تحتفل دولة الإمارات العربية المتحدة في الثاني من ديسمبر/ كانون الأول 2012 باليوم الوطني الحادي والأربعين وقد ارتقت إلى مصافّ الدول العصرية المتقدمة في العالم، بعد أربعة عقود حافلة بالعمل الدؤوب والإنجازات التنموية غير المسبوقة بقياس الزمن بكل المعايير الدولية.
وبدأت مرحلة البناء الشامخة بملحمة أشبه بالمعجزة، قادها بحكمة وصبر واقتدار وسخاء في العطاء وتفانٍ وإخلاص في العمل، مؤسس الدولة وباني نهضتها وعزتها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيّب الله ثراه، وإخوانه الآباء المؤسسون الذين نذروا أنفسهم وسخّروا كل الإمكانيات المتاحة لتحقيق نهضة البلاد وتقدمها، وتوفير الحياة الكريمة والعزة للمواطنين فيها.
وانطلقت تلك المرحلة من الصفر تقريباً، وشملت تنفيذ خطط عاجلة وبرامج تنموية طموحة طالت كل مناحي الحياة ومجالاتها، وتمثّلت في عشرات المئات من مشاريع البنية التحية والخدمات الأساسية والكهرباء والمياه والطرق والمستشفيات والمدارس والمطارات والموانئ والمواصلات والمشاريع العمرانية والإسكانية وغيرها من المشاريع التي وضعت لبنات قوية في مسيرة التقدم والازدهار التي عمّت جميع أرجاء الوطن.
وقد تواصلت المسيرة الاتحادية الشامخة، بقيادة رئيس الدولة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان الذي أطلق، برؤيته الثاقبة وخبرته القيادية الفذّة، مرحلة (التمكين) السياسي والاقتصادي والاجتماعي والعلمي والثقافي للدولة.
شهد المجلس الوطني الاتحادي، الذي يُمثل السلطة التشريعية في البلاد، تطورات نوعية منذ تأسيسه في (12 فبراير/شباط 1972) على صعيد المشاركة السياسية، وترسيخ تجربته في الحياة البرلمانية والممارسة الديمقراطية بإجراء الانتخابات الثانية في (24 سبتمبر/ أيلول 2011) وتم فيها انتخاب (20) عضواً يُمثلون نصف أعضاء المجلس من بينهم امرأة، وذلك بعد أن توسعت قاعدة الهيئات الانتخابية على مستوى الدولة إلى أكثر من 129 ألفاً و274 عضواً وعضوة، فيما بلغ عدد المترشحين 468 مترشحاً ومترشحة، ما عكس التجاوب الجماهيري الكبير لبرنامج صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان لتعزيز المشاركة الشعبية وتفعيل دور المجلس الوطني.
تبوأت دولة الإمارات العربية المتحدة المركز الأول عربيّاً والمرتبة (17) على مستوى شعوب العالم لمؤشرات السعادة والرضا بين الشعوب، في المسح الأول الذي أجرته الأمم المتحدة، وأعلنت نتائجه في شهر أبريل/نيسان من العام 2012.
اتسمت السياسة الخارجية لدولة الإمارات العربية المتحدة، التي وضع نهجها مؤسس الدولة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان - طيب الله ثراه - بالحكمة والاعتدال، وارتكزت على قواعد استراتيجية ثابتة؛ تتمثل في الحرص على التزامها بميثاق الأمم المتحدة واحترامها للمواثيق والقوانين الدولية وإقامة علاقات مع جميع دول العالم على أساس الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشئون الداخلية للآخرين، والجنوح إلى حل النزاعات الدولية بالحوار والطرق السلمية، والوقوف إلى جانب قضايا الحق والعدل والإسهام الفعال في دعم الإستقرار والسلم الدوليين. وحققت دبلوماسية دولة الإمارات انفتاحاً واسعاً على العالم الخارجي أثمر إقامة شراكات استراتيجية سياسية واقتصادية وتجارية وثقافية وعلمية وتربوية وصحية مع العديد من الدول في مختلف قارات العالم، بما عزز المكانة المرموقة التي تتبوأها في المجتمع الدولي.
تستضيف دولة الإمارات على أراضيها الملايين من العاملين من نحو 200 جنسية من مختلف قارات العالم، ينعمون مع عائلاتهم بمستوى جيد من الإقامة والمعيشة وبالأمن، يمارسون معتقداتهم وشعائرهم الدينية بحرية وأمان. كما تكفل القوانين حقوقهم في تحويل مدخراتهم إلى أسرهم في بلدانهم والتي تجاوزت مبلغ 2ر41 مليار درهم في العام 2011 مقارنة مع 8ر38 مليار درهم في العام 2010.
تواصل دولة الإمارات العربية المتحدة، انطلاقاً من نهجها في اعتماد الوسائل السلمية لتسوية الخلافات والمنازعات، وحرصها على إزالة التوتر في المنطقة، وتعزيز تدابير الثقة والاحتكام للشرعية الدولية، مساعيها لاستعادة سيادتها على جزرها الثلاث: طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى التي احتلتها إيران عشية قيام دولة الإمارات في الثاني من ديسمبر 1971 عن طريق المفاوضات المباشرة الجادة، أو الاحتكام إلى محكمة العدل الدولية.
