قضت محكمة الاستئناف بتأييد حبس متهم لمدة 6 أشهر على ذمة قضية تجمهر وشغب.
وكانت النيابة العامة وجهت للمتهم في 6 سبتمبر/ أيلول 2012 انه اشترك وآخرون مجهولون في تجمهر في مكان عام مؤلف من أكثر من خمسة أشخاص الغرض منه الإخلال بالأمن العام وقد استخدم العنف لتحقيق الغاية التي اجتمع من أجلها.
وقد تقدمت محامية المتهم مرفت جناحي بمذكرة طلبت من خلالها براءة موكلها، واحتياطيا استعمال أقصى درجات الرأفة مع المستأنف والاكتفاء بعقوبة الغرامة ووقف التنفيذ وقفاً شاملاً عملاً بنص المادة 81 من قانون العقوبات، كما طلبت قبل الحكم استدعاء شاهد الإثبات.
وقد جاء في مذكرة المحامية مرفت جناحي أنها تدفع في الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، إذ قالت: لما كانت محكمة أول درجة قد عولت في حكمها بالإدانة على المستأنف على الاعتراف الصادر منه بمحاضر جمع الاستدلالات، وحيث ان ذلك الاعتراف محل نظر وقد عدل عنه المستأنف، وحيث ان المحكمة لم تناقش سبب عدول المستأنف عن هذا الاعتراف المنسوب له وإنكاره الاتهام، ولم تحقق ذلك فإن حكمها يكون معيباً بعيب الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب. وأضافت انه لما كان الثابت أن المستأنف قد أنكر التهم المسندة إليه وعدل عن اعترافه بمحضر جمع الاستدلالات أمام النيابة وأمام محكمة أول درجة وذلك لما أحس بالأمان وأن الإكراه الواقع عليه قد زال، وحيث ان المستقر عليه فقهاً وقضاء أن الاعتراف الذي يعول عليه في الإدانة يجب أن يكون صريحاً وصادراً عن إرادة حرة مختارة وأن يكون مبنياً على إجراءات صحيحة، فضلا عن وجوب توافر الأهلية الإجرائية للمعترف، وأن يكون الاعتراف نصاً في ارتكاب الجريمة...
وتطرقت جناحي إلى ما وجه لموكلها من تهمة التجمهر، وأفادت أن المادة (178) من قانون العقوبات تنص على أن «كل من اشترك في تجمهر في مكان عام مؤلف من خمسة أشخاص على الأقل، الغرض منه ارتكاب الجرائم أو الأعمال المجهزة أو المسهلة لها أو الإخلال بالأمن العام ولو كان ذلك لتحقيق غرض مشروع، يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين وبغرامة لا تجاوز مئتي دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين».
واسترسلت: «البين من نص هذه المادة أن الركن المادي للجريمة الواردة بها هو فعل الاشتراك في تجمهر في مكان عام، وأن يكون هذا التجمهر مؤلفا من خمسة أشخاص على الأقل، وأن يكون الغرض من التجمهر ارتكاب الجرائم أو الأعمال المجهزة أو المسهلة لها أو الإخلال بالأمن العام حتى ولو كان ذلك لتحقيق غرض مشروع.
وحيث ان هذه الأفعال لم تثبت في حق المستأنف بدليل قطعي الدلالة قطعي الثبوت فشهادة الشرطي التي هي محل نظر لا تصلح وحدها أن يقام عليها الاتهام وخصوصاً أن هروب المستأنف لا يقطع بأنه كان ضمن المتجمهرين وهو ما سوف نفصله عند الحديث عن القصد الجنائي، ولا توجد أي أدلة مادية أخرى بالدعوى تفيد قيام المستأنف بالتجمهر وبالتالي يكون ركن الاشتراك غير ثابت في حقه.
ولما كان ذلك، وكانت واقعات الدعوى قد خلت من ثمة دليل جازم على قيام المستأنف بجريمة التجمهر المنسوبة إليه، فإننا نلتمس من عدالة المحكمة إلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً ببراءة المستأنف مما نسب له من اتهام».
أما عن القصد من الاشتراك أو التجمهر - أوضحت جناحي - «فلم يثبت توافره في حق الطاعن وخاصة مع إنكاره للجريمة المنسوبة إليه، والقاعدة في هذا الشأن هي وجوب إثبات القصد الجنائي لدى المتهم والتدليل على هذا القصد وتوافره في حقه، وحيث ان الركن المعنوي يدور وجوداً وعدماً مع الركن المادي، وحيث ان الركن المادي غير متوافر بحق المستأنف فالتالي فلا وجود للقصد الجنائي.
وبناء عليه فإننا نلتمس من عدالتكم إلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا ببراءة المستأنف مما نسب له من اتهام».
وبخصوص تهمة الشغب بينت جناحي أن المادة (179) من قانون العقوبات تنص على أنه «إذا شرع واحد أو أكثر من المتجمهرين في استخدام العنف لتحقيق الغاية التي اجتمعوا من أجلها كان ذلك شغبا وان عوقب كل من اشترك في هذا الشغب وهو عالم به بالحبس وبغرامة لا تجاوز خمس مئة دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين». وتابعت أن المستأنف لم يكن من ضمن الأفراد الذين اشتركوا في التجمهر من الأساس، وبداهة فلكونه غير موجود في واقعة التجمهر لا يمكن نسبة قيامه بأي أعمال عنف، فالمتهم أنكر قيامه بالتجمهر وأنه ولحظة العسر كان خارجاً لدفع أجرة الحلاق وفوجئ ببعض الأشخاص يصرخون ويهربون فأصابه الفزع وركض مثلهم. وحيث كان ما تقدم وقد خلت الدعوى برمتها من الدليل على قيام المستأنف بما نسب له من اتهام فإننا نلتمس من عدالتكم إلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً ببراءة المستأنف مما نسب له من اتهام. وأشارت جناحي أن الأحكام في المواد الجنائية تبنى على الجزم واليقين لا على مجرد الشك والتخمين وإعمالاً للقاعدة الجنائية بأن الشك يفسر لصالح المتهم، وحيث ان الأصل في الإنسان البراءة والبراءة يقين وذلك اليقين لا يزول بالشك وإنما يزول بيقين آخر، ذلك فضلاً عن أن الدليل إذا تطرقه احتمال سقط به الاستدلال، فكيف إذا خلت الدعوى من الدليل.
العدد 3734 - الإثنين 26 نوفمبر 2012م الموافق 12 محرم 1434هـ