"جمعية المراحيض البريطانية" (British Toilet Association ) هي جمعية حقيقية لها متحدثة رسمية باسمها وأعضاء (بعضهم أعضاء برلمان أيضا) ولها نشرات وكتابات ومناقشات حول فلسفة الجمعية وأهدافها ووسائلها ونوعية أعضائها ونوعية الأفراد الذين تدافع عنهم، المتحدثة الرسمية باسم الجمعية تقول إنها تدافع عن حقوق 26 مليون شخص سنويا يحتاجون للذهاب للمراحيض ودورات المياه أثناء تواجدهم خارج المنزل (في بريطانيا).
الستة والعشرون مليونا (سنويا) هم الناس الذين تضطرهم حاجتهم البيولوجية للذهاب إلى الحمام أثناء تسوقهم أو تواجدهم في مطعم أو قطار أو باص مطار أو مؤسسة عامة أو خاصة أو أثناء تواجدهم في ميدان عام أو احتفالات جماهيرية.
وتتساءل المتحدثة الرسمية عن الأسباب التي تدعو بعض المطاعم لتخصيص المراحيض في الطابق الأعلى بدلا من الأسفل، وكيف أن ذلك يسبب صعوبات للمضطرين للذهاب للحمامات. وتتساءل لماذا لا يتم توفير مزيد من الحمامات للنساء لإنهم "يطولن" – بقاءهن في المرحاض – كثيرا (أكثر من الرجال بأربع أو خمس مرات). وهذا يفسر لماذا حمامات النساء عليها طابور أطول من حمامات الرجال.
تدافع الجمعية عن جميع هؤلاء وتتساءل لماذا لا تحافظ البلديات على الحمامات عن جميع هؤلاء؟ ولماذا لا تحافظ البلديات على الحمامات لكي تضمن أن المياه متوفرة فيها وان ورائحها ليست "مزعجة" أكثر من اللازم؟
تطالب الجمعية بدورات تدريبية للعاملين في الحمامات وخصوصا المنظفين وتدعو لمنحهم شهادات مهنية تثبت قدراتهم على تنظيف الحمامات "بصورة جيدة".
وأغرب فلسفة تقولها هذه الجمعية هي "أن المراحيض تعتبر الوجه الحقيقي لكل بلد"! فإذا أردت أن تعرف أن هذا البلد متطور أم متخلف فما عليك إلا أن تزور الحمامات المتوفرة لعامة الناس. وتقول الجمعية أن الكتابات المنتشرة داخل المراحيض تعبر عما يختلج في نفوس الكثير من الناس الذين يخجلون أو يخافون من قولها في الخارج أمام الناس.
وعلى أي حال فإن الجمعية لا تدعو لوضع كاميرات في الحمامات (لان هذا عيب جدا) ولكنها تدعو لتدريب "رجال ونساء المهنة" لكي ينظفوا أو يصبغوا الكتابات بصورة سريعة لكي لا يتعكر مزاج الأشخاص الذين قد يقرأونها ثم يصيبهم "وجع بطن" إضافة لوجع بطنهم قبل دخولهم المرحاض.
جمعية المراحيض تدعو لتخصيص جائزة لاحسن مرافق حمامات في بريطانيا وتدعو لترويج "ثقافة مراحيض" راقية تناسب المستوى "الثقافي والحضاري" لبريطانيا.
بعضهم يقول إن البريطانيين "متفرغين" يخلقون جمعية ونقابة لكل مهنة ولكل تخصص. فبريطانيا تعتبر أكثر الدول المنظمة نقابيا، والنقابات استطاعت الإطاحة بعدة حكومات في الماضي (قبل أن يتم تقليم أظافرها في عهد السيدة تاتشر). والنقابات البريطانية كثيرة ومتعددة ولا يستطيع شخص أن يتذكرها. وإنما يحتاج لموسوعة ضخمة للتعرف على نوعها وعددها ومراكز قوتها وأهدافها...الخ. كل هذا مقبول، إلا أن تكون "جمعية مهنية" للمراحيض أمر يحتاج للكثير من التأمل والتفكير.
من ناحية التفكير فإن هناك الكثير ممن حول "المرحاض" إلى مكتبة لقراءة الكتب والصحف. بل أن بعض المفكرين الفرنسيين القدامى، مثل هيجو، يقولون أنهم كتبوا قصصهم وكتبهم أثناء تواجدهم داخل المرحاض (المرحاض الغربي يتحمل مثل هذا الأمر لان الشخص يبدو وكأنه يجلس على كرسي)!
"المراحيض" هي الوجه الحقيقي لكل بلد، ربما يكون جملة حقيقية. ففي بعض بلداننا الشرقية تنتشر الكتابات الجدارية السياسية (المضادة للحكومة). فكثير من الأشخاص يذهب للمرحاض لتفريغ ما في نفسه من جميع الأشياء، بما فيها غير المقبولة "رسميا" في بعض بلداننا الشرقية، ولذا فان دخول الحمامات والمراحيض العامة عندنا قد تكون مجازفة ومخاطرة. مجازفة من ناحية الصحة، لأنها تمتلئ بالقاذورات التي تهرب منها الكلاب قبل البشر، وهي مجازفة أمنية، لان دخول فرد إلى المرحاض عدة مرات خلال الأسبوع قد يجعله هدفا "للمخبرين" الذين يراقبون المرحاض لإلقاء القبض على من يكتب الشعارات السياسية.
المطاردات التي توردها القصص الفرنسية (قبل الثورة الفرنسية) داخل المجاري، هي مطاردات مستمرة في بعض البلدان، وهي مطاردات داخل المراحيض بدلا من داخل المجاري.
المراحيض الغربية مملوءة بالكتابة السفيهة التي لا تسمح الصحافة بكتابتها لأنها ساقطة أخلاقيا، ولكنها كتابات تعبر عن نوع من الثقافة المنتشرة لدى قطاعات معينة من الناس. ولهذا فإن "جمعية المراحيض" تدعو لاحترام الآخرين الذين لا يريدون قراءة مثل هذا النوع من السخافات.
"جمعية المراحيض" ترعى أخر أنواع التصميمات المتوفرة للمراحيض وتدعو مثلا للحفاظ على البيئة. فيمكن مثلا تطوير خزان الماء لكي يحتوي على نصف المقدار ويقوم بنفس الدور وبالتالي توفير كميات كبيرة من المياه يومياً.
"جمعية المراحيض" لديها اهتمام "بالمرحاض الالكتروني" المتواجد حاليا في اليابان. "المرحاض الالكتروني" يقوم بمهام كثيرة لإراحة مستخدمة. ولكني من الأشخاص الذين سيهربون من ذلك المرحاض، فلربما كان موصلا بالانترنت، وتحدث فضائح سترها الله على عباده.
العدد 1 - الجمعة 06 سبتمبر 2002م الموافق 28 جمادى الآخرة 1423هـ