العدد 3710 - الجمعة 02 نوفمبر 2012م الموافق 17 ذي الحجة 1433هـ

اللهجات في البحرين... صياغة فعل الأمر للفعل المعتل

تناولنا في الفصل السابق نماذج صياغة فعل الأمر لعدد من أنواع الأفعال في اللهجات في البحرين، وكذلك تصريف هذه الأفعال عند اقترانها بالضمائر المتصلة، وتبقى مجموعة الأفعال المعتلة التي سنتناولها بالتفصيل في هذا الفصل، وسنقتصر على الأنواع الثلاثة الأساسية من الفعل المعتل وهي: المثال والأجوف والناقص.

الأفعال المعتلة:

المثال والأجوف

في اللغة العربية الفصحى يصاغ فعل الأمر للفعل المثال من المضارع (الذي حذف منه حرف العلة) وذلك بحذف حرف المضارعة، مثل وقف، يقِف، قِف، ووزن، يزِن، زِن. أما في اللهجات في البحرين فلا يحذف حرف العلة من المضارع، ومنه يصاغ فعل الأمر بحذف حرف المضارعة وإضافة الهمزة فيقال في وزن: يوزن والأمر منه أُوزن، إلا أن هناك اختلافاً طفيفاً بين اللهجات في البحرين في تصريف هذا النوع من الأفعال، فلو أخذنا الفعل وزن على سبيل المثال؛ فإن صوره تكون في اللهجة البحرانية: أُوزَن، أُوزَنِي، أُوزَنُوا. أما في لهجة العرب فصوره تكون: أُوزَن، وِزْنِي، وِزْنُوا. وفي اللهجة الفرعية من لهجة العرب (لهجة النساء ومدينة المحرق) يصبح: أُوزَن، وِزْنَي، وِزْنَوا.

وكذلك عند صياغة فعل الأمر للفعل الأجوف، في اللغة الفصحى، فإنه يحذف منه حرف العلة ولكن للمخاطب فقط وذلك لالتقاء حرف العلة بساكن بعده، كما في قام يقوم قم، وصام يصوم صم، أما في اللهجات في البحرين فلا يحذف حرف العلة، فتكون صوره في اللهجة البحرانية ولهجة العرب صام إيصوم والأمر منه: صوم وصومِي وصومُوا، وفي اللهجة الفرعية من لهجة العرب (لهجة النساء ومدينة المحرق) يصبح: صوم، صومَي، صومَوا.

الفعل الناقص

تناولنا في فصل سابق تصريف فعل الأمر من الفعل الناقص حيث تتميز اللهجات في البحرين بتسكين الحرف الأخير في حالة المخاطب، أما في اللغة الفصحى فيكون مكسوراً، مثل رمى يرمي والأمر ارمْ / رمْ (وفي الفصحى ارمِ)، وارمِي وارمُوا، فيلاحظ أن فعل الأمر اشتق من المضارع بحذف حرف المضارعة وحذف حرف العلة وتسكين الحرف الأخير.

كذلك، سبق لنا أن ناقشنا في فصل سابق الاختلاف حول ظاهرة «انتهاء فعل الأمر للمفرد المذكر المعتل الآخر بالسكون» كونها لهجة عربية قديمة أو ظاهرة متطورة، وأيّاً تكن قدم هذه الظاهرة؛ فإنه يبدو أن «لاختلاف صورة هذا الفعل فيما يبدو وظيفة، ربما كان هدفهم منها - علاوة على طلب الخفة في النطق - الفصل بين صورته الموجهة إلى المذكر والموجهة إلى المؤنث عند المخاطبة قدر المستطاع» (القصاب 2002، الواحة العدد 24)، على سبيل المثال التفريق بين ارمِ للمذكر وارمي للمؤنث. وقد سبق لنا أن ناقشنا تفاصيل تلك الظاهرة نقلاً عن عبدالعزيز مطر (مطر 1976، ص 35 - 40) وجونستون (جونستون 1983، ص 136 - 137 وص 216) وسيدشبر القصاب (القصاب 2002، الواحة العدد 24)، إلا أننا لم نكمل تصريف هذه الأفعال عند ارتباطها بالضمائر المتصلة، حيث يظهر التباين بين اللهجات في البحرين بصورة واضحة، وحتى ضمن لهجة العرب يوجد تباين؛ حيث وصف مبخوت لهجة فرعية من لهجة العرب تتميز بتغير طفيف في تصريف هذه الأفعال وهي خاصة بالنساء ومدينة المحرق (مبخوت 1993، ص 138 - 139). ولكي نسهل دراسة هذه الأفعال فقد قسمناها على مجموعات كالآتي:

الفعل الثلاثي الناقص المجرد

في لهجة العرب يصاغ فعل الأمر من الفعل الثلاثي الناقص المجرد على وزنين: افْعْ وافِعْ، وقد وضع عبدالعزيز مطر قاعدة لصياغة هذه الأفعال (مطر 1976، ص 36 - 37) حيث إن الفعل الذي يبدأ بأحد هذه الحروف (ف، م، ن، ل، ر، ب)، مثل (مشى، رمى، نوى، بقى)، فإنها تصاغ على وزن افْعْ فتصبح (اِمْشْ، اِرْمْ، اِنْوْ، اِبْقْ). أما بقية الأفعال التي تبدأ بحروف غير المذكورة سالفاً (مثل: درى، شوى، هدى)؛ فإنها تصاغ على وزن افِعْ فتصبح (اِدِرْ، اِشِوْ، اِهِدْ). وعند اقتران هذه الأفعال مع الضمائر المتصلة يصبح لها نموذجان في التصريف أحدهما خاص بلهجة النساء ومدينة المحرق حيث يفتح الحرف السابق لضمير المخاطبة والمخاطبين، (مثال: اِمْشْ، اِمْشَي، اِمْشَوا)، أما في لهجة البقية فلا يفتح بل يكسر مع المخاطبة ويضم مع المخاطبين (مثال: اِمْشْ، اِمْشِي، اِمْشُوا).

