حكمت المحكمة الكبرى المدنية برئاسة القاضي جمعة الموسى وعضوية القاضيين حسام محمد طلعت، وأشرف علي عبدالهادي، وأمانة سر عبدالله إبراهيم عبدالله بإلزام المدعى عليها «شركة» بإخلاء قسيمة صناعية وتسليمها للمدعية «وزارة الصناعة والتجارة» خالية من الشواغل وألزمت المدعى عليها بالمصروفات الدعوى وقدرها -/32 ديناراً تستحصل من المدعى عليها وتدفع للمدعية.
وتتمثل تفاصيل الدعوى الماثلة حسبما يبين من سائر الأوراق في أن المدعية «وزارة الصناعة والتجارة» أقامتها بلائحة أعلنت قانوناً بطلب الحكم بطرد المدعى عليها من القسيمة الصناعية موضوع التعاقد وتسليمها خالية من الشواغل، وإلزام المدعى عليها بالرسوم والمصاريف.
وذكرت المدعية شرحاً لدعواها أنه بموجب عقد الإيجار المحرر في 23 فبراير/ شباط 1993 تنتفع المدعى عليها بالقسيمة الواقعة في منطقة شمال سترة الصناعية والاتفاق المبرم بين الوزارة المدعية والمدعى عليها يخول الانتفاع بالقسيمة الصناعية على الوجه المخصص لها والأغراض المتفق عليها ولا يجوز أن تستغل المدعى عليها القسيمة في أي أغراض أخرى إلا بموافقة كتابية من المدعية، كما لا يحق لها تأجير القسيمة من الباطن، وحيث إن المدعى عليها قامت باستعمال القسيمة لغير الغرض الذي خصصت من أجله وتأجيرها من الباطن ما حدا بالمدعية إلى إلغاء عقد إيجار القسيمة الصناعية بموجب القرار الوزاري رقم 81 لسنة 2010 إلا أن المدعى عليها لم تلتزم بهذا القرار ولم تقم بإخلاء القسيمة رغم إنذارها بتاريخ 3 مايو/ أيار2011، الأمر الذي حدا بالمدعية إلى إقامة دعواها للحكم لها بما سلف بيانه من طلبات.
وقدم طرفا الدعوى مستندات ومذكراتهم الدفاعية وقالت المحكمة حيث إنه عن الدفع بعدم سماع الدعوى لوجود شرط التحكيم في عقد إيجار القسيمة الصناعية موضوع التداعي، فإن المستقر عليه أن التحكيم هو طريق استثنائي لفض المنازعات بين الخصوم بغير طريقها المعتاد، ولئن كان قوامه إرادة الخصوم وينبى مباشرة على اتفاقهم في كل حالة على حدة، فإنه يرتكن أساساً إلى حكم القانون الذي أجاز اللجوء إلى هذا الطريق خروجاً على الأصل المقرر في ولاية المحاكم، ما يقتضي حتماً قصره على ما تنصرف إليه إرادة المحتكمين في حدود ما يسمح به القانون مع التزام الحذر في تفسير الاتفاق عليه أو النصوص القانونية التي تنظمه عند تحديد المنازعات التي تخضع له ولا يجوز التوسع فيه شأن كل استثناء، فإذا كان ذلك وكانت المادة 233 من قانون المرافعات قد أجازت للمتعاقدين أن يشترطوا بصفة عامة عرض ما قد ينشأ بينهم من نزاع في تنفيذ عقد معين على محكمين، فإن ما اشترطه المتعاقدون في العقد المبرم بينهما من حل أي خلاف ينشأ عن العقد بطريق التحكيم إنما يقتصر حتماً على منازعاتهما بشأن تنفيذ العقد ولا ينصرف إلى غيرهما ممن لم يكن طرفاً فيه أو المنازعات التي لا تتعلق بتنفيذه، كما أن الاتفاق على التحكيم في شأن تنفيذ عقد لا يمتد إلى ما اتصل بفسخه أو بطلانه أو التعويض عن البطلان أو الفسخ.
