العدد 3705 - الأحد 28 أكتوبر 2012م الموافق 12 ذي الحجة 1433هـ

هل نحن بحاجة للشائعات؟

سوسن دهنيم Sawsan.Dahneem [at] alwasatnews.com

قام عالِمان من علماء علم الاجتماع بتجربة لمعرفة كيفية انتشار الشائعات من شخص لآخر، ثم من شخص لمجموعة من الناس تربطهم اهتمامات مشتركة، وأخيراً من هذه المجموعة إلى أشخاص ومجموعات متباينة الاهتمامات.

كانت هذه التجربة عبارة عن تأليف شائعة وبثّها بين طلاب إحدى المدارس قبل امتحان نهاية العام بقليل، وهي أن «امتحان مادة الرياضيات سُرِق»! انتشرت الشائعة بشكلٍ واسعٍ بين الطلاب في وقتٍ قصيرٍ جداً، بل وتسرّبت خارج المدرسة حتى وصلت إلى أولياء الأمور، ومنهم إلى زملائهم في العمل ثم إلى سكّان المدينة.

المفاجأة كانت عندما تغيّرت صيغة الشائعة الأولى ورُبِطَت بفصل طالبات من المدرسة فصارت: «تم فصل بعض الطالبات؛ لسرقتهن امتحان الرياضيات!».

هكذا تسري الشائعات في أوساط البشر، وهكذا يتم تداول الأخبار وإضافة ما ليس فيها عليها.

ومصدر الشائعة إمّا أن يكون عدواً واعياً أو صديقاً جاهلاً أو صاحب مصلحة، فأما العدو فمآربه معروفة وهي النيل من خصمه، وهو ما وجدناه في كثيرٍ من المواقف التي حدثت بعد 14 فبراير/شباط، والتي راح ضحيتها كثيرون ممن خسروا وظائفهم واستقرارهم وحرياتهم، وأما الصديق الجاهل فهو ما عشناه من هلعٍ وخوفٍ سيطر على كل تحركات الناس في فترة السلامة الوطنية، حيث لم يكن بإمكان أحد التأكد من هول ما يحدث بالضبط، فانتشرت الشائعات وتضخمت أخبار الاعتقالات والمداهمات وغيرها، وهو ما عشناه قبل فترة وجيزة حين انتشرت أخبار كاذبة من الخائفين ومن سيطر عليهم الهلع بعد وفاة أحد رجال الأمن من أن بعض المناطق تتعرض لهجوم مدنيين، وأن هنالك تجمعات في مناطق بعينها بهدف الثأر لهذا أو ذاك، وأما أصحاب المصلحة ممن ينشرون الشائعات فهم ما زالوا يروّجون للشائعات ويختلقونها من أجل النيل من الأشخاص والحصول على المناصب أو المكافآت، وهو ما وجدناه في بعض الأعمال وبعض الجمعيات الأهلية وبعض الدوائر الحكومية من قبل زملاء آثروا النيل من بعضهم كي يستأثروا بمنصب أو مكافأة.

