تناولنا في الفصل السابق طرق اشتقاق اسم الفاعل في اللهجات المحكية في البحرين، وقد أوضحنا أن اللهجة البحرانية تتميز بأنها تضم ميم أو عين اسم الفاعل، أو كليهما، وذلك في مواضع محددة وبوجود أحد حروف الاستعلاء ضمن اسم الفاعل، مثل حامُض ومشعُر؛ بينما في لهجة العرب فلا تُضم هذه الحروف مطلقاً، وإن وجد الضم فربما يكون من النوادر في هذه اللهجة. في هذا الفصل سنوضح أن ليس كل من يتحدث اللهجة البحرانية يضم ميم وعين اسم الفاعل في تلك المواضع المحددة بل هناك تباين واضح في نطق تلك الحروف بالضم أو الكسر؛ وفي الواقع فإنه يمكننا تقسيم اللهجة البحرانية لثلاث لهجات فرعية، مرتبطة بمناطق جغرافية معينة، وذلك بحسب حركة ميم وعين اسم الفاعل وهي:

1 - لهجة تحافظ على ضم عين اسم الفاعل في تسع مواضع مختلفة، وتضم ميمه في موضع واحد (لهجة جدحفص وبعض جاراتها).

2 - لهجة تحافظ على ضم عين اسم الفاعل في أربع مواضع (من التسعة السابقة)، وتضم ميمه في موضع واحد (لهجة الغالبية).

3 - لهجة تحافظ على ضم عين اسم الفاعل في موضع واحد فقط (من التسعة السابقة)، ولا تضم ميمه أبداً (لهجة سترة وقرى الساحل الشرقي).

المحافظة على الضم مع حروف الاستعلاء

تنتشر هذه اللهجة البحرانية الفرعية بصورة أساسية في منطقة جدحفص والمناطق المجاورة لها مثل جبلة حبشي وأبو ابهام (عذاري)، وربما تتعدى للمناطق الأخرى مثل البلاد القديم والسنابس، إلا إنه لا يمكن القطع بذلك إلا بعد القيام بدراسة موسعة في هذه المناطق. والملاحظ أن هذه اللهجة كانت أكثر وضوحاً في الأجيال السابقة وحالياً أقل وضوحاً بين متوسطي العمر في هذه المناطق، وربما تبدأ بالتقلص أكثر في المستقبل القريب. وتتميز هذه اللهجة الفرعية بميزتين هما: المحافظة على ضم عين اسم الفاعل التي تنتهي بأحد حروف الاستعلاء (الخاء، والراء، والصاد، والضاد، والغين، والقاف، والـ?اف الفارسية، والكاف الفصحى)، أما أسماء الفاعل التي تنتهي بحروف أخرى فإن عينها تكون مكسورة (انظر التفاصيل في الجدول المرفق وجدول الفصل السابق)، أما الميزة الأخرى فهي ضم ميم اسم الفاعل إذا كان الحرف الذي يليه أحد حروف الاستعلاء، وما عدا ذلك فإن ميمه تكون دائماً مكسورة، وتفتح فقط إذا كان الحرف الذي يليها همزة مفتوحة كما أوضحنا في الفصل السابق، ويمكننا تفصيل ذلك كالتالي:

أولاً: ضم عين اسم الفاعل

في هذه اللهجة الفرعية يُضم اسم الفاعل في الحالات التالية:

1 - اسم الفاعل المشتق من الثلاثي الصحيح، والذي يكون على وزن فاعل، وتكون لامه أحد حروف الاستعلاء مثل حامُض.

2 - اسم الفاعل المشتق من الثلاثي الأجوف، والذي يكون على وزن فاعل، وتكون لامه أحد حروف الاستعلاء مثل بايُگ.

3 - اسم الفاعل المشتق من الثلاثي المزيد، والذي يكون على وزن مفعل، وتكون لامه أحد حروف الاستعلاء مثل مِشْعُر.

4 - اسم الفاعل المشتق من الثلاثي المزيد، والذي يكون على وزن منفعل، وتكون لامه أحد حروف الاستعلاء مثل مِنشِدُخ.

5 - اسم الفاعل المشتق من الثلاثي المزيد، والذي يكون على وزن مفْتعل، وتكون لامه أحد حروف الاستعلاء مثل مِغْتِفُص ومِحْتِرُگ.

6 - اسم الفاعل المشتق من الثلاثي المزيد، والذي يكون على وزن إمْفَاعل، وتكون لامه أحد حروف الاستعلاء مثل إمْرَابُط.

7 - اسم الفاعل المشتق من الثلاثي المزيد، والذي يكون على وزن مسْتَفْعل، وتكون فاؤه وعينه من حروف الاستعلاء مثل مِسْتَغْرُب ومِسْتَضْرُب.

8 - اسم الفاعل المشتق من الثلاثي المزيد، والذي يكون على وزن مسْتَفْعل، وتكون فاؤه ولامه من حروف الاستعلاء مثل مِسْتَفْگُر ومِسْتَغْفُر.

9 - اسم الفاعل المشتق من الرباعي الصحيح، والذي يكون على وزن أمفَعلل، وتكون لامه أحد حروف الاستعلاء مثل أمْبَرطُم.

