تعيش المنطقة العربية اليوم متغيرات كثيرة على مستوى رجل الشارع العربي الذي يبحث عن تغيير يحقق الكرامة والحرية التي يبحث عنها، ويبحث عنها كل شاب وشابة عربيين، بدءاً من مطالب حقوقية ووصولاً إلى مطالب معيشية يفتقدها في مسار الحياة اليومية. وهو أمر لا يفرق بين مواطن من البحرين أو مواطن من لبنان أو من مصر أو من تونس.
لهذا؛ فإن التحدي الأكبر يكمن في تغيير علاقة الحكومة مع الشعب، وتبني علاقة محاسبة ومساءلة بين الطرفين على أساس المساواة والحقوق، من خلال المعرفة المتبادلة بين جميع الأطراف، والاستفادة من تجارب الدول أو التي بصدد تحسين وتطوير أدوات أجهزتها داخل نظامها السياسي.
وعند الحديث عن الاستعراض الدوري الشامل للدول، فهذا تحدٍّ آخر يكمن في مدى تقبل الانطباعات التي تخرج عن كل بلد ولاسيما في المنطقة العربية، لأن الاستعراض الدوري الشامل ما هو إلا قناة من قنوات المساءلة والمحاسبة للشعوب وحكومتها، والاستعراض الدوري الشامل ليس ملكاً لمجلس حقوق الإنسان في جنيف، فهو يفتح الأبواب للتعاون الفعلي مع المجتمع المدني ومن ثم الشعوب التي تخدمها.
من هنا لابد من تغيير طبيعة العلاقة أيضاً بين الدولة والمجتمع المدني، إذ إن هناك حاجة متزايدة إلى تعميق الحوار بين هذين الطرفين، وقد تكون هناك حاجة إلى التثقيف المتبادل لتغيير هذه العلاقة المتأزمة والمتأججة منذ سنوات، والمجتمع المدني لا يحتكر دور المناصرة، وعليه؛ فهناك حاجة ماسة إلى التواصل مع الصحافة بكل أشكالها، لأن المسئولية لا تقع فقط على كاهل هؤلاء الفاعلين الثلاثة: الدولة، المجتمع المدني والصحافة، وإنما لمنظمات الأمم المتحدة دعمها عن طريق تبادل الخبرات والتجارب من دول أخرى إضافة إلى دعم بناء الثقة.
من هنا؛ نحتاج إلى احترام حقوق الإنسان، وتبنيها أساساً من مفهوم الكرامة والإنسانية، وذلك عن طريق تعزيز معرفة المواطن بحقوقه وبالقيم الأساسية التي يمكن من خلالها مساءلة الدولة وأجهزتها.
من هنا؛ نجد أن الدول التي تحظى بتمثيل ومناخ مفتوح وتتمتع بثقة المواطن؛ يمكن لها أن تقود عملية التحول الديمقراطي من خلال دعوة جميع الأطراف إلى الحوار، وهذا ما يجب أن يحدث في بلدان المنطقة العربية التي تشهد تحولات ومتغيرات سياسية على ساحتها الداخلية التي من المفترض أن تواكبها، لا أن تلجأ إلى الحلول الأمنية والعسكرية.
كما أن عمق التغيير الذي يحصل في منطقتنا منذ العام 2011 وحتى الآن يطرح نقاشات جديدة ما كانت تطرح قبل هذا العام، هدفها التغلب على استحواذ النخب السياسية والاقتصادية على الثروات والسلطات وإعادة توزيعها بشكل عادل، وبناء مستقبل أساسه كرامة الإنسان وحقوقه.
أن التحول نحو مجتمعات أكثر ديمقراطية في المنطقة العربية يمكن أن يلعب دوراً مهمّاً في إدخال مفاهيم المشاركة الديمقراطية على عدة مستويات، هذا إن تم بشكل صحيح؛ فيمكن أن يعزز الشعور الوطني للمواطنين عن طريق إعلامهم بحقوقهم والتواصل البناء بينهم وبين حكوماتهم وخاصة الفئات التي لا تشترك عادة في هذه النشاطات كالنساء والشباب الذين يبقون مهمشين. لذلك من الضروري إدخالهم في عملية التحول لأن أصواتهم بالعادة غير مسموعة، فيبقى الشارع هو الوسيلة الوحيدة لإطلق احتقانهم وغضبهم ضد حكوماتهم المهمشة لأصواتهم ولطموحاتهم التي تخنق بسبب استمرار السياسات الخاطئة أو فوضى سياسية تعوق تحقيق أبسط حقوق الإنسان أو المطالب المعيشية.
ان ما يحدث في كل شارع عربي يعكس حقيقة الواقع السيئ الذي تعيشه شعوب المنطقة، كلٌّ بحسب طبيعة ظروفه وحجمه ومساحته الجغرافية، وهو واقع يتكلم كثيراً ولا ينجز أي فعل.
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 3742 - الثلثاء 04 ديسمبر 2012م الموافق 20 محرم 1434هـ
اي تحوّل ديمقراطية مع انظمة عشعش الفساد فيها حتى النخاع
ها نحن ننظر باعيننا اوضاع بعض الانظمة التي جبلت على الديكتاتورية لا تقبل بأقل القليل من الاصلاح الحقيقي.
وهي بذلك تجبر الشعوب على اختيار طرق الاحتجاجات والمظاهرات ولو انها قامت باصلاح حقيقي يرضى عنه الشعب لوفرت الكثير على دولها