قبل أن ينتهي يوم الثلثاء (6 نوفمبر/ تشرين الثاني 2012) كانت البحرين على موعد مع تصريح مفاجئ من وزارة الداخلية أعلنت فيه إسقاط جنسية 31 مواطناً بحرينيّاً، أكثر من نصفهم يعيش في البحرين، والباقون من الأشخاص الذين يعيشون في المنفى لأسباب سياسية.

الذين يعيشون في البحرين وأسقطت عنهم الجنسية ينتمون إلى فئة «العجم»، و13 منهم من مواطني مدينة المحرق... ويبرز اسم عائلة «كريمي» مرة أخرى الى واجهة الحدث السياسي بإعلان وزارة الداخلية أنها أسقطت جنسية المحامي تيمور كريمي، والناشط إبراهيم كريمي.

«الوسط» التقت عدداً من أفراد عائلة كريمي بالمحرق، وهم: المحامي تيمور كريمي، والأستاذ المساعد للانثروبولوجيا الاجتماعية بكلية الآداب بجامعة البحرين سوسن كريمي، والناشطة نازي كريمي، والناشط إبراهيم كريمي.

سوسن كريمي أعربت عن افتخارها بكونها أول بحرينية تحقق شهادة في تخصص الأنثروبولوجيا، وقالت: «أفتخر بكوني أول بحرينية لديها شهادة في الانثروبولوجيا، وهي تعود بالفضل لجهود الآباء وكفاحهم من أجل تعليمنا. وأريد هنا أوضح نقطة بشأن البحرينيين العجم؛ حيث توجد شواهد أثرية على وجودهم ودورهم منذ مئات السنين، والمنطقة كانت فيها حركة عوائل تتنقل بين الجزر وهي تعتمد في تنقلها على الموارد، وهذه الحركة بين الهند والبحرين والعراق وإيران والمناطق الساحلية».

ولفتت إلى أن «تحديد مفهوم المواطنة؛ ومن هو البحريني من عدمه؛ تكوَّن في ظل الدولة الحديثة، ونحن مكوِّن أساسي في تكوين الدولة الحديثة في البحرين، وساهمنا بشكل واضح في حفظ هوية البحرين، ووقف أجدادنا مع استقلال البحرين، ومع تحديد الهوية العربية الاسلامية للبحرين، لأننا نعتبر أنفسنا جزءاً لا يتجزأ من مجتمع البحرين الحديث».

وأضافت سوسن كريمي «كما أن مأتم العجم الكبير والدفاتر التجارية القديمة يمكن أن يرصد من خلالها تاريخ وجود عوائل تنتمي إلى هذا المكون الأساسي في البحرين قبل نحو 200 سنة على أقل تقدير... وقبل سنتين تم اكتشاف قصر لحاكم هرمزي في منطقة حلة العبد الصالح / كرانة، وهذا الحاكم اسمه جلال الدين محمود مراد شاه، وهو إنما يدل على تنوع الفئات المجتمعية في البحرين».

إبراهيم كريمي قال لـ»الوسط»: «من المؤسف أن ما يحدث انما هو استهداف واضح، ونحن ضد هذا الاستهداف أو استهداف أية فئة أخرى من المجتمع، لأن هذا مخالف للدستور وللقانون البحريني وللقانون الدولي، وهذا ما قالته منظمة العفو الدولية بعد صدور قرار وزارة الداخلية بإسقاط الجنسية عن 31 بحرينيّاً بذريعة «الإضرار بأمن الدولة»، اذ وصفته المنظمة الحقوقية الدولية بأنه «مخيف ومرعب للغاية»، وأن حرمان الأفراد من الجنسية، «يعد محظوراً وفقاً للقانون الدولي».