وتابعت المحكمة ولما كان ما تقدم وكانت المدعى عليها تستند في دفعها بعدم سماع الدعوى لوجود شرط التحكيم إلى ما نص عليه البند (7) من اتفاقية إيجار القسيمة الصناعية المبرمة بينها وبين المدعية بتاريخ 23 فبراير/ شباط 1993 من أنه في حالة نشوء أي خلاف أو نزاع أو غموض يتعلق بتفسير أو تطبيق نصوص هذه الاتفاقية، وتعذر الوصول لحل ودي لهذا الخلاف أو النزاع أو الغموض يجوز للحكومة إحالة هذا الخلاف أو النزاع أو الغموض للتحكيم بواسطة محكم فرد يتم اختياره بواسطة المحكمة المختصة في البحرين ويكون قرار التحكيم نهائياً وملزماً للطرفين، وكان مفاد ذلك أن الاتفاق على التحكيم بشأن أي خلاف أو نزاع أو غموض يتعلق بتفسير أو تطبيق نصوص هذه الاتفاقية لا يشمل المنازعات الناشئة أو المترتبة على إلغاء الاتفاقية، فضلاً عن أن الحق في اللجوء إلى التحكيم على نحو ما جاء في البند المشار إليه هو حق مقرر للمدعية وليس للمدعى عليها وهو جوازي لها فلا يجوز إجبارها على اللجوء للتحكيم، ومن ثم يضحى الدفع بعدم سماع الدعوى لوجود شرط التحكيم في غير محله متعيناً رفضه وهو ما تكتفي المحكمة بذكره في الأسباب دون المنطوق.
وعن موضوع الدعوى أشارت المحكمة إلى أن المستقر عليه أنه متى تحصن القرار الإداري فإنه يحمل على الصحة ويصبح حجة على ذوي الشأن فيما أنشأه أو رتبه من مراكز أو آثار قانونية بحيث لا تقبل أية دعوى يكون القصد منها تجريده من قوته التنفيذية في مواجهتهم وإلا انطوى الأمر على إلغاء ضمني للقرار وإخلال بالاستقرار الذي استهدفه القانون للمراكز والآثار القانونية المشار عليها بعد إذ انقضت مواعيد الطعن فيها بالإلغاء.
وبينت المحكمة أنه لما كان ما تقدم وكان الثابت من الأوراق أن المدعية أصدرت القرار الوزاري رقم 81 لسنة 2010 بتاريخ 15 أغسطس/ آب 2010 بإلغاء عقد إيجار المدعى عليها للقسيمة الصناعية الكائنة في منطقة شمال سترة الصناعية وتم إبلاغ المدعى عليها بذلك القرار بتاريخ 19 أغسطس/ آب 2011 وهو ما لم تنكره المدعى عليها الأمر الذي يكون معه القرار الوزاري رقم 81/2010 قد تحصن بعد إذ تراخت المدعى عليها في رفع دعوى بطلب إلغائه وبالتالي يصبح ذلك القرار حجة على المدعى عليها فيما أنشأه أو رتبه من مراكز أو آثار قانونية، ومن ثم يتعين على المدعى عليها الالتزام بتنفيذ ذلك القرار وإخلاء القسيمة الصناعية موضوع التداعي وتسليمها خالية من الشواغل، الأمر الذي تضحى معه طلبات المدعية قائمة على أساس سليم من واقع القانون بما يتعين معه إجابتها لطلباتها، وذلك دون حاجة إلى ضم البلاغات أو الدعوى المستعجلة التي أشارت إليهم المدعى عليها باعتبار أن ما استندت إليه المحكمة فيما تقدم كان كافياً لتكوين عقيدتها.
العدد 3710 - الجمعة 02 نوفمبر 2012م الموافق 17 ذي الحجة 1433هـ