قالت ناشطة السلام الباكستانية الشابة ملالا يوسف زاي في مقابلة مع «الجزيرة» السنة الماضية: «إذا لم يُعطَ هذا الجيل الجديد الأقلام، فسوف يعطيهم الإرهابيون البنادق».
تكافح ملالا يوسف زاي، التي أطلقت «طالبان» النار عليها يوم 9 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، من أجل التعافي في أحد مستشفيات لندن. وقد تحدّت الشابة هؤلاء الذين كانوا يأملون بإسكات حملتها التعليمية التقدمية وانتقادها العلني لـ «طالبان»، وهو أمر لا يجرؤ أحد على فعله. وبما أن مبادرتها ماتزال في النطاق العام، فهذه فرصة مناسبة للتركيز على أساليب للتعامل مع التحديات التي تقف أمام أسلوب تعليم الفتيات الباكستانيات.
عندما كانت ملالا يوسف زاي في الحادية عشرة من عمرها، برزت إلى الشهرة من خلال كتابة مفكرة تحت اسم «غول ماكي» المستعار لخدمة الـ «بي بي سي» باللغة الأردية.
وقد عرضت كتاباتها نبذة عن العيش تحت حكم «طالبان» القمعي، الذي سيطر العام 2008 على منطقة سوات التي تعيش فيها في مقاطعة خيبر باختونخوا في باكستان، قبل أن تقوم الحكومة الباكستانية بإخراجهم في عملية عسكرية العام 2009.
اكتسبت ملالا، نتيجة شجاعتها وثقافتها وتفهمها بأن التعليم أساسي من أجل التغيير الإيجابي، شهرةً وإعجاباً على المستوى العالمي، وأعطيت جائزة السلام الوطنية في باكستان العام 2011 ورشحت لشهادة السلام العالمية للأطفال العام 2011. إلا أنه مازال هناك الكثير لعمله لتحقيق حلمها بالتعليم للفتيات في باكستان.
حسب استطلاع 2009-2010 الاقتصادي في باكستان، تنفق باكستان 2.1% فقط من الناتج المحلي الإجمالي على التعليم. ويقول تقرير جديد لليونسكو أن الفتيات في باكستان يشكلن ثلثي الأطفال الذين لا يذهبون إلى المدرسة، وهي ثاني أعلى نسبة في العالم. ويشير التقرير كذلك إلى أن باكستان خفضت من إنفاقها على التعليم هذه السنة.
ويشكل الفقر سبباً رئيسياً لعدم التكافؤ في التعليم للنوع الاجتماعي.
فعندما تشعر الأسر الفقيرة أنها مضطرةٌ للاختيار بين تعليم أبنائها أو بناتها، تخسر البنات في معظم الحالات. يُنظَر إلى الولد أحياناً على أنه استثمار أفضل؛ لأنه سيوفّر المال للأسرة في نهاية المطاف، بينما سيتم تزويج الفتاة في فترة قريبة. لذا، يعني الانحياز الثقافي أحياناً أن الفتيات لا يستطعن الوصول إلى واحدٍ من أكثر الحقوق أساسية.
يريد الأهالي، وبشكل خاص بعد إطلاق النار على ملالا، أن يعرفوا كذلك أن فتياتهم سيكنّ في أمان عند ذهابهن إلى المدرسة، خصوصاً إذا كان يتوجب عليهن السفر مسافات بعيدة على طرق غير آمنة. يمكن للمنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني أن تتقدم للمساعدة على حشد المجتمع في هذا المجال. ويستطيع الأهالي، إلى جانب المجتمع المدني، تنظيم رحلات للفتيات من أحيائهن إلى المدارس، ذهاباً وإياباً.
إضافة إلى ذلك، تفتقر العديد من المدارس إلى مرافق خاصة للفتيات، إلا أنه في بعض الحالات، يمكن تحقيق هذه الاحتياجات بسرعةٍ وبكلفةٍ رمزيةٍ جداً.
أجرت الأمم المتحدة في باكستان دراسات لتحديد ما يؤثر على حضور الفتيات إلى المدرسة، ووجدت أن عدد الفتيات اللواتي يأتين إلى المدرسة يزداد بشكل كبير عندما يتم توفير مراحيض ذاتية التنظيف وحمّامات خاصة في المدرسة.
ورغم أن المرافق الأساسية لا يتم بحثها كثيراً عندما يتعلق الأمر بالتعليم، إلا أنها تستطيع أحياناً تحقيق فرق كبير للطالبات.
وأخيراً، وفي بعض القرى المحافظة، تفرض التقاليد أن تقوم مدرّسات إناث بتعليم الفتيات. ولكن المدرّسات الإناث نادرات في المجتمعات الباكستانية الريفية بسبب انخفاض نسبة التعليم عند الراشدين هناك، وتتردد النساء المثقفات من مناطق أخرى في السفر والعيش بعيداً عن منازلهن لتحقيق هذه الحاجة. وحتى يتسنّى التعامل مع ذلك، يجب أن تكون الحكومة على استعداد لدفع المزيد لتدريب واستخدام مدرّسات إناث وتوفير أماكن آمنة ومناسبة للعيش. فمثلهن مثل الطالبات الإناث، يجب توفير جميع الضرورات لهؤلاء المدرّسات حتى يتسنى لهن الانتقال بسلامٍ إلى المدارس. وقت العمل هو الآن. يتوجب على الحكومة الباكستانية والشعب الباكستاني والمجتمع الدولي الانضمام معاً لصياغة إجراءات فاعلة لوضع نظام تعليم أكثر حساسية مع النوع الاجتماعي وقادر على البقاء ثقافياً يوفر الخدمات لكل من الفتيات والفتيان. يعود الأمر لنا الآن لتوفير المعونة وضمان تحقيق حلم ملالا يوسف زاي بالتعليم للجميع.
إقرأ أيضا لـ "Common Ground"العدد 3722 - الأربعاء 14 نوفمبر 2012م الموافق 29 ذي الحجة 1433هـ