في منتصف الشهر المقبل وبالتحديد خلال الفترة من 15 إلى 17 يناير 2013، تستضيف البحرين معرض الخليج الدولي للصناعة الذي يعد واحدا من أكبر المعارض المتخصصة في دعم أداء وزيادة مردود القطاعات الصناعية العاملة بدول مجلس التعاون باعتبارها قاطرة الاقتصاديات الوطنية في الإقليم.
ويستقطب المعرض اهتمام الدوائر الحكومية في المملكة، الرسمية منها وغير الرسمية، وذلك تمشيا مع برنامج الحكومة للفترة من 2010 وحتى 2014 ومع رؤية البحرين الاقتصادية 2030.
كما تجري استعدادات قصوى لاستضافة منتوجات الشركات العالمية وأحدث ما أبدعته مراكز البحوث الصناعية لديها، والتي يُتوقع أن تحظى بمعدل تعاقدات عالية ومن ثم بمساهمة كبيرة في توطين التقنيات الحديثة بالبلاد وزيادة عوائد دخل البحرين القومي.
ويبدو هذا الاهتمام جليا بالنظر لجملة من الاعتبارات التي باتت تحكم الرؤية التنموية الشاملة للبحرين، حيث الجهود المتواصلة لتنويع قطاعات الاقتصاد الوطني ومصادر الدخل المتأتية منها، فضلا عن بناء قاعدة قوية من المحفزات التي يمكن التعويل عليها مستقبلا في مواجهة التحديات التي يفرضها الاقتصاد العالمي الذي يعاني وحتى اللحظة من مشكلات هيكلية طويلة ومستمرة.
والمعرض الذي ترعاه واحدة من أكبر المجمعات الصناعية في المملكة ـ وهي شركة ألبا، التي يعود تأسيسها للعام 1968، وتسهم بنحو 60 في المائة من صادرات البحرين غير النفطية، ويعمل بها نحو 10 آلاف شخص ـ يعكس في حقيقته عدة دلالات مهمة، تؤكد أن البحرين تخطو خطوات واسعة للارتقاء بمنظومة القطاع الصناعي لديها، وتعمل وفق سياسة محددة لبناء اقتصاد قوي قوامه القطاعات غير النفطية وبما يضمن لها احتلال موقع متقدم بفوق الاقتصادات المجاورة.
وهنا يُشار إلى أن الاهتمام الذي توليه الدولة لقطاع الصناعة يرجع في الواقع لعقود مضت، كما يجسد إدراك المملكة المسبق بمأزق نضوب النفط المحتمل، حيث أخذت البحرين تعمل وفق برامج واضحة لتقليص الاعتماد عليه كمصدر رئيسي للدخل، وسعت بدأب لتوفير البنى الأساسية البديلة والقواعد التنموية الجديدة للانطلاق واستثمار الموارد والقدرات الاقتصادية غير النفطية.
والمدقق في تشجيع واستقطاب الدولة لرؤوس الأموال الأجنبية والعربية للعمل في المملكة، يخلص إلى أن البحرين تبادر كعادتها الدائمة لتضع أولى خطواتها على مسار التطور الصناعي، وهو ما يتأكد في توجيهها الدائم للعمل في القطاعات التجارية والخدمية والصناعات التحويلية الأخرى بجانب الصناعات كثيفة رأس المال، مع توفير المواقع اللازمة لها وتيسير إجراءاتها التنظيمية لكي تنطلق بأعمالها دون عقبات، وإمداداها بمصادر الطاقة المطلوبة بل وإعفائها من الرسوم الجمركية وتسهيل متطلباتها اللوجيستية والمالية.
ولا شك أن هذه الرؤى والاستراتيجيات العليا أسهمت إلى حد كبير في دعم الأذرع الاستثمارية الصناعية الحكومية والأهلية على السواء، وفي مقدمتها بالطبع شركة البحرين القابضة "ممتلكات" والهيئة الوطنية للنفط والغاز، ناهيك عن الصناعات كثيفة الاستخدام للطاقة والموجهة نحو التصدير كالمشاريع التوسعية الجاري تنفيذها في قطاعي البيتروكيماويات وتصليح السفن، علاوة على مشروع خط الصهر السادس بشركة ألمنيوم البحرين "ألبا"، الذي يمثل دفعة هائلة للقطاع ويعزز من موقع المملكة الرائد في هذا المجال عالميا.
يُضاف إلى ما سبق تلك المناطق الصناعية التي تقام في مناطق البلاد المختلفة، والتي نمت بوتيرة منتظمة خلال السنوات العشر الأخيرة ووصلت لعشر مناطق صناعية مزودة بكافة التجهيزات والتسهيلات، ما ساعد نحو500 شركة للخروج إلى النور والعمل في القطاع وتنميته ومن ثم استيعاب الوافدين الجدد إلى سوق العمل من المواطنين وتحسين مستوى معيشتهم.
المعروف أن هذه الخطط التطويرية الصناعية تأتي ضمن توجه لإنشاء صندوق استراتيجى للاستفادة من الفوائض فى العوائد النفطية، كما تترافق هذه الخطط أيضا مع مخصصات زادت عن المليار دينار وُجهت للمشاريع الإنمائية في ميزانية عامي 2013 و2014، التي يصل حجمها إلى ما يقرب من 7 مليارات دينار، هذا بالإضافة إلى أن القطاع الصناعي نفسه يستأثر بنسبة لا بأس بها من الاستثمارات الأجنبية التي بلغت 781 مليون دولار عام 2011 حسب تقرير الأونكتاد.
بجانب ذلك، وبهدف ربط عملية الإنتاج الصناعي الوطني بالترويج والتسويق التجاري، يُلاحظ هذا الاهتمام الواسع الذي توليه البحرين بصناعة المعارض لديها، حيث شهد مركز البحرين للمعارض والمؤتمرات في الفترة الأخيرة عدة فعاليات كان لها دورها في صياغة صورة البحرين الجديدة في العقد القادم كقاعدة إقليمية لصناعة المعارض العالمية وبما يضارع دول أخرى مجاورة.
ولعل من بين أهم هذه الفعاليات مؤتمر تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الثالث ومعرض الضيافة وغيرها والاستعدادات التي تجري على قدم وساق الآن لتنظيم الدورة الثالثة لمعرض البحرين الدولي للطيران في عام 2014، وهو ما يؤكد ما ذهب إليه تقرير صدر مؤخرا عن هيئة البحرين للمعارض أكدت فيه حدوث نمو كبير في الفعاليات التي أقيمت خلال 2012 مقارنة مع 2011، وذلك من 38 فعالية إلى 80 فعالية بزيادة تقدر بـ 111%.
ويُنتظر حسب التقرير المذكور سلفا ووفق هذه المؤشرات المرصودة أن ترتفع قائمة حجوزات الهيئة خلال العام المقبل، ما يضمن للبحرين تحفيز برامجها الموضوعة للإنتاج الصناعي من ناحية، ومن ثم زيادة معدلات استقطابها للاستثمارات الأجنبية من ناحية ثانية، وتحسين موقعها التنافسي على خارطة صناعة المعارض العالمية من ناحية ثالثة وأخيرة.
تجدر الإشارة هنا إلى أن صندوق "تمكين" يدعم المستثمر الوطني في كافة الفعاليات التي تنظمها هيئة المعارض، وللصندوق دوره المقدر أيضا في تنمية القطاع الصناعي المحلي، حيث وصل إجمالي المؤسسات التى دعمها منذ العام 2007 وحتى أكتوبر 2010 إلى أكثر من 1600 مؤسسة بمبالغ نقدية تصل إلى 21 مليون دينار.