للسلطة الأسرية والتربوية.
وتشكّل المراهقة فترة مهمة لتشكيل الشخصية وخطوة ضرورية للوصول إلى سن البلوغ. وهي تتطلب وجود أشخاص بالغين، يساعدون وينصتون ويرشدون، ولكنهم أيضاً يضعون حدوداً ويُظهِرون حبهم. ويمكن للمراهقين أن يتحولوا إلى المخدرات نتيجة لفضولهم، وكرفض للقيم التقليدية أو للهروب من المشاكل العائلية. المهنيون مثل علماء الاجتماع أو الجمعيات التي تعمل مع الأطفال، مدعوون لتدريب البالغين وإعلامهم، وخصوصاً العاملين في المدارس الثانوية، بغض النظر عن مهمتهم ودورهم.
ثانياً، يمكن لحملات التوعية أن تكون ذات فاعلية عالية في منع مخاطر المخدرات. ويجب تشجيع المؤسسات لتقديم نشاطات يمكن للطلبة المشاركة بها، مثل نشاطات حل المشاكل، التي تشجع مهاراتهم في التعبير عن الذات وتأكيدها وإيجاد الحلول.
ومن الأمثلة على ذلك، الحوار الذي عقد في أكتوبر/ تشرين الأول 2011 في سيدي حسين سيجومي، وضم خبراء في مجال الطب وعلماء اجتماع وممثلين محليين وبالغين صغار السن. وقد سعى الحوار بين ممثلين من السلطة وخبراء من ناحية، والشباب المحليين من ناحية أخرى، والذي صمم لزيادة الوعي، إلى إعلام الصغار بالمخاطر الكامنة في استخدام المخدرات وأثرها على حياة المدمنين، وبصورة أوسع على المجتمع. عَمِل هذا التواصل الأوّلي، من خلال إشراك الشباب في الحوار على دعْم ثقتهم وأرسل إنذارات حول المخدرات، يبثها المراهقون أنفسهم.
يجب أن تهدف نشاطات كهذه إلى رعاية الثقة لدى الشباب، والاستفادة من التوجّهات الأقل رسمية وأكثر تلقائية، باستخدام لغة أقل صعوبة حتى يتسنى سماع رسالتهم بشكل صحيح. ويثبت هذا النوع من المبادرات أنه أكثر تأثيراً من الحلقات الدراسية مع الخبراء. وتجري كذلك مناشدة الشباب أنفسهم للقيام بنشاطات لزيادة الوعي، وقد بدأت بعض هذه النشاطات فعليّاً. على سبيل المثال، توجد على أجندة الاجتماع المقبل لمجلس القادة الشباب في زغوان، وهي لجنة محليّة للقادة الشباب أنا عضوة فيها، جلسة حوار مائدة مستديرة حول هذا الموضوع، هدفها تنظيم نشاط لبناء الوعي حول المخدرات مع طلبة المدارس الثانويّة في محافظة زغوان. ربما يتخذ هذا النشاط شكل حملة توعية مدتها يوم واحد يُعرَض خلالها فيلم وثائقي حول المخدرات، يقدِّم شهادات من مدمنين، يتبعه حوار بين خبراء طبيين وراشدين صغار السن.
أثبتت المخدرات كونها أسلوباً عالي الفعالية في تدمير المجتمع ومهاجمة الصحة العامة والأسرية، والازدهار الاجتماعي والاقتصادي. ويشكّل الشباب مصدراً ثميناً ووسيلة محتملة للتغيير الاجتماعي والإيجابي. لذا يجب أن يكون المراهقون والشباب هدف اهتمام الجميع، من المؤسسات إلى المجتمعات الصغيرة والأسر والحكومات، حتى يتسنى حماية فرص التحوّل البنّاء نحو بلوغ سن الرشد، والحماية ضد المخاطر ومجالات التعرّض.
إقرأ أيضا لـ "Common Ground"العدد 3750 - الأربعاء 12 ديسمبر 2012م الموافق 28 محرم 1434هـ