لم يحصل الإمام الحسين (ع) على الخلود وعلى هذه الشهرة العريقة المتجذرة في وجدان الأحرار في أنحاء العالم من خلال حَسَبه ونسبه فحسب، وإنّما لما رسمه من دروب الأحرار وتنوير المسارات للمظلومين، ودافعاً قوياً للمطالبة بالحقوق. فلهذا استشهد به قامات الأحرار من البشر، مثل غاندي الذي قال: «تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوماً فانتصر». وكان شعاره يرتد صداه منذ 14 قرناً بصرخته المدوية ضد الطغاة.
تفتخر الأمة بابن بنت رسول الله (ص)، الذي دافع عن الإسلام وتعاليمه واستقامته، والذي لقب بأبي الأحرار وسيد الشهداء، حيث بات يعتبر المرجعية لجميع الأحرار في هذا الكوكب.
ستبقى ثورته المجيدة نبراساً لكل من يطالب بحقوقه، وخارطة طريق للأحرار على مدى الفصول والعصور؛ لأنه حتماً لن ينتهي الظلم، ولن تزول المفاسد من على الأرض حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً.
كل ثائر حر في مختلف الأوطان يرتكز على دفع الظلم والدفاع عن الحق، وسيدنا أبو عبدالله (ع) أول من سلك هذا الطريق؛ فلهذا يلقب بأبي الأحرار.
فالحسين لم يضحِّ بنفسه وأهل بيته ليبكي عليه الناس، وإنما ليرسموا طريق الحق والنضال والإصلاح.
في القرآن الكريم: «قل جاء الحق وزهق الباطل، إن الباطل كان زهوقاً» (الإسراء:81)، وهكذا رأينا العروش التي تتباهى بقوتها وجبروتها تتهاوى، والقبب الحديدية تتساقط أمام إرادة الشعوب الحرة، ومهما طمست الحقائق في الأرض فإن الأوضاع تتغير، ولنا عبرةً في قضية الحسين (ع ) الذي خاض حرباً ضروساً ضد الحكم وهو لا يمتلك جيشاً ولا عتاداً غير الإرادة الحديدية.
وكذلك من تربى على قيم الإنسان الحر، كالإباء والكرامة وعدم الخنوع، وزرعت فيه خلايا العز والشرف، سيحقق مبتغاه ولو تكالبت عليه الأعداء والمؤامرات.
إن من يقرأ سيرة الإمام الحسين (ع) كإنسان، فضلاً عن أنه ريحانة رسول الله (ص)، وطريقة مقتله التي تقشعر لها الأبدان، والتنكيل بأهل بيته وحرق خيامه، تنزل مدامعه تلقائياً؛ لأن عملية الانتقام حطمت كل القيم والأخلاق.
إن استذكار الحسين ليس للبكاء ولطم الصدور، بل اعتباره مناراً في الحياة، ومبدأً يقوم على ترسيخ العدل ومقاومة الباطل.
أما إباؤه للضيم واستهانته بالقتل في سبيل الحق والعزة، فقد ضُربت به الأمثال وسارت به الركبان، وأُلفت فيه المجلدات وخطبت به المنابر ونظمته الشعراء، وكان مثلاً أعلى لكل حر، ومثالاً للنفس الأبية والهمة السامية، ومِنوالاً يسلكه الأحرار في كل زمان.
لقد رفض الحسين (ع) تحويل الخلافة الإسلامية إلى إرث، ولم يخضع للترهيب والتهديد حينما هُدّد بالقتل، حتى ولو كان متعلقاً بأستار الكعبة الشريفة.
وأبى أن يخضع للمساومات على البيعة. كان يدرك أن مبايعته ستفتح الطريق لانتشار الظلم القسري، ويختفي الأحرار ويهدد وجود الرسالة.
كان الإمام الحسين (ع) وضع نصب عينيه وصية أبيه الإمام علي بن أبي طالب (ع) عندما أوصاه وأخاه قائلاً: «أوصيكما بتقوى الله ولا تطلبا الدنيا وإن طلبتكما، ولا تأسفا على شيءٍ منها زوي عنكما. افعلا الخير وكونا للظالم خصماً وللمظلوم عوناً».
لقد انتصر الإمام الحسين (ع) بالحق، وبقي منهجه شعلةً للأحرار، وبقيت روحه خالدةً منذ العاشر من محرم العام 61 هجرية، مع سقوط جسده الطاهر على الرمضاء في أرض كربلاء.
إقرأ أيضا لـ " أحمد العنيسي"العدد 3733 - الأحد 25 نوفمبر 2012م الموافق 11 محرم 1434هـ
كيف نرضي الحسين؟
نعم لما كان البكاء واللطم واستعادة احداث عاشوراء بمثابة احياء لهذه الذكرى الأليمة في نفوس الموالين، وتفاعلهم معها عاطفياًً، ولكن بقي ان نستلهم الدروس والعبر من وراءها وأن ندفع الظلم دفعاً وان كان على حساب أنفسنا فأنفسنا ليست بأفضل من نفس ريحانة الرسول(ص) وما هذه النفس الا فانية ولكن عندما يكون مظاهر الفناء في سبيل دفع الظلم ستخلّد أنفسنا. وهذا ما لا يعيه غالبية من الناس. وهذا ما خرج من أجله الحسين سلام الله عليه وأراد ان يوصله للمسلمين، فهل من مدرك لذلك الا قليل؟؟\r\n
اللطم والعزاء احد اسباب بقاء الثورة
جعله الله في ميزان حسناتك حين تخف الموازين
ولكن اللطم على الصدر ومواكب العزاء كانت شعلة اعلامية ساهمت بشكل كبير في بقاء الثورة الحسينية الى يومنا هذا وستبقى انشاء الله
شكرا للكاتب
تربى على قيم الإنسان الحر، كالإباء والكرامة وعدم الخنوع، وزرعت فيه خلايا العز والشرف، سيحقق مبتغاه ولو تكالبت عليه الأعداء والمؤامرات. هكذا ما يحصل ضدنا عندما سلكنا قيمه
من كلام ابو الاحرار
فعلا رسم طريقنا للحرية وعدم قبول الظلم، وهنا مقولته تعاد في بلدان الظلمة
ستراوي
صدقت القول
ستبقى ثورته نبراسا وشعلة للاحرار لمجابهة الظلم والفساد، ونحن نراها في كل عصر.
شكراا