أراقبه عن كثب كل صباح وهو يصارع الحقيبة؛ طفل لم يتعدَّ سن السادسة أو السابعة على أبعد تقدير، يجرجر حقيبته الممتلئة حدَّ اليأس كتباً ودفاتر، تدعمها فيما هي فيه؛ بقية محتويات القرطاسية، فيغدو وزنها مساوياً لوزنه ولربما ربا.
موقف يستدعي الملاحظة وإعادة النظر؛ فيما يحمّل به الطفل من ثقل لا يحتمله الرجل البالغ، ثقل يفرض على الطفل، ذي الأعضاء الغضة، والعظام اللينة، أن يتحمله طوال خمسة أيام في الأسبوع؛ من دون مراعاة لما سينتج عنه من عوارض صحية؛ ستبقى آثارها السالبة ملازمة له طوال عمره. ناهيك عما يمكن أن يعتور التلميذ في هذه المرحلة الدراسية المبكرة؛ من شعور بالإحباط، ربما تكون بعض نتائجه، انحسار الرغبة لدى الطفل في الاستمرار في الدراسة، وهو عكس المأمول والمرتجى من قبل أولياء الأمور في وزارة التربية والتعليم، باعتماد المحفزات المحببة للمدرسة في نفوس الصغار.
إن كثيراً من الآباء وأولياء الأمور يشكون من الحمل الثقيل الذي يتحمله أبناؤهم، ويطالبون بالبديل خوفاً على صحتهم، وهم في ذلك يتوجهون بأنظارهم إلى وزارة التربية والتعليم، ألا يمكن أن تتفتق أحلام المسئولين عن بديل يكون من الصحة؛ بحيث يقع موقع القبول لدى التلاميذ، كما لدى أولياء الأمور؟ وإذا استعصى الأمر على استحداث البديل للحقيبة المثقلة؛ أفلا يمكن التخفيف أقلاّ من الحقائب، بحيث لا يؤذي حملها كواهل الصغار؟
إننا في القرن الحادي والعشرين، وقد بلغت التكنولوجيا فيه مبلغها من التقدم وقطعت أشواطاً طويلة من التطور، أسست لمبان راقية؛ يمكن استغلالها في العملية التربوية، والإفادة منها في الطرائق التعليمية. وأصبحت متاحةً لدى معظم الأطفال الذين استطاعوا التعامل معها بمهارة كبيرة، وفقهوا لغتها، وخبروا فكرتها وأتقنوا معرفتها بشكل حرفي عجيب؛ وبالتالي؛ فإن استغلالها في العملية التعليمية، وخصوصاً جهاز «الآيباد»، سيساهم في التخفيف على التلاميذ ثقل الحقائب، كما سيساهم، بلا شك في عملية تطوير عملية التعليم والتعلم، وخصوصاً إذا ما أخذنا في الاعتبار مشروع جلالة الملك حمد لمدارس المستقبل، الهادف إلى إحداث نقلة نوعية في مسيرة التعليم في مملكة البحرين؛ واستثمار القدرات التي تتيحها تكنولوجيا المعلومات والاتصال (ICT ) وتحقيق كفايات مناهج المواد الدراسية في جميع مراحل التعليم.
وقد انبرت بعض الدول إلى اعتماد هذه السياسة؛ حيث عمدت كوريا الجنوبية لتخصيص موازنات لاستبدال الكتب الورقية بكتب رقمية، كلفتها 2 مليار دولار. وبحسب الخطة، سيتوافر للطلاب الوصول إلى جميع المواد التعليمية عن طريق أجهزتهم اللوحية المربوطة بوسائط تخزين على الإنترنت توفرها المدارس، وستشتمل أيضاً على مقاطع فيديو ووسائط متعددة. كما بدأت كندا مشروع استخدام التعليم عبر الإنترنت من العام 1993، وقد رصدت الحكومة الكندية مبلغ 30 مليون دولار للتوسع في مشروع (Scholl Net) خلال السنوات التالية للعام 1993، كما أن القطاع الصناعي - الراعي الرئيسي للمشروع - بدأ في العام 1995 برنامجاً لحث ودعم وتدريب المدرسين على الأنشطة الصفية المبنية على استخدام الإنترنت في التعليم، كما بدأت وزارة التعليم في سنغافورة ومجلس الحاسب الوطني مشروع الإسراع بإدخال تقنية المعلومات في المدارس الابتدائية، وفي أميركا انتشر التعليم الإلكتروني.
وعطفاً على ذلك؛ فإن الأمر الذي ليس فيه مراء، هو أن العصر هو عصر التكنولوجيا، والوزارات التعليمية لا مناص لها من مواكبة هذا التطور، والانطلاق نحو اعتماد التقنية في التعليم، والتسليم بأن الكتاب والدفتر في سبيلهما للتقلص على المديات القليلة.
وإذا ما كان هناك تعذر بالموازنة مثلاً؛ فإنه بحسبة بسيطة؛ يظهر لنا المقدار الذي تصرفه وزارة التربية والتعليم على طباعة الكتب المدرسية سنويّاً، مضافاً إليها ما ينفقه أولياء الأمور من قيمة الدفاتر، والقرطاسية وشراء الحقيبة، وكلها مجتمعة لا أظن أنها ستقل كثيراً عن المبالغ التي ستنفق على شراء الأجهزة اللوحية، كما أن الوزارة تستطيع من خلال التعامل مع الشركات أن تستصدر هذه الأجهزة بمبالغ أقل، وإذا ما تعذر كل ذلك؛ فإن الأيدي البيضاء ليست قصيرة عن المد بما يكفل تنفيذ مثل هذا المشروع.
إقرأ أيضا لـ "علي أوال"العدد 3710 - الجمعة 02 نوفمبر 2012م الموافق 17 ذي الحجة 1433هـ
ما يصح الا الصحيح
بارك الله فيك على هذا الطرح ، والله من كم يوم هذا الموضوع كان يشغل تفكيري ، لمتى اطفالنا بيتحملون هذه الاوزان الي كل ما جى لها تزيد واحنا يزعم بعصر التطور .
سنابسيون
ذبحوا اولادنا مساكين حتى احنا ما نقدر نحمل هالشنط ما ادري متى بنتطور وبيتخلصون اولادنا من الثقل اللي يحملونه كل يوم
الله يكون في عون الاطفال
عجيب
الان في المدارس ما يسمى بمدارس المستقبل حيث يكون في الفصل سبورة الكترونية للعلم هذا فقط الى الصف الثالث ابتدائي وبعدها يعود الاسلوب القديم هل هو شيء صعب على الوزارة ان توفر كتب الكترونية مثل كوريا والدول الاخرى ؟
خل التكنولوجيا
على الاقل خل يخلون خزائن لوضع الكتب التي لا يحتاجها الاطفال.
الحين عرفت ليش ما طولت
رحم الله والديك، عرفت الحين جيلنا و إحنا عموم البحرينيين قصار القامه ليش. اثقال و نمو عظام! صعبه.