تبدأ استراتيجية الأمن القومي الأميركية، كما وصفها تقرير البيت الأبيض العام 2010 بالمفهوم الواسع بأن «ما يحدث داخل حدودنا سيقرر قوتنا وتأثيرنا خارج هذه الحدود». بشكل آخر، تبدأ الديمقراطية في الوطن. أو على الأقل، يجب أن تبدأ في الوطن.
أدلى أقل من 6 من كل 10 مواطنين أميركيين مؤهلين للتصويت بصوتهم في الانتخابات الرئاسية الأميركية الأخيرة. ويشكّل التصويت سمة مميزة للمعايير الديمقراطية، إلا أن نحو نصف الناخبين يستنكفون عن المشاركة.
المفارقة في هذا العصر، وبوجود مستويات غير مسبوقة من القدرة على الوصول إلى المعلومات، هي أن شباب هذا العصر من المحتمل أن يكونوا الجيل الأميركي الأقل معرفة سياسيّاً منذ جمع معلومات وبيانات حول هذا الموضوع.
يحتشد الرأي العام الأميركي متفقاً على تصدير الديمقراطية، ولكن المدارس الأميركية تعتبر هذا الموضوع ثانوياً وبشكل بعيد عن مواضيع جوهرية أخرى. وعندما اقترح الرئيس بوش أن يكون تشجيع الديمقراطية في الشرق الأوسط نقطة مركزية في السياسة الخارجية الأميركية «لعقود قادمة»، ربما تكون الجماهير في العالم نظرت بارتياب نحو إعلان أميركي كهذا، بسبب مستوياتها العالية المزمنة في عدم الاكتراث السياسي داخل أميركا.
نستطيع كأميركيين تنظيم حدائقنا الخلفية. ويشكّل موسم الانتخابات الرئاسية فرصة ممتازة لإعداد الأرضية، بدءاً بالناخبين المؤهّلين مسبقاً في الغرف الصفية. تقول باتريشيا بوسو، وهي مدرّسة رياضيات في مدرسة ثانوية في شروزبيري بولاية مساتشوسيتس: «لا شيء يتفوّق على النظر مباشرة إلى داخل العملية الانتخابية لتقدير مدى صعوبة ما يجب عمله فعلياً والحصول على تجربة شخصية مع الناخبين الأميركيين». وتستخدم بوسو المواد الرقمية من مشروع «الأصوات المتنامية» (Growing Voices)، المصمّمة لإشراك وتحفيز الطلبة من خلال التعليم المباشر.
الفكرة وراء المشروع هي مساعدة التلاميذ على النمو ليصبحوا ناخبين مثقّفين عندما يصبحون مؤهلين للتصويت. وتطلب بوسو على سبيل المثال من صف الإحصاء الذي تدرّسه إعداد استطلاع انتخابي خاص بهم، وكانت العملية مفيدة لكل من التلاميذ والمدرسين. «باستخدام هذا النشاط، كان يتوجب عليهم اكتشاف صعوبة الحصول على عينة تمثيلية للتحليل بأنفسهم».
تطلب مواد «الأصوات المتنامية» من التلاميذ إعداد أسئلة الاستطلاع الخاصة بهم، ومن خلال ذلك، تقول بوسو، فإنهم يلقون نظرة «وراء الستارة» على استطلاعات الرأي العام في الديمقراطية. ومن خلال هذه الممارسة، أصبح التلاميذ مهتمين بالعملية الانتخابية، وبذلوا جهوداً للحصول على نتائج استطلاعاتهم بأنفسهم.
تشكّل الانتخابات الرئاسية مجالاً جاهزاً ناضجاً بشكل خاص لمساعدة التلاميذ على تعلّم المعرفة المدنية. وتتم هيكلة الحوار الانتخابي الوهمي أحياناً بحيث يلعب أحد التلاميذ دور الرئيس أوباما ويلعب آخر دور ميت رومني. وتقوم الفرق، في مقاربة «الأصوات المتنامية» بإعداد والتدرب على دور كل مرشح، بينما يقوم آخرون بتنظيم غرفة إعلام لما بعد الحوار، مكوّنةً من خبراء لتفسير مجريات الحوار، وصحافيين للإعداد للحوار وتغطيته.
كما أن لدى برنامج «الأصوات المتنامية» نشاطاً هو «اختراق الحوار»، وهو وسيلة للتلاميذ للحصول على أشرطة غير محررة من الحوار الرئاسي متوافرة على شبكة الإنترنت وتحريرها لتصبح شكلين، أو أكثر، متنافسين من تغطية أخبار الحوار.
وصف أحد الأساتذة أثر المشروع قائلاً: «نستطيع إعداد ملاحظات على المحاضرات، وأستطيع ترك التلاميذ ليقرأوا كل ما يستطيعونه. ولكن ما لم يمارسوا ذلك فعلياً، لا أعتقد أن الأمر يعني لهم شيئاً». على سبيل المثال، عندما يقوم صف بإعداد كتيب «لماذا أصوّت» خاص بهم، فإنهم يقومون بالإجابة عن السؤال بأنفسهم. وعندما يصفون ذلك الكتيب علناً، يصبحون جزءاً من العملية السياسية وجزءاً من الحوار الديمقراطي.
راجع أحد التلاميذ تجربته وهو يلعب دور مرشح في إعلان حملة طلابية قائلاً إنها جعلته «أكثر قدرةً على تقرير حقيقة ما يقوله المرشحون». وأضاف أنه لن يكون مستعداً للتصويت عندما يكون مؤهلاً فحسب، ولكنه سيكون كذلك قادراً على القيام بالبحوث الضرورية للتصويت بشكل ذكي».
إضافة إلى ذلك، ومن خلال دعم توجه الأرضية المشتركة في التعامل مع الفروقات، يحصل التلاميذ على تجربة غير شائعة بشكل كامل، وهم يتنافسون على إيجاد مجالات مشتركة بدلاً من الخلافات في السياسات والقيم السياسية. يصغي الطلبة بنشاط لتحديد التداخل والاتفاق بدلاً من وجهات النظر المعارضة في خطابات المرشحين.
لقد قمت بإيجاد وبناء مشروع «الأصوات المتنامية» لإعطاء الأساتذة أسلوباً لجعله جذّاباً للتلاميذ للتفكير بأسلوب ناقد حول الانتخابات وتعلم كيفية أن يصبحوا مواطنين مشاركين. نحتاج لأن نكون الديمقراطية التي نريدها للعالم.
إقرأ أيضا لـ "Common Ground"العدد 3721 - الثلثاء 13 نوفمبر 2012م الموافق 28 ذي الحجة 1433هـ