العدد 3718 - السبت 10 نوفمبر 2012م الموافق 25 ذي الحجة 1433هـ

يومان فقط 70 % وفصل دراسي 30 %!

فاضل حبيب comments [at] alwasatnews.com

.

ها نحن نعيش الأيام الأربعة الأخيرة وبعدها يُسدل الستار إيذاناً بانتهاء فترة امتحانات منتصف الفصل الدراسي الأول لأبنائنا وبناتنا الطلبة الأعزاء.

وبهذه المناسبة، نجد أنفسنا مضطرين للحديث عن نظم «التقويم والامتحانات المدرسية» التي تسير جنباً إلى جنب العملية التعليمية/ التعلُّمية.

بلا شك، فإن الامتحانات تمثِّل محطة من أهم المحطات التعليمية والحقوقية بالنسبة للطلبة ومستقبلهم الدراسي، وبالتالي يجب أن تخضع لمسطرة حقوق الإنسان؛ لنرى هل نحن فعلاً نسير على خطى مشروع التربية على حقوق الإنسان بالشكل الصحيح؟!

يتفق جميع التربويين على أن الامتحانات المدرسية هي عبارة عن عملية ديناميكية مستمرة، تستهدف الوقوف على مدى تحقيق الأهداف وتحديد نقاط القوة والضعف لدى الطلبة، والعمل على تلافي السلبيات ونقاط الضعف.

وتعدُّ الامتحانات بصورها الثلاث (التحريرية والشفهية والعملية) من أكثر صور التقويم المدرسي انتشاراً؛ لتقويم أعمال الطلبة والوقوف على مدى تعلُّمهم.

والسؤال المطروح: هل يُختزل «التقويم المدرسي» فقط في هذه الامتحانات التقليدية وانتهى الأمر؟

الإجابة: كلا، فالدول التي تتبنَّى مشروع «التربية على حقوق الإنسان» إنما تقوم بتوظيف «التقويم المدرسي»؛ ليكون بمثابة البوصلة التي توجِّه أنظار المتعلمين نحو ثقافة حقوق الإنسان وتوظيفها التوظيف الأمثل؛ لتكون الامتحانات آلية مهمة من آليات المؤسسة التعليمية لتحقيق مبدأ «التطبيع الاجتماعي» وهو الأساس في تشكيل شخصية الطالب وزيادة دافعيته نحو التعلّم واكتساب المعرفة للوصول إلى أرقى صور «الحق في التعليم» الذي أقرته المواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان، وغرس القيم الإنسانية والأخلاقية المهمة كالإصرار والصبر والمثابرة والمنافسة الشريفة وفق مبدأ تكافؤ الفرص التعليمية والابتعاد عن كل يشوِّه الصورة الجميلة للتعليم من غش وفساد تعليمي وغير ذلك؛ ليكتسب الطلبة في المقابل قيم النزاهة والتنظيم والانضباط وطول النفس وقوة الإرادة والتخطيط الجيد والتركيز في العمل والرغبة في التميُّز والتفوق لنيل أعلى المراتب العلمية.

كثيراً ما تساءلت في نفسي: يا تُرى، ما الذي يجعل الطلبة يركزون فقط على تحصيل المعرفة في أدنى مستوياتها (الحفظ والتذكر) من دون النظر إلى المستويات العليا من المعرفة كالفهم والتطبيق والتحليل والممارسة الذكية والنقد والإبداع والابتكار وما شاكل ذلك؟

هل لأن نظم التقويم والامتحانات لدينا قد تحولت إلى غاية أكثر من كونها وسيلة لتقييم أداء الطلبة؟

لقد أضحت الامتحانات أضعف حلقات المنظومة التعليمية؛ لأنها ظلت تراوح مكانها ولم تخرج بعدُ من القمقم الذي عاشت فيه لسنوات طويلة من دون إعادة النظر في آلية توزيع الدرجات وفق مسطرة حقوق الإنسان كما أشرنا في بداية مقالنا، ليتساءل الطلبة بدورهم: إلى متى ستظل هذه النسبة العالية من الدرجات (70 في المئة) موزعة على يومين فقط من أيام التمدرس (20 في المئة) لامتحان منتصف الفصل الدراسي، و (50 في المئة) لامتحان نهاية الفصل؟!

وهل النسبة المتبقية، أعني (30 في المئة) من مجموع الدرجات كافية لتكون من حصة درجات أعمال الطالب طوال فصل دراسي كامل؟ وماذا عن مستوى الطالب في غرف الدرس وتقديمه الامتحانات الشهرية والتطبيقات اليومية والوقفات التقويمية المستمرة والأنشطة والتفاعل الصفي والمشاركة والسلوك والانضباط والحضور وعدم الغياب والهروب والتسرُّب وما إلى ذلك؟

ألم يحن الوقت بعد لإعادة توزيع الدرجات بشكل نراعي فيه حقوق الطالب ومصلحته بالدرجة الأولى بعيداً عن الرهان على يومين دراسيين (المنتصف والنهائي) وما قد يمرُّ بهما الطالب من ظروف طارئة قد تكون صحية أو نفسية أو اجتماعية أو غير ذلك؟

