تبرز مكانة الإعلام وأهميته في تأثيره الكبير على توجهات الناس وآرائهم في الحياة، سواءً بالسلب أو الإيجاب، فوسائل الإعلام قادرة على فرض رأي أو توجّه معين بحسب توجهات وسياسة المؤسسة الإعلامية، ولكنَّ الحقيقة الثابتة أن وسائل الإعلام تحكمها أخلاقيات ومبادئ تفرض عليها أن تلتزم الموضوعية والمصداقية في نقل مختلف الأحداث الجارية في المجتمع، وحينها نستطيع أن نتوّجها بتاج السلطة الرابعة.
إنه لا يخفى على أحد الدور الذي يمارسه الإعلام في تنمية وتطوير فكر الشعوب، فهي إما أن تسمو بهم للقمة أو تحطُّ بهم إلى الحضيض، ويبقى فكر المجتمع مرهوناً بما يقدمه الإعلام ويضخُّهُ في عقول الأفراد.
ويتجلّى هذا التأثير في معرفة مدى وعي الشعوب من عدمه، من خلال ما يبديه الأفراد من ردات فعل تجاه الرسالة الإعلامية، أو ما يسمّى برجع الصدى Feed Back. ويتفق ذلك مع قول وزير إعلام هتلر، جوزيف غوبلز: «اعطني إعلاماً بلا ضمير أُعطيك شعباً بلا وعي»، فهو يشير إلى ما يحمله الإعلام من رسالة سامية يكمن وراءها رُقيّ الشعوب وتنمية مجتمعها لينعكس ذلك على وعيها.
في واقعنا الحالي، انتصر فكر غالبية الشعوب على مقولة غوبلز، إذ إن وعيها يسابق أيَّ تزييف أو قلبٍ للحقائق، وباتت لا ينطلي عليها أيُّ بريق إعلامي يُمارس لأهداف ومصالح شخصية. وربما كان للأحداث الراهنة والتطور الملحوظ لوسائل الإعلام فضلاً عن انتشارها غير المسبوق، دوراً فاعلاً في تسامي عقول الأفراد عن ما يحاك لها من وراء الستار من معلومات كاذبة أو أخباراً مزيّفة للاستخفاف بعقول الأفراد، والتي تمارسه بعض الصحف الصفراء Gutter press، فهيَ في هذا الزمن أكبر من أن تكون ضحيةً لقلب الحقائق، والشمس حاشى أن تُحجب بغربال.
وحينما عصفت رياح الربيع العربي، بات يقيناً أن الإعلام يقوم بدورٍ فاعلٍ إما إيجاباً أو سلباً في تاريخ الأمم والشعوب، وخاصةً في فترات التحول الديمقراطي، إذ بات الإعلام السلطوي في أغلب الدول، وبعد أن نالها نصيبٌ من نسيم ذلك الربيع، متغيراً رأساً على عقب، ليصبح إعلاماً حقيقياً مع الشعوب وحريتها وكرامتها وعزتها، لأن الإعلام وُجِدَ ليكون مع المجتمع وأفراده، لا لتحقيق مآرب ذاتية، وإن حصل ذلك فهي زائلةٌ لا محالة.
إنَّ من الضرورة بمكان أن يلتزم الإعلام بالضمير الذي دعا إليه غوبلز في المقولة السالفة الذكر، وحينها يمكن أن نصل إلى الهدف المنشود وهو حيادية الإعلام والسمو بالأفكار عن الهبوط والدونية، فضلاً عن ضرورة احترام عقول الشعوب مراعاةً للكرامة والفطرة الإنسانية التي لا تقبل إلا الإعلام الصادق.
السيد جابر عدنان نعمة
العدد 3724 - الجمعة 16 نوفمبر 2012م الموافق 02 محرم 1434هـ
منور يا زميل