سوسن كريمي أشارت الى أن «فكرة وجود الجوازات لم تكن موجودة أصلاً قبل الدولة الحديثة، وكان التنقل بين الدول سهلاً، كما أن هناك قبائل عربية في الجهة الثانية للخليج، ولو تم تقليل الأحقاد؛ سيكتشف الناس أن أبناء عمومتهم موجودون في الضفاف الأخرى. وهذه المشكلات تخلقها المصالح السياسية والتي تتبع المصالح العالمية التي نربط أنفسنا بها وبالتالي تتسبب بهذه المشكلات».

خاتون كريمي قالت: «لدينا مأتم كريمي الذي تأسس بشكل رسمي في العام 1952 كمبنى رسمي حتى ان عائلة البنعلي لهم دور أساسي في تأسيس المأتم، إذ ذهب والدي المرحوم الحاج عبدالله كريمي لأخذ الإذن من حاكم البحرين آنذاك سمو الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة مع أحد كبار عائلة البنعلي، فالمأتم تم تأسيسه من قبل سنة وشيعة، وهذا دليل على وجود التعايش منذ أمد بعيد... كما أن لدينا مناسبات واحتفالات تقام في المأتم حتى الآن بحضور الطائفتين».

نازي كريمي قالت لـ «الوسط»: «إننا ومنذ أمد بعيد نتعايش، وتاريخيّاً فان المحرق كانت هي الأنموذج للتسامح بين مختلف فئات المجتمع، ولذلك فان هذا الاستهداف ينقض أهم صفة تميزت بها مدينة المحرق التي ترى فيها الجميع متداخلاً من ناحية النشاط الاجتماعي والتواصل بين الناس... إن حياة عوائل كريمي وبوخماس والبنعلي هي قصة تعايش أنموذجية في المحرق».

المحامي تيمور كريمي قال: «إن المرحوم الحاج علي كريمي كان تاجراً معروفاً وكان يساعد الأشخاص من كل الفئات، وله العديد من المساهمات في الدولة، فهو من قام ببناء حديقة في المحرق كانت تسمى باسمه لفترة غير قصيرة، كما أنه من قام بإنشاء شارع خليفة الكبير، ومحطة كهرباء «ستيشن»، وساهم كذلك في بناء المطار القديم إذ قامت ببنائه مقاولات علي كريمي مع جون هاورد «كريمي هاورد»، والسوق المركزي في المنامة، بالإضافة إلى أول مواقف للسيارات متعددة الطوابق... وتم تكريمه قبل خمس سنوات كأحد رواد المحرق».

ويعود ابراهيم كريمي الى ما حدث في 1980 عندما استهدف عجم المحرق بعد المتغيرات الاقليمية آنذاك، وكيف تم «تسفير عوائل الى ايران بشكل غير انساني».

ويضيف «أنا مثلاً اعتقلت لمدة 3 أشهر مع مطلع العام 1981 وتم تسفيري إلى إيران دون علم أحد وكان حينها عمري 16 عاماً، وعند اتصالي بعائلتي من هناك لم تصدق... تم تسفيرنا عبر البحر وبسبب برودة الجو والرياح فضلا عن أجواء الحرب استغرقت الرحلة للوصول إلى الضفة الأخرى للخليج ثلاثة أيام، كنا خلالها في البحر... الأوراق الرسمية التي دخلنا بها إيران لم تكن سوى ورقة مكتوب فيها الاسم وتاريخ الميلاد ومحل الميلاد على أنه إيران وهذا غير صحيح لأننا مع عوائلنا مواليد البحرين».

ويواصل إبراهيم كريمي «لقد عدت إلى البحرين في العام 2002 بعد الأوامر الأميرية حينها، أما السنوات التي قضيتها خارج البحرين فكانت 23 عاماً، قضيتها في المهجر، كما أنني أعتقلت في العام 2011 وذلك في فترة السلامة الوطنية من ابريل/نيسان 2011 إلى مارس/آذار 2012، والآن تعرضت لإسقاط الجنسية، على رغم تبرئتي أمام محكمة الاستئناف مما وجه إلي من تهم».