ثانياً: ضم ميم اسم الفاعل

تُضم ميم اسم الفاعل في هذه اللهجة الفرعية في حالة واحدة فقط، وهي أن يكون اسم الفاعل مشتقاً من الثلاثي المزيد، ويكون على وزن مفعل، ويكون الحرف الذي يلي الميم أحد حروف الاستعلاء مثل مُخجِل ومُصبِح.

ثالثاً: ضم ميم وعين اسم الفاعل

تُضم ميم اسم الفاعل، وكذلك عينه في هذه اللهجة الفرعية في حالة واحدة فقط، وهي أن يكون اسم الفاعل مشتقاً من الثلاثي المزيد، ويكون على وزن مفعل، ويكون الحرف الذي يلي الميم وكذلك الحرف الأخير من حروف الاستعلاء مثل مـُحُم.

المحافظة على الكسر

حتى مع حروف الاستعلاء

تنتشر هذه اللهجة البحرانية الفرعية في جزيرة سترة وقرى الساحل الشرقي المجاورة لها، وهي: العكر والنويدرات والمعامير وسند وتوبلي وجِدعلي. وتتميز هذه اللهجة بكسر عين اسم الفاعل حتى إذا كان الحرف الذي يليها أحد حروف الاستعلاء؛ وبذلك تكون هذه اللهجة أقرب للفصحى، فيقال في لهجة هذه المناطق: حامِض وبايِگ ومِشْعِر ومِنشِدِخ ومِغْتِفِص وإمْرَابِط ومِسْتَغْرِب ومِسْتَفْگِر. ويُستثنى من ذلك اسم الفاعل المشتق من الرباعي الصحيح، والذي يكون على وزن أمفَعلل، وتكون لامه أحد حروف الاستعلاء حيث ينطق بضم العين مثل أمْبَرطُم. كذلك، تتميز لهجة تلك المناطق بكسر ميم اسم الفاعل حتى إذا كان الحرف الذي يليها أحد حروف الاستعلاء، فيقال فيها: مِخجِل ومِصبِح ومـِ?حِم بدلاً من مُخجِل ومُصبِح مـُ?حُم.

شبه المحافظة على الضم

مع حروف الاستعلاء

وهذه لهجة بقية سكان المناطق الأخرى التي يسكنها البحارنة، بعد استثناء جزيرة سترة وجاراتها وجدحفص وبعض جاراتها. ولهجة هذه المناطق تشبه إلى حد ما لهجة منطقة جدحفص من حيث ضم عين اسم الفاعل وميمه مع حروف الاستعلاء، وتختلف عنها فقط في كسر عين اسم الفاعل في عددٍ من المواضع التي يتم فيها ضمها في منطقة جدحفص؛ وهذه الاستثناءات تشمل:

1 - كسر العين بدلاً من ضمها لاسم الفاعل المشتق من الثلاثي الأجوف، والذي يكون على وزن فاعل، وتكون لامه أحد حروف الاستعلاء فيقال بايِگ بدلاً من بايُگ.

2 - كسر العين بدلاً من ضمها لاسم الفاعل المشتق من الثلاثي المزيد، والذي يكون على وزن منفعل، وتكون لامه أحد حروف الاستعلاء فيقال مِنشِدِخ بدلاً من مِنشِدُخ.

3 - كسر العين بدلاً من ضمها لاسم الفاعل المشتق من الثلاثي المزيد، والذي يكون على وزن مفْتعل، وتكون لامه أحد حروف الاستعلاء فيقال مِغْتِفِص ومِحْتِرِگ بدلاً من مِغْتِفُص ومِحْتِرُگ.

4 - كسر العين بدلاً من ضمها لاسم الفاعل المشتق من الثلاثي المزيد، والذي يكون على وزن مسْتَفْعل وتكون فاؤه ولامه من حروف الاستعلاء فيقال مِسْتَفْگِر ومِسْتَغْفِر بدلاً من مِسْتَفْگُر ومِسْتَغْفُر.

5 - كسر العين بدلاً من ضمها لاسم الفاعل المشتق من الثلاثي المزيد، والذي يكون على وزن إمْفَاعل، وتكون لامه أحد حروف الاستعلاء فيقال إمْرَابِط بدلاً من إمْرَابُط.

لهجة العرب وحروف الاستعلاء

في لهجة العرب لا يوجد تأثير لحروف الاستعلاء على حركة الميم والعين لاسم الفاعل، فلا تضما أبداً، وهي بذلك شبيهة تماماً بلهجة سترة والقرى المجاورة لها، ولكن في لهجة العرب لا يوجد أي استثناء؛ فحتى كلمة أمبرطم التي ينطقها جميع البحارنة بالضم، أي أمبرطُم، تنطق في لهجة العرب أمبرطِم بالكسر، أما ما ذكره مبخوت أن بعض أسماء الأفعال تنطق بضم العين مثل زالُق وراكُض (مبخوت 1993,، ص 150) فهو رأي يحتاج إلى دراسة معمقة أكثر في لهجة العرب.