موجة ثورات الربيع العربي انطلقت بطاقات شبابية مع مطلع العام 2011 من أجل تحقيق عدالة وكرامة... هذه الموجة دخلت في ملامح جديدة مع تمدد موجة أخرى لصحوة ديمقراطية تلامس واقع الشوارع العربية الغاضبة على أنظمتها السياسية، ولاسيما في بلدان لم تشهد تغييراً حقيقياً يواكب منطق وتطورات العصر الحديث فيما يتعلق بالسياسة والشأن العام.
إننا نشهد وصول الموجة إلى شوارع خليجية يطالب شبابها بتحقيق مكاسب ديمقراطية عادلة تتمثل في عدم إقصاء الآخر، وبرلمانات ذات فعالية حقيقية لا تعمل بصورة فئوية أو صورية، تصحّح من مسار العملية السياسية بشكل يحقق العدالة الاجتماعية تحت مظلة تفعيل حقوق المواطنة المدنية والسياسية.
لكن في مقابل ذلك نجد حكومات تقاوم ربيع الاحتجاجات بعقلية أمنية لا تريد فهم متغيرات الزمن، وهذه العقلية تسعى لتفعيل سياسات قديمة أكل عليها الدهر وشرب، والسبب يعود إلى عدم تقبل فكرة التعددية أو الشراكة في العمل السياسي الذي لا يمكن أن يكون لفئة واحدة في المجتمع. وهو أمر كان معمولاً به منذ مراحل طويلة، لكن المرحلة الحالية تختلف تماماً.
إن ما يحدث مثلاً في مصر مع رئيسها المنتخب محمد مرسي، يعكس إصراراًً كبيراً من الشارع المصري على الانتصار لمبدأ الديمقراطية، وهذا يوضح أن حالة الاحتقان في الشوارع العربية ستستمر مادامت الأنظمة تدير ظهرها لمطالب المجتمعات، مستخدمةً في ذلك الحل الأمني بدلاً من الحل السياسي.
لقد دخل الشباب العربي في تجارب غنية في الانتقال نحو الديمقراطية، كما أن هناك بلداناً غير عربية وهي تشبه في ظروفها الكثير من بلدان المنطقة، انتقلت إلى نظام تعددي من خلال دستور يقوم على إرادة الشعب والانتخابات التعددية.
إن شباب المنطقة العربية يريد الديمقراطية، ولكن الأنظمة تحول دون تحقيق ذلك، وربما لو قرأنا تاريخ المنطقة لوجدنا أنه منذ سقوط الامبراطورية العثمانية في بداية العشرينات من القرن الماضي، فقد قسم العالم العربي إلى دول صغيرة يحكمها الاستعمار، وبعد الاستقلال حكمت الدول بواسطة أنظمة دفعت بكثير من مواطنيها إلى السجون. وبسبب تدني الحالة الاقتصادية وانخفاض سقف الحريات اضطرت بعض العقول للهجرة إلى خارج المنطقة العربية. ولهذا فإن المرحلة الحالية هي مرحلة في شدة الخطورة، لأنها تتشكل فيها ملامح المستقبل، فإمّا أن ترفع من قدر الشاب العربي أو تحط من قيمته في بلدان للأسف مازالت لا تعترف بالديمقراطية خياراً ولا بقيمة الإنسان أولاً.
وفي مصر، شارك شباب عرب مؤخراً في المؤتمر الإقليمي حول تحديات الانتقال للديمقراطية، و«وجهوا التحية إلى شهداء الربيع العربي في كل مكان وإلى كل من ضحى بروحه في سبيل حرية وكرامة شعبه»، وطرح الشباب المشاركون «عدة تساؤلات تتعلق بمفاهيم عديدة واكبت ثورات الربيع العربي، وتركزت التساؤلات حول مفاهيم الديمقراطية والمواطنة وحكم الأكثرية وموقع الأقلية في عملية صنع القرار»، وأكدوا تضامنهم الكامل مع الشعب العربي في كل الدول العربية لتحقيق مطالبهم العادلة في الديمقراطية والحرية... «متسائلين في الوقت ذاته عن دور المفكرين العرب خلال المرحلة الانتقالية التي يعيشها عدد من الدول العربية في مساعدة الشباب لتحقيق رؤية الشباب العربي في إحداث تغيير حقيقي».
إن الشباب العربي يريد ديمقراطية وكرامة، والأحداث الجسيمة في مختلف البلدان العربية إنما هي مخاض نحتاج إليه لتثبيت حالة الوعي نحو مستقبل أفضل.
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 3749 - الثلثاء 11 ديسمبر 2012م الموافق 27 محرم 1434هـ
bahraini
السلام عليكم ،مع احترامي للاخت ريم ولكن اختلف في الرأي فالديمقراطيه والكرامه موجوده ،،اريت رجل امن يغلط ؟ لا ،اهناك احد بالسجون ؟ لا ،هل الهواء ملئ بالغازات السامه؟ لا، هل النساء وكبار السن والاطفال تهان !!! لا ..اذا هناك كرامه ،،عفوا