أما في اللهجة البحرانية فيصاغ فعل الأمر من الفعل الثلاثي الناقص بحذف حرف المضارعة وحذف الياء وتسكين آخره وبدون إضافة الهمزة، مثال: الفعل مشى ومضارعه يمشي والأمر منه مشْ، وعند اقترانه بالضمائر المتصلة يصبح (مشْ، اِمشِي، اِمشُوا).

وفي جميع اللهجات السابقة عند إسناد فعل الأمر للمخاطب لضمير الغائب المذكر فإنه يكون بصورة: اِفعُه، أو اِفعِه، فإذا كانت عين الفعل أحد الحروف المستعلية (وهي: خ، ص، ض، غ، ط، ق، ظ) نطق بصورة اِفعُه (مثل: اِرمُه، اِسقُه) أما إذا كان حرفاً آخر فينطق بصورة اِفعِه (مثل: اِهدِه، اِغنِه).

الفعل المزيد بحرف

وسنتناول هنا مجموعتين من الأفعال الناقصة المزيدة بحرف واحد، وتضم المجموعة الأولى الأفعال المعتلة على صورة افْعَلَ يِفْعِل (يُفْعِل في الفصحى) مثل أخلى وأعطى. وفي جميع اللهجات في البحرين يطبق على هذه المجموعة نموذج الفعل الثلاثي الناقص المجرد الخاص بلهجة العرب، باستثناء الفعل أعطى فله نموذج خاص، على سبيل المثال الفعل أخلى يخلي وصور الأمر منه: اِخِلْ، اِخلِي، اِخلُوا. أما في لهجة العرب الفرعية الخاصة بالنساء ومدينة المحرق فيصبح: اِخِلْ، اِخلَي واِخلَوا. أما الفعل أعطى فيصرَّف في لهجة العرب: عَطْ، عَطَي، عَطَوا، ومع ضمير الغائب المذكر يصبح عَطه. أما في اللهجة البحرانية فتكون صوره: عُطْ، اِعطِي، اِعطُوا، ومع ضمير الغائب المذكر يصبح: اِعطِه. وتضم المجموعة الثانية مجموعة الأفعال المزيدة بتضعيف العين، أي على صورة فَعَّل اِيْفَعِّل (يُفَعِّل في الفصحى)، مثل: صلَّى اِيْصلّي، ولىَّ اِيْولّي، سمَّى اِيْسمّي. وتتفق جميع اللهجات في البحرين على تصريف هذه الأفعال بحذف حرف المضارعة وحذف الياء وتسكين الحرف الأخير وذلك خلاف الفصحى التي تبقي الحرف الأخير مضعفاً ومكسوراً، على سبيل المثال الفعل صلَّى اِيْصلّي والأمر منه صَلْ (في الفصحى صلِّ) وصَلِّي وصلُّوا.

الفعل المزيد بحرفين

وتضم هذه الأفعال مجموعتين، وتضم المجموعة الأولى؛ مجموعة الأفعال اللازمة المزيدة بالتاء وتضعيف العين والتي تكون على صورة تَفَعَّل يَتَفَعَّل في الفصحى وصورها في اللهجات في البحرين: تِفَعَّل يِتِفَعَّل (لهجة العرب) واتْفَعَّل يِتفَعَّل (اللهجة البحرانية)، مثل: تغذَّى، تعشَّى، تمشَّى، تنسَّى. وفي اللهجة البحرانية يكون فعل الأمر من هذه الأفعال مماثل لصورتها في الماضي، على سبيل المثال: الفعل في الفصحى تغذَّى تصبح صوره في اللهجة البحرانية: اتْغَدّى يِتغَدّى وصور الأمر منه: اِتْغَدّى، اِتْغَدَّي، اتْغَدَّوا. أما في لهجة العرب فيحذف حرف العلة ويسكن الحرف الأخير، فيقال في الفعل تغذَّى: تِغَدَّى يِتِغَدَّى وصور الأمر منه: تَغَدْ، تَغَدَي، تَغَدَوا، وهذا التصريف منتشر أيضاً في بعض مناطق شرق الجزيرة العربية مثل دارين وبعض قرى الإحساء (القصاب 2002، الواحة العدد 24).

أما المجموعة الثانية فتضم الأفعال غير المضعفة والتي تكون على صورة افْتَعَل يَفْتَعِل في الفصحى والتي تكون صورها في اللهجات في البحرين: افْتِعَل يِفْتِعِل (لهجة العرب) وافْتَعَل يِفْتِعِل (اللهجة البحرانية) مثل: استحى، اشترى، استوى. وتشترك جميع اللهجات في البحرين في نموذج واحد لتصريف هذه الأفعال حيث يحذف حرف المضارعة ويحذف حرف العلة ويسكن الحرف الأخير، على سبيل المثال: الفعل اشترى يشتري، وصور الأمر منه: اِشتَرْ، اِشتري، اِشتروا.

العدد 3710 - الجمعة 02 نوفمبر 2012م الموافق 17 ذي الحجة 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً