العدد 3715 - الأربعاء 07 نوفمبر 2012م الموافق 22 ذي الحجة 1433هـ

ثقافة الإفلات من العقاب

سوسن دهنيم Sawsan.Dahneem [at] alwasatnews.com

العنوان أعلاه كان عنواناً لندوة أقيمت في جمعية المنبر التقدمي الديمقراطي بداية هذا الأسبوع، تحدث فيها المحامي حميد الملا وابن الشهيد عيسى عبدالحسن ووالد الشهيد علي نعمة.

ما لفت النظر في الندوة، إضافةً للتجاوزات والقصص التي ذكرها المنتدِيان؛ كان حديث والد علي نعمة وسرده لتفاصيل فقد ابنه، حيث أكد أن ابنه قُتِل بعد أن كان ذاهباً للاطمئنان إلى أن المكان آمن للتظاهر السلمي أم لا، لكنه حين رأى الشرطي فرّ هارباً صارخاً أن هناك رجال شرطة في الممر، وما كان من أحدهم إلا أن أطلق عليه الشوزن من مسافة قصيرة فأصاب ظهره، وحين قام الطفل بصعوبة بعد الإصابة أطلق الشوزن عليه للمرة الثانية في الظهر ليبلغ عدد الشظايا التي اخترقت جسده الضعيف 104 شظايا.

يبدو الأمر، على صعوبته، عاديّاً لمن اعتاد سماع مثل هذه الحكايات؛ لكن ما حدث بعد ذلك يدعو إلى التساؤل عن كل تلك التجاوزات التي حدثت بعد القتل، فإن صدقنا أن القتل كان دفاعاً عن النفس على رغم تأكيد والد الضحية ومن معه أن الطفل لم يكن يحمل سلاحاً أو مولوتوفاً كما ادعت الجهات الرسمية، وعلى رغم وجود الإصابة في الظهر التي تبين أنه كان هارباً ولم يكن مواجِهاً، فماذا عن بقية التجاوزات التي سردها والد القتيل.

يقول نعمة: «سحب ابني على الإسفلت حتى وصلوا به إلى الشارع العام حيث مركبات الشرطة، لكنهم قبل سحبه أشبعوه ركلاً وضرباً، ليفقد الأمل في نجاته بعد كل ذلك الضرب، ويؤكد نعمة أنهم لم يخبروا عائلته عن مصيره بعد أن تجمعوا للسؤال عن حالته الصحية ووضعه القانوني، بل إنهم ألقوا على ابنه قنبلة صوتية حين اقترب منهم متسائلاً عن مكان وجود ابنه ليراه، حتى مع علمهم بأنه والده، وبعد انتظار طويل أخبره أحدهم بأن ابنه بخير وأنهم بانتظار الإسعاف الذي وصل بعد 37 دقيقة ليحمله إلى مستشفى السلمانية حيث يمكنهم تسلمه من هناك من دون الحاجة إلى التحفظ عليه أو التحقيق معه، كما أكد له أحد رجال الأمن!

الإسعاف لم ينقل القتيل كما أكّد والده، بل بقي على الأرض وسط انتظار الجميع لمعرفة مصيره وكذب أحد المتواجدين من رجال الأمن الذي أكد أن الطفل قد دخل في سيارة الإسعاف وأنه في طريقه للمستشفى، لكن عمته لحقت بهم فأخبروها أنه ليس في السيارة وأنه متوفى على الأسفلت.

التجاوزات التي حدثت من ضرب وسحب على الإسفلت وإلقاء القنبلة الصوتية والكذب والاعتداء اللفظي على عائلة القتيل، ألا تستحق تحقيقاً مستقلاً، للتحقق من وقوعها وما يترتب على ذلك من معاقبة مرتكبيها، إضافة إلى الحادثة الأهم وهي القتل العمد الذي اعتبرته الجهات المعنية قتلاً للدفاع عن النفس؟

لقد أكد جمهور تلك الندوة ضرورة وجود قضاء مستقل نزيه يضمن لكل ذي حق حقه، بعد أن استمعوا لشهادة عوائل الضحايا، ولكثير من المواقف التي سردها المحامي الملا عن مذنبين أفلتوا من العقاب. أراد الجمهور كما غيرهم من أبناء هذا الشعب قضاءً مستقلاً ليكون ضماناً للجميع لأن يتقدموا بشكاوى ضد كل الاعتداءات التي وقعت عليهم، وليشعروا بأنهم مواطنون حقيقيون وليسوا مجرد أرقام في سجلات الإحصاء لا حقوق لهم في حفظ كرامتهم وإنسانيتهم وأمنهم.

ومازالت ملفات الشكاوى في قضايا التعذيب والقتل عالقة؛ بعضها لم يفتح بعد، ولا يعرف أصحابها إلى أين وصلت... لأن الوقت يبدو لايزال مبكراً على معرفة الحقائق.

إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"

العدد 3715 - الأربعاء 07 نوفمبر 2012م الموافق 22 ذي الحجة 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 1:37 م

      مع التحية

      هناك قانون وسوف يأخذ مجراه عاجلآ ام آجلا وهو القانون الالهي فنحن لانعول على آحد غير رب العباد

    • زائر 4 | 6:03 ص

      دخل ولم يخرج وخرج ولم يعد

      الهروب والتبرير والصياغة من دون صاغه كلها من أدوات الهروب والتهرب خوفا من العقاب لا من أجل الثواب. فالثابت أن الحادث حدث وهناك فاعل وضحية اهمال أو عدم معرفة أو التخاذل عن القيام بالواجب الانساني. إذ أن كلها أدوات ادانة وليست للاهانة من ما يعتقد بعض الناس أنها.
      فهل عدم تقديم المساعدة عذر أو مبرر للادانة؟

    • زائر 3 | 4:37 ص

      سوسن وسوسن

      انتي سوسن وهي سوسن ولكن شتان بين من يلتمس الجروح ويداويها وبين من يعمق الجروح من اجل حفنة الدنانير التي تجمعها لعذابها

    • زائر 2 | 12:59 ص

      من يفلت من عقاب الدنيا فإن له عقابا لا يمكن الافلات منه ولا مقارنة بين العقوبتين

      عذاب بأقسى ما خلق الله من انواع العذاب ودائم ابدي لا نقطاع له ولا اضمحلال، في الدنيا مجال للبعض ان يظلم ويقهر وحكمة الله اقتضت الاملاء للظالمين لكي يتمادوا في غيهم وحتى يعطيهم الفرصة تلو الاخرى حتى لا تكون لهم حجة على الله بان يقولوا لو اعطيتنا فرصة لتبنا ورجعا اليك ولكن هيهات سوف يأتون يوم القيامة ويخاطبهم الجليل (أولم نعمّركم ما يتذكر فيه من تذكّر) لقد اعطيناكم عمرا مثل غيركم الذين تابوا وآبوا ورجعوا الى ربهم ولكنكم بسوء اعمالكم لم توفقوا لتوبة ولا عودة ولا رجعة فذوقوا

    • زائر 1 | 9:03 م

      ( التحقيق المستقل ) يجب ان يكون دوليا

      من سيقوم ب ( التحقيق المستقل ) ؟
      اذا كان التحقيق سيتم عن طريق لجنة وطنية فانه مع الاسف لن تنال نتائجه قبولا من هذا الطرف او ذاك مهما كانت نزاهة و حيادية اعضاء هذه اللجنة وستستمر البلبلة
      المطلوب لجنة تحقيق دولية تحت اشراف الامم المتحدة لتحسم الامور

اقرأ ايضاً