الهاتف النقال أصبح جزءاً لا يتجزأ من حياة الناس، والدول التي تأخرت أو تعطلت برامجها التنموية (كما حصل في لبنان بسبب الحرب الأهلية) بإمكانهم اللحاق بأخر التكنولوجيا دون الحاجة لتمديد أسلاك تحت الأرض أو فوق الأرض.
ويمكن لكثير من الناي الآن أن يحمل التلفون النقال وهو في القطار أو هو راكبا الحمار، لا فرق بين جودة الصوت ما دامت الخدمة قد توفرت.
التلفون النقال أيضا أصبح أداة هامة لأجهزة المخابرات وغير المخابرات. فقد تمكنت شركة سويسرية من تطوير جهاز تصنت يمكنه تحديد الشخص الماسك بالهاتف على اتصال بأحد الأشخاص ام كان حاملا للهاتف فقط.
فما دام الهاتف قد تم تشغيله والبطارية مشحونة فإن هذه الشركة السويسرية بإمكانها التقاط الذبذبات الصادرة من الهاتف وتحديد مكان الشخص في أي مكان كان. وهذا خبر سيء وحسن في الوقت، انه سيء لان الإنسان لم يعد يستطيع التنعم بهذه التكنولوحيا إذا كان يريد أن يختفي عن أنظار الرقيب. الأخطر من ذلك هي إمكانية مراقبة الخطوط من قبل أشخاص آخرين يمتلكون ذكاء في الالكترونيات.
الهاتف النقال هي راديو في الحقيقة. فكل هاتف تحدد له ذبذبة عالية وقصيرة المدى مرتبطة بخلية، وهذا الخلية مرتبطة بشبكة الاتصالات الوطنية، ولهذا فإن الهاتف يسمى (Cellular Phone)، وكل خلية لديها قطر يتراوح بين كيلومترين إلى ثلاثين كيلومتر.
وعندما يتنقل الشخص بالهاتف فإن الهاتف يبعث ذبذبات ويستقبل أخرى من الخلايا ويعيد ترتيب الذبذبات المخصصة. وبما أن الهاتف هو عبارة عن جهاز راديو يبث ويستقبل الذبذبات فإن أي شخص لديه خبرة في تكنولوجيا الراديو والاتصالات والالكترونيات يمكنه التوصل للتنصت على أرقام هواتف معينة.
وبما أن شبكات الهواتف انتقال تعتمد على التكنولوجيا الرقمية Digital فإنه بالإمكان أيضا نقل تلك الذبذبات إلى الكمبيوتر والتلاعب بها وإعادة تشكيها لتظهر صوت المتحدث وكان قال جملة لم يقلها في الأساس.
هناك بطبيعة الحال الأمور الحسنة للهاتف النقال، وهذه الأمور الحسنة أخذة في التطور يوما بعد يوم. وبسبب التحسينات المتوفرة تكنولوجيا فإن تسمية الهاتف بدأت تأخذ صفة "نظام" Universal Mobile Telephone System سيوفر لمستخدمه خدمات أخرى غير الاتصال هاتفيا، وستشمل هذه الخدمة الدخول على شبكة الانترنت، التسوق الكترونيا، التعامل مع الحساب البنكي، إرسال صورة أو مشاهدة مقاطع فيدو موصلة عبر الانترنت، وغيرها من الخدمات، التي سيتمكن الإنسان من التمتع بها بينما هو ماش في الشارع، أو واقف ينتظر الباص، أو راكبا الحمار في مزرعته النائية، أو... أو...
وما دامت هذه المعلومات كلها تنتقل عبر الأثير فانك ما بين خيارين، أما أن تعتزل هذه الأمور وتصبح في المؤخرة وتعيش كالدرويش منفصلا عن المالك، أو انك تدخل هذا العالم بوسائله وأساليبه. وإذا دخلت هذا العالم فإن المخاطر أمامك متعددة.
جميع المعلومات حول حياتك، تاريخ ميلادك، رقم حسابك، اسم والدك ووالدتك، وضعك الصحي، الخ، سوف تخزن في واحدة من خزانات المعلومات المرتبطة ببعضها الآخر. ولا يوجد هناك مشكلة في هذا لأنك بحاجة أن تسير حياتك بسهولة. ولكن تصور كيف سيكون الأمر عندما يتمكن غيرك من الحصول على جميع هذه المعلومات.
تصور أيضا هذه الجهة التي تعرف عنك معلومات كثيرة هي جهة إجرامية وليست فقط مخابراتية. هذه الجهة تستخدم رقم بطاقتك لتسحب الأموال من حسابك في ثوان معدودة. تصور كل الاحتياطات التي يلزمك الأخذ بها لكي تتمتع بهذه الخدمات التي لن تستطيع التخلي منها عندما تشاهد أن 60 في المئة من الناس تستخدمها، خلال الخمس إلى عشر سنوات القادمة.
خياراتنا أمام هذه الحياة الجديدة ليست كثيرة، فبالإمكان عدم الاكتراث، لان كثرة المعلومات المتوفرة وكثرة الاستخدام ستوازن المخاطر المطروحة. بالإمكان الحديث عن ضوابط طوعية لمراعاة الاحترام المتبادل، وأن هذه المراعاة الطوعية يلزمها الردع المتبادل، بمعنى إذا أردت أن تامن من هذه الأساليب، فإن عليك ان توفر الأمان لاستخدام هذه الأساليب لغيرك.
حلول أخرى قد تركز على إصدار قوانين لمعاقبة من يسيء الاستخدام. ولكن هذه القوانين هل هي محلية أم دولية أو من سيطبقها وتجاه ماذا؟ يبقى الحل التكنولوجي، بمعنى أن التكنولوجيا التي أتت لنا بهذه الخدمات الجديدة هي التي أيضا ستأتي لنا بحلول مع الأيام ومع ازدياد الحاجة.
إلا أن السؤال الأهم الذي يلزم طرحه هنا هو هل ستحسن هذه الخدمات الجديدة مستوى ونوعية الحياة لدى الناس؟ هل إغراق الناس بالمعلومات ووضعها تحت تصرفهم وهم يمشون أو يلعبون أو ... أو... هل هذا سيحسن من معيشتهم ومستوى ذوقهم؟ ما دام انه سوف يخلق لهم مصدرا للإزعاج والإرهاق النفسي المستمر؟
العدد 1 - الجمعة 06 سبتمبر 2002م الموافق 28 جمادى الآخرة 1423هـ
زائر 3
والله هالموضوع مفيد كتييير شكرا الكم
اسماء
انه موضوعا رائعا
شكر
شكراً ع هالموضوع جزاك الله خير