وعبّر وزير الخارجية سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، في خطابه أمام الدورة السابعة والستين للجمعية العمومية للأمم المتحدة في (28 سبتمبر/أيلول 2012) مجدداً عن أسف دولة الإمارات لاستمرار الاحتلال الإيراني لجزرها الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى، منوهاً إلى أن الأمن والاستقرار في منطقة الخليج يمثلان أولوية عالية في سياسة دولة الإمارات المتزنة التي تستمد مبادئها من ميثاق الأمم المتحدة وأحكام القانون الدولي و لاسيما تلك الداعية إلى التعايش السلمي وبناء الثقة وحسن الجوار والاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشئون الداخلية للدولة، واتباع الوسائل السلمية لتسوية النزاعات والخلافات.
رسّخت دولة الإمارات العربية المتحدة مكانتها كمركز عالمي رائد في مبادرات ومشاريع الطاقة المتجددة والنظيفة، حيث يتجلى ذلك في اختيار العاصمة (أبوظبي) مقراً دائماً للوكالة الدولية للطاقة المتجددة (ايرينا) واستضافتها سنوياً (القمة العالمية لطاقة المستقبل) وتنظيمها جائزة زايد لطاقة المستقبل وقيمتها الإجمالية 2.2 مليون دولار لحفز وتشجيع الإبداعات والابتكارات في مجال الطاقة المتجددة. وتم انتخاب دولة الإمارات رئيساً للمجلس التنفيذي للوكالة الدولية للطاقة المتجددة في اجتماع الدول الأعضاء الـ213 الذي عقد في 14 نوفمبر/ تشرين الثاني 2011 في العاصمة أبوظبي المقر الدائم للوكالة، وتوقعت دائرة التنمية الاقتصادية بأبوظبي أن تصل استثمارات دولة الإمارات في مشروعات الطاقة النظيفة إلى 75. 183 مليار درهم، أي نحو 50 مليار دولار بحلول العام 2015، وأكدت ان الإمارات استثمرت نحو 7 مليارات دولار في العام 2008 في هذه المشروعات.
دخلت دولة الإمارات عمليّاً عصر إنتاج الطاقة النووية، بعد أن وقّعت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية، في (22 أكتوبر 2012)، مع ست شركات عالمية من الولايات المتحدة الأميركية وكوريا الجنوبية وكندا وروسيا وفرنسا، عقوداً لاستيراد الوقود النووي لمدة 15 عاماً بقيمة إجمالية تصل إلى 3 مليارات دولار أميركي حيث سيبدأ تشغيل أول محطة للطاقة النووية في العام 2017 من بين أربع محطات ستقام في موقع (براكة) بالمنطقة الغربية بإمارة أبوظبي في العام 2020 وتنتج كل محطة 1400 ميغاوات، ما يوفر الاحتياجات المستقبلية لطاقة كهربائية آمنة وفعالة وصديقة للبيئة، ويضمن تنفيذ الخطط الطموحة للتنمية المستدامة.
سيتم نهاية العام الجارري تدشين ميناء خليفة بالطويلة الذي يعد أحد أكبر الموانئ تطوراً في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من حيث التكنولوجيا المتاحة فيه والمساحة والقدرة التشغيلية حيث تصل مساحة جزيرة الميناء إلى 7. 2 كيلومتر مربع ومساحة الميناء الإجمالية البرية والبحرية 1.9 كيلومترات مربعة، وتكلف تشييد الميناء، الذي يضم عدداً من المعالم المهمة من بينها أطول جسر في الدولة هو (جسر شركة الإمارات للألمنيوم) الذي يمتد لمسافة 6ر1 كيلومتر، بالإضافة إلى منطقة خليفة الصناعية (أ) (كيزاد) 26 مليار درهم حتى الآن.
وأولت دولة الإمارات، منذ قيامها، الأولوية القصوى للارتقاء بقطاعات التنمية الاجتماعية، وتشمل التعليم والصحة والإسكان والكهرباء والماء والبنية الأساسية والرعاية الاجتماعية، وذلك في إطار استراتيجيات طموحة لتحقيق رفعة الوطن ورفاهية ورخاء المواطنين.
وأقر مجلس الوزراء في اجتماعه في (30 أكتوبر/تشرين الأول 2012) الموازنة العامة للاتحاد عن السنة المالية 2013 والتي بلغت إيراداتها التقديرية 44 ملياراً و600 مليون درهم، ومصروفاتها بنفس المبلغ وذلك دون عجز.
ومن جانب الخدمات الصحية عملت الدولة منذ قيامها عبر تقديم خدمات نوعية عالية المستوى ترقى إلى المعايير العالمية، شملت الخدمات العلاجية والوقائية والتعزيزية، بالإضافة إلى تنفيذ برامج استراتيجية لمكافحة الأمراض المزمنة والسارية ورعاية الطفولة والأمومة وانتشرت في جميع مستشفيات الدولة المراكز التخصصية العلاجية.
وتوفر دولة الإمارات خدمات إسكانية متميزة لتغطية احتياجات المواطنين من المساكن بتمليكهم وحدات سكنية عصرية تتلاءم وخصائصهم السكانية.
أصبحت المرأة الإماراتية تشغل اليوم أربعة مقاعد وزارية في مجلس الوزراء، ما يعد من أعلى النسب تمثيلاً على المستوى العربي، وتتمثل بثماني عضوات في المجلس الوطني الاتحادي في دورته الحالية من بين أعضائه الأربعين وبنسبة 22 في المئة، والتي تعد أيضاً من أعلى النسب على صعيد تمثيل المرأة في المؤسسات البرلمانية. وتمثل الدولة في الخارج أربع سيدات كسفيرات في إسبانيا والسويد ومونتوموغري وقنصلة عامة في هونغ كونغ من بين أكثر من 65 دبلوماسية يعملن في وزارة الخارجية.
العدد 3739 - السبت 01 ديسمبر 2012م الموافق 17 محرم 1434هـ