أصبح «تويتر» لدى كثير من الشعوب العربية من ضمن الوجبات اليومية يُتغدى ويُتعشى بها، وهي تفوق وجبات الغداء.
التكنولوجيا المتقدمة التي تصلنا، كثيراً ما يتم استخدامها بطريق سلبية، فالـ «تويتر» على رغم أهميته الكبرى في تبادل المعلومات ونقل الأحداث بالصور والأفلام بين المجموعات أو دول العالم، وإيصالها لأية بقعة على الأرض في ظرف ثوانٍ، وكذلك يعتبر كبريد إلكتروني بين الأشخاص فيما لو تم التواصل عبر المنشن والإنتركشن.
كما أنه برنامج مفيد لتقنية المعلومات والإعلام والبحث عن المعلومات الوثائقية قبل وبعد وعند وقوع الأحداث. وتعتبر الأفلام الموثقة للواقع مهمة للإعلام المجتمعي لمحاربة الإعلام الكاذب الذي يتميز بها إعلامنا العربي المضلل للأحداث. لكن المؤسف استخدام هذه التقنية بشكل سلبي، فكثير من الشباب يستخدم حدّه الجارح كتسقيط الناس بالكلام البذيء أو التعبيرات المهينة، أو السب والقذف ضد المذاهب، فهناك مَن يقذف طائفةً لاختلافه معها أيديولوجياً أو سياسياً، فيصفها بأولاد المتعة أو بنات المسيار. باختصار أصبحنا نستخدم الجزء الهادم من التكنولوجيا أكثر من البناء في توثيق الروابط والعلاقات الأخوية والأسرية.
وانتقل الداء إلى الأطفال، حيث لا ينتفع من التقنية في أساليب التعليم بقدر ما يهدرون من وقت في الألعاب ونقل المعلومات منه عبر «الواتساب» التي عادةً ما يتم فيها تبادل النكات غير اللائقة والصور المهينة لأشخاص اشتهروا بعدائهم للناس، والإسفاف في توافه الأمور.
إننا باختصار، لم نحسن استخدام هذه التكنولوجيا في إصلاح الأمة بقدر استخدامها في تدميرها من خلال زرع الأحقاد والكراهية والتنابز بالألقاب. حتى على مستوى العائلة، لم نستفد من هذه التكنولوجيا في زرع الفرحة بيننا كنقل وردة من حبيب إلى حبيبته، أو باقة تهنئة من ولد إلى أمه، أو أحد أفراد عائلته في المناسبات المهمة كيوم الأسرة أو عيد الأم. ولو كان عالم النفس الشهير ألبرت أليس مؤسس مدرسة العلاج العقلاني والانفعالي، يتوقع اختراع هذه التكنولوجيات الخلاقة، لما شحذ ذهنه في وضع نظريات التوجيه والإرشاد المدرسي والأسري والزواجي، ولما جعلت آنا فرويد تعمل على وضع نظريتها عن التحليل النفسي للأطفال، فضلاً عن صاحب نظرية التعلم الاجتماعي التي اشتهر بها عالم النفس الأميركي ألبرت باندورا، التي ركز فيها على التفاعل بين الفرد ومجتمعه وبيئته.
فالموضوع لم يعد مقتصراً على الأطفال، وإنما شمل أولياء الأمور والأزواج، حيث كلا الطرفين منشغل بهذه التكنولوجيا ونسيا حتى حياتهما الزوجية والأسرية. وهذا ليس استنتاجاً نظرياً بل هو واقع معاش نراه في المجمعات والمجالس والطرقات والسيارات والديوانيات وعند الخلود إلى النوم. وقد لفت نظري مجموعة من الأصدقاء في المقهى حين قال أحدهم: انظر! ألا يستحق هذا المنظر الاهتمام؟ وكان خطيبان جالسين في المقهى، كل منهما منهمكٌ مع شاشة الـ «تويتر» أو الـ «فيسبوك»، وكأنهما متزوجان منذ عقدين من الزمان!
في المجالس أيضاً، لا يتم تداول الأحاديث الاجتماعية بقدر ما يتم نشره من «تغريدات» عبر الـ «تويتر». نلحظ كل شخص يهتم بقراءة ما نشر من «تغريدات» في الديوانيات والمجالس، وقد تكون مجرد إشاعة أو خبر يحتاج إلى تأكد وتوثيق.
نصيحتنا عدم نشر الـ «تغريدات» قبل التأكد من مصادرها الموثوقة، فيكفينا ما نغرق به من أكاذيب وفبركات إعلامية عبر قنواتنا الفضائية التي فقد كثيرٌ منها مصداقيته وهجرها كثيرٌ من مشاهديها الذين يحترمون أنفسهم وعقولهم وإنسانيتهم.
إقرأ أيضا لـ " أحمد العنيسي"العدد 3714 - الثلثاء 06 نوفمبر 2012م الموافق 21 ذي الحجة 1433هـ
احسنت
واقع فعلا يجب علاجه
التغيريدات معظمها اشاعات
كثير مما نتابعه عبر تويتر اشاعة او سب او قذف تحت أسماء وهمية
فكما قلت دكتور معظمها اشاعات ولكنها تنتشر في أوساط المجتمع على أنها حقائق.
شكرا للكاتب
اقتباس : تعتبر الأفلام الموثقة للواقع على الارض مهمة للإعلام المجتمعي لمحاربة الإعلام الكاذب الذي يتميز بها إعلامنا العربي المضلل للأحداث انتهى. عزيزنا الكاتب :ما علينا من اعلامهم وقنواتهم الكاذبة. لنا اعلامنا الخاص المتمثل في التواصل الاجتماعي التي تدحض كذبهم وفجورهم الاعلامي
صحيح كلامك دكتور
أنا وزوجتي التي كانت تتهاوش معي سابقا أنني دائما في التليفون، أنا اليوم أنزعج منها لكثرة استخدام تويتر والبي بي