العدد 3742 - الثلثاء 04 ديسمبر 2012م الموافق 20 محرم 1434هـ

انتهت الانتخابات الكويتية... فماذا بعد؟

غانم النجار ghanim.alnajjar [at] alwasatnews.com

كاتب كويتي

انتهت الانتخابات الكويتية «الصوت الواحد». فتعالوا إلى جردة حساب بلا تحامل ولا مجاملات ولا مواقف مسبقة. فمخرجات العملية الانتخابية تشهد على نفسها.

ولأنها ليست حدثاً عابراً في تاريخ الكويت، بل حدث محدد لمستقبل العمل التنفيذي والتشريعي ومحرّك لبرامج المقاطعين ولشكل التحالفات، فلابدَّ من التنبيه ووضع النقاط على الحروف، ليعرف الكويتيون ماذا جنينا من تغيير نظام التصويت، وعلى ماذا نحن مقبلون.

لا يخفى على أحد أن أرقام المنتخبين المتدنية أثبتت عدم وجود «أكثرية صامتة» كانت مستنكفة عن صناديق الاقتراع، استياءً من الوضع السياسي المرافق لمجالس الأمة «التأزيمية» أو المنحلة. وهي دلت بما لا يقبل الجدل على أنها أتت إلى قاعة عبدالله السالم بأقليات وهامشيين على حساب أصحاب التمثيل الفعلي، وتسببت في شروخ بجسد المجتمع الكويتي على حساب اللحمة والانسجام الوطني. ولقد بدأنا نشهد تجلياتها في وسائل التواصل الاجتماعي، بل على لسان نواب جدد باشروا منذ اليوم الأول السجال الطائفي على خلفية وضع إقليمي.

يفترض بقوانين الانتخاب في الدول الديمقراطية أن تصاغ على أساسين: وحدة المجتمع، وحسن التمثيل. ويبدو أن «الصوت الواحد» أخطأ الهدف مرتين:

الأولى، لأنه فرز المجتمع إلى مكوّناته البدائية مطلقاً العنان للشعور العصبوي. والثانية، لأنه جعل نسب النجاح التي وصل أدناها إلى أربعة أعشار من المئة تُفقد صاحب الكرسي الأخضر مشروعية التمثيل الحقيقي والمساهمة المحترمة في الرقابة والتشريع. وهكذا يكتفي النواب الجدد بشرعية قانونية غير كافية لتبرير التمثيل الشعبي المفترض أن يتجسّد بأفضل حالاته لا بأقلها على الصعيدين النوعي والكمي.

سيكتشف الذين راهنوا على رفع نسبة المقترعين أن الرقم الذي حصدوه، سواءً احتسبوه من مئة في المئة من عدد الناخبين أو من آخر نسبة للتصويت في المجلس الماضي، هو رقم وهمي لا يعكس حقيقة مكونات وتوجهات المجتمع الكويتي. فإضافةً إلى خروج القوى السياسية المتنوعة والشخصيات الفاعلة من حلبة العمل البرلماني، ظهر غياب فئات اجتماعية كاملة عن التمثيل وانتفاخ تمثيل أخرى، وكأنهما تعبيرٌ عن خلل في العقد الاجتماعي والسياسي، ما يستوجب شعوراً بالخطأ بدلاً من امتداح «العرس الديمقراطي»، ومبادرة إلى العلاج بدلاً من استكمال الحك على الجرح الانتخابي.

لا نحكم مسبقاً على كل النواب المنتخبين، لكن الرسالة تقرأ من عنوانها.

ويحق للحريصين على الحريات والنظام الديمقراطي أن يقلقوا بانتظار أن تكذب الأفعال التوقعات. فمعظم النواب لم يعرف عنهم الدعوة إلى الدفاع عن المساواة وحرية الاختلاف والإبداع ومنع التمييز على كل صعيد، ومعظمهم مسكونٌ بالهاجس الانتخابي، فهل نتصوّر مثلاً وقوفهم ضد قرار سلطوي يمنع مسرحيةً أو يمنع كاتباً من دخول البلاد لغير سبب وجيه؟ لاشك أن انتخابات «الصوت الواحد» أفرزت مشهداً سياسياً جديداً، وسنشهد حتماً افتتاحاً لفصل تشريعي جديد وانتخابات لرئيس ونائب رئيس وتشكيل حكومة جديدة تتعاطى مع مكونات المجلس الوليد. لكن ذلك لن يلغي واقع أن المجلس برمته أقلية شعبية وتمثيلية، وأن فئات واسعة من المواطنين تحسب نفسها عرضةً للتهميش القسري.

تشاء الوقائع التي أفرزتها المقاطعة ونوعية التمثيل ألا يكون المجلس إفرازاً ديمقراطياً صحياً لصناديق الاقتراع، بل أميَل إلى مولود مصاب بخلل بنيوي في قلب المؤسسة المؤتمنة على الديمقراطية والتمثيل الشعبي.

وهو أمر يصعب على أي حكومة تعويضه مهما اجتهدت في توزير الكفاءات وفي تحقيق الإنجازات، ويبقى مربوطاً بأساسٍ اسمه النظام الانتخابي.

إقرأ أيضا لـ "غانم النجار"

العدد 3742 - الثلثاء 04 ديسمبر 2012م الموافق 20 محرم 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 1:29 ص

      أختك. مثلك

      كنت أتصور ان الكويت اكثر عقلانية وديمقراطية وخاصة ان شعبها وقف مع شرعية النظام في غزو الكويت ولكن الصدمة في ما ذكرة الكاتب سابقا من اسلوب المداهمات والاعتقالات

    • زائر 2 | 11:36 م

      تابع التعليق رقم 1

      أتوقع وأتمنى للمجلس ان يكون خير ممثل للشعب الكويتي الراقي لا من كان يكفر الجميع ويرفض مطالب البحرين ويطلبها هو للكويت. المجلس لا يمثل أقلية بل المجلس السابق كان يمثل القبلية وأتوقع وأتمنى ان يثبت النواب الجدد ولائهم للكويت لا ان يريدوا اتحاد لا يعرفون معناه. ستراوي

    • زائر 1 | 11:35 م

      لا عزاء للمقاطعين

      من لم يدخل هم الطائفيين والتكفيريين. فليقاطعوا وسوف تنهض الكويت بالمجلس الحالي. نسبة المشاركة ليست قليلة ومن لم يدخل هم كسنة العراق قاطعوا الانتخابات ثم تباكوا من قلة التمثيل ثم تم إرضائهم بمناصب لم يتحصلوا عليها في صناديق الاقتراع. في العراق كان القتل يطوف على المشاركين وفي الكويت كان التخوين يرمى به المشاركين فقط وكانما ممارسة الحق عيب. الصوت الواحد نظام صحيح وإذا لم يناسب تماما فلتصغر الدوائر. يتبع

اقرأ ايضاً