بين ما هو معتاد وما يمكن أن تتسع له المناسبات الدينية علاقة لا تنازع ولا تصارع فيها، واكتفاء البعض بإحيائها ضمن دائرة الأجر والثواب لا يتناقض مع توسعتها لتشمل التوجيه الاخلاقي والاجتماعي وأن تتمدد إلى السياسي أيضا.
واقعة كربلاء على سبيل المثال يمكن قراءتها من جوانب عديدة، فالحادثة التي استطاعت ان تبقى وأن تمتد في طول وعرض تاريخنا الذي وصل إلى ما يقارب الألف واربع مئة عام، ليس مستغربا أن تكون دروسها وفوائدها سيالة لتصل إلى أكثر من شأن، فيتداخل فيها الديني بالاجتماعي وربما يتربع على هرمها السياسي أيضا، لأن منحاها لم يكن بعيدا عن ذلك، ويكفي ما أحدثته بعدها بقليل من آثار وارتدادات لم يتمكن التاريخ من تغافلها وتناسيها.
في هذا الصدد كنت اتابع مجالس ومحاضرات سماحة الشيخ حسن الصفار التي أحيا بها ليالي عاشوراء لهذا العام، فوجدتها تسعى لتكريس وعي سياسي يستفيد من الحدث التاريخي المهم أعني واقعة كربلاء، ويشبع جانبا مهما تحتاجه الساحة العربية والاسلامية، وخصوصا وهي تعيش حراكها السياسي الواضح والواسع في اكثر من نقطة وقطر عربي واسلامي.
الوعي السياسي ضرورة كما كل وعي ضرورة، لأنه يحافظ على نشاط واندفاع الفرد والمجتمع في حراكه وقيامه وقعوده ضمن دائرة الوعي، ويبعدها عن دوائر الانفلات والتوتر والانفعال الذي قد يسبب انعكاسات ليست في صالح الهدف المنشود، ولا تصب في الطريق السليم.
إن الكثير من الشعارات السياسية التي يرددها الناس تحتاج إلى إدراك واسع لمعانيها التفصيلية والدقيقة، وليس الاكتفاء بالمعاني الاجمالية، التي قد يكتفى بها في الظروف الطبيعية.
الظروف والأوقات التي يراد للشعارات فيها أن تتحول إلى خريطة عمل وأهداف للسعي وراءها لابد أن تكون بينة وواضحة كوضوح الشمس، لأن الانخراط الفعلي بالمطالبة بأمر ما يختلف كليا عن التعاطي الفكري المجرد معه.
يمكن كذلك للوعي السياسي إذا ما أخذ مداه وانتشاره بين الناس أن يحسن في تصرفات الشارع العام وهو يسعى نحو أهدافه، ذلك أن وعي الإنسان وإدراكه لمراده يدفعه للمحافظة عليه منذ لحظة المسير له، لإدراكه بأن الطريق إلى الهدف بكل ما فيه من ممارسات وتصرفات يمكن أن يؤثر على صفاء الهدف وطهارته في أعين الناس فيساعد في التفافهم وتمسكهم بذلك الهدف، ويمكن أن يسهم في خدش الهدف وتشويهه في أعين الآخرين ومن ثم انفضاضهم عنه.
الوعي هو الأرضية التي يمكن الحديث والتفاهم ضمنها، وخصوصا حين يكون الساعون نحو الهدف من مشارب ومدارس وتوجهات متعددة، والحديث هنا ليس ترفا بل هو ضرورة وحاجة تكبر كلما تعددت الانعطافات وتركت البوصلة في هذا الاتجاه أو ذاك.
التوافق سيصبح صعبا، والانسجام سيعد حلما إذا كان الوعي السياسي مفقودا، ولم يكن هو الأرضية التي يبنى عليها تعاونا وتنسيقا وسعيا نحو المشتركات.
أختم بالقول: إن مناسباتنا الدينية يمكن أن تضيء الطريق بالمقدار الذي نحاول فيه أن نوسع ضوءها وأن نمده، وحاجاتنا يمكننا خدمتها من خلال منابر المناسبات إذا ما وفقنا بينها وبين المناسبة.
إقرأ أيضا لـ "الشيخ محمد الصفار"العدد 3740 - الأحد 02 ديسمبر 2012م الموافق 18 محرم 1434هـ
السياسه ليست جديده وان كان مصطلحها جديد
السياسه مصطلح حديث ولكن عمل بها منذاوائل التاريخ فكان نوح سياسياً وكان وكان ابراهيم سياسياً وكان موسي وعيسي كذالك وهذا واضح من خلال تعاملهم مع الضروف المحيطه في تلك المجتمعات والحسين (ع) كان سياسيا ايضاً فلايمكن ان نفصل السياسيه عن الحسين وعن واقعة الطف لانها من فبيل فصل الدين عن السياسه
فهد النعيمي
صح لسانك يا فضيلة الشيخ
كل يوم عاشوراء وكل أرض كربلاء
ان قضية الامام الحسين عليه السلام ومصيبته ليست حكرا على أيام العشرة الأولى من محرم الحرام فقط بل هي قضية جميع الامة الاسلامية والعالمية في جميع الأزمنة لازدياد الظلم والجور والفتن والانحلال الاخلاقي
بوعبداللة
معركة كربلاء ليست مناسبة دينية مشرعة من الخالق ولكن انتم جعلتموها مناسبة فهى حدث تاريخى كا اى حدث ناخذ منة العبر و الدروس و اليس دين
نحن بحاجة إلى ثقافة النهوض
بالفعل نحن بحاجة إلى استنهاض المجتمعات العربية والانخراط في شتى المجالات والاقطار الموجودة خصوصاً جانبها السياسي باعتباره القطر الأكبر والمهيمن على حياة الناس، ومن خلال متابعاتي لمحاضرات الشيخ الصفار هذا الموسم وجدتها قاية في الدقة والمضمون وترشد لحياة أمنة لمستقبل الشعوب والأوطان. جوانب الأفكار وتعدد المواضيع كانت مادة يحتاجها الناس في صنع واقعهم الذي يعيشونه من خلال هذا الحراك العربي المحموم.
الحسين ع
الحسين ع منهج حياة ورسم لنا طريق الحق فالسلام عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حياً