حتى الأسلوب المتبع في طرح أسئلة الامتحانات هو نفسه لم يتغير في جوهره، إذ لاتزال الامتحانات تقوم على فكرة تسمية عنوان من عناوين الفصول أو موضوع من الموضوعات التي يتضمنها الكتاب المدرسي المقرر، بحيث يكون دور الطالب محصوراً في حل هذا الموضوع ومعالجته وكتابة كل ما يعرفه عنه، وهو ما يطلق عليه أسئلة المقال، فأفضل شيء يستطيع الطالب القيام به هو النقل حرفياً لما يتضمنه الكتاب المدرسي المقرر حول هذا الموضوع، تماماً على طريقة (COPY & PASTE)، فيعمد الطالب إلى استفراغ ما اختزنته ذاكرته من كم هائل من المعلومات، مكتفياً بالضغط على زر إعادة التشغيل في آلة التسجيل الموجودة في ذهنه.

ما فهمناه من كلام المسئولين في وزارة التربية والتعليم أنهم بصدد إعادة النظر في الشكل الحالي لنظم التقويم والامتحانات، وإزالة الغبار الذي لازمها لسنوات من دون تغيير، والحق نقول: ما الذي بوسع المعلمين فعله طالما كان النجاح والتفوق من نصيب أولئك الطلبة الذين يحرصون كل الحرص على أن تكون إجاباتهم في الورقة الامتحانية أكثر تطابقاً مع الكتاب المقرر ومع ما يطلق عليه بـ «الإجابة النموذجية» التي تكبِّل كل من المعلمين والطلبة، وبالتالي تكون النتيجة تشجيع الطلبة على طريقة الحفظ الآلي، سواءً كان عن وعي أو لا.

ليس مطلوباً من الطلبة تقمُّص شخصية أساتذتهم، بحيث يحفظون ويكتبون ويرددون ويتقيدون بحرفية نصوصه ويتقوقعون داخل فقراته؛ طمعاً في نيل أعلى الدرجات، فهذا ليس طموحنا.

أولسنا نطالب بين الفينة والأخرى بالتفكير الناقد والارتقاء بمستوى الطلبة إلى أعلى المستويات المعرفية؟!

أليست الامتحانات بهذه الصورة تتنافى مع حرية الرأي والتعبير لدى الطالب وهو حق أصيل من حقوق الإنسان؟!

ندائي إلى المسئولين وصناع القرار في وزارة التربية والتعليم بالإسراع في إعادة هيكلة توزيع الدرجات وإعطاء الوزن النسبي الأكبر لدرجات أعمال الفصل للطالب، حفاظاً على حقوقه وتشجيعاً له على الحضور والالتزام بالأيام الفعلية للتمدرس (180) يوماً دراسياً.

إقرأ أيضا لـ "فاضل حبيب"

العدد 3718 - السبت 10 نوفمبر 2012م الموافق 25 ذي الحجة 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 8:14 ص

      طريقة التقويم

      استاذنا الفاضل.. تخيل أن بعض المعلمين يطالبون بالإجابة نصا كما هي موجودة في الكتاب وإلا تعتبر الإجابة خاطئة.. كيف نربي أطفالنا على الإبداع إذا لم نعط الطالب فرصة لصياغة ما فهمه، بدلا من كتابة ما حفظه؟؟؟

    • زائر 4 | 4:17 ص

      النجاح من نصفين

      هو اقتراح بجعل النجاح من نصفين مثله مثل تعلم السياقة نصف يتعلق بالجانب العملي في الصف و نجاح في الامتحان حيث يجتاز الطالب المقرر بعد اجتياز القسمين فاذا نجح في جزأ يجتازه و يبقى الجزأ الآخر و ذلك فيه حل فلا يستطيع الطلبة أهمال أي جانب منهما

    • زائر 3 | 1:31 ص

      الكلفة المرتفعة

      كلفة الامتحانات و كذلك المتطلبات المدرسية مرتفعة جدا واليوم عندما يتم تحويل عملية التقويم إلى مجالات أخرى غير الممارسات الصفية أو الانشطة التي تتحمل كلفتها المدارس فلن يستطيع أولياء الامور الوفاء بها. لذلك اتطلع أن يؤخد ذلك في الحسبان عند أي تطوير جديد

    • زائر 2 | 11:32 م

      ولا تنسى اخي الانشطة

      وهي طلبات احيانا تكون بلا معنى فعندما تطلب معلمه من طالب في صف الثاني او الثالث نشاط على شكل سي دي بوربوينت هل يكون هذا من اعداد الطالب او اعداد ام الطالب او طلب بحث مطبوع نحن لا نطلب من الوزارة الشي الكثير ولكن نريد منها الطلبات المفيدة فطلبات المدارس لا تنتهي وكلها لا تفيد الطالب لماذا تكون البحوث بخط اليد مثل الايام التي مضت على الاقل يستفيد الطلاب بتحسين الخط والإملاء للابتدائي فقط

    • زائر 1 | 9:17 م

      شكراااا

      مقال في الصميم
      اصبحت الدراسة للامتحان فقط
      لا يهم مجود الطالب من مشاركة في الفصل والفتر وكتابة الواجبات وفي الاخير يحصل على

اقرأ ايضاً