الحب والكراهية نقيضان لا يجتمعان، لكن كلاً منهما يمكن أن يولد الآخر. الرغبة بالدفاع عن من نحب تولد الكراهية، فالدفاع عن صديق هو حب، لكن يولد كراهية تجاه من اعتدى على الصديق.
ماذا لو رأيت شخصاً يلطم أمك على وجهها؟ هل حبك لأمك سيجعلك مكتوف اليدين وتصدر إشارات ترحيب للمعتدي، أم هذا الحب سيولد مشاعر كراهية في أقصى طاقاتها، ليدفعك نحو الجنون لاستخدام أي شيء أمامك لإلحاق أكبر قدر ممكن من الأذى بجسم المعتدي.
شاهدت أحد أفلام الكارتون، مفاده أن شريراً يسعى للقوة والسيطرة، فرأى أن أقوى قوة يمكن أن تجعله يسيطر على العالم بأسره، هي الكراهية. وهذه الكراهية موجودة في قلب طفل أو صبي صغير. فيخطط الشرير لاستخراج هذه القوة من الصبي، من خلال تدمير مدينة الصبي، وقتل من يحب وخصوصاً أمه وأبيه وأفراد أسرته وأصدقائه.
الطفل عندما شاهد الدمار والخراب ودماء من يحب، انهارت قواه، وخرج وحش الكراهية من قلبه بأعلى طاقة. وعندها حصل الشرير على قوة وحش الكراهية الهائلة من الصبي، ولم يستطع أحد أن يقف في طريقه في السيطرة على العالم، سوى بطل الفيلم بصعوبة تفوق الخيال.
كأن الفيلم الكارتوني يريد التنبيه والالتفات والتحذير، إلى عدم جعل الناس في موضوع الدفاع عن من يحبون، لأنها ستولد كراهية، تجعل المجتمعات والدول تدخل في فوضى يصعب السيطرة عليها، وخصوصاً إذا تحولت إلى حلقة من الضغينة لا تنتهي، فتصبح العدالة التي يريد أن يطبقها الطرف الأول على الطرف الثاني، هي نفسها العدالة التي يريد أن يطبقها الطرف الثاني على الطرف الأول.
ولا يمكن كسر حلقة ديمومة الضغينة إلا بقيم التسامح والعفو، وهي قيم نادرة جداً إن لم تكن معدومةً في حالات الدفاع عن من نحب. فهل يمكن أن تسامح من يصفع أو يلطم وجه أمك؟
وهذه الكراهية تستمد ديمومتها من تغير موقعها من الشر إلى الخير، فتصبح هذه الكراهية منطقاً للخير بحسب فهم الإنسان، فالعقل البشري يعطي مصطلحات وأسماء إيجابية ومؤيدة للكراهية المتولدة من الحب، فيصف سلوك الكراهية تجاه من اعتدى على أمه التي يحبها، بكلمات دفاع، كرامة، شرف، إنسانية، رضا الله.
كره الشر، في العقل البشري شيء إيجابي، مثل حب الخير. وحب الشر، شيء سلبي مثل كره الخير. الإنسان يجمع المتناقضات، يعتبر سلوكاً ما على أنه جميل في وقت معين، ويعتبر هذا الفعل نفسه قبيحاً في مكان آخر، بتغير مواقع الفعل في قواعد الخير والشر في لعبة العقل البشري.
فلا تجعل الناس في موقع الدفاع عن من يحبون، لأنهم، إن فعلت، سيكرهونك ويتحولون إلى أعداء إليك، وهذا الخطأ تقع فيه حكومات من دون فهم عند معالجة ملفات سياسية وأمنية، ما يثير غضب وكراهية شعوبها عليها.
إقرأ أيضا لـ "عباس المغني"العدد 3725 - السبت 17 نوفمبر 2012م الموافق 03 محرم 1434هـ
مقال رائع
أتمني من الحكومه ان لا تستمر في العبث وتدمير و سجن أهلنا فالكراهيه تولدت !
الحب لا يولد إلا الحب
الحب لا يولد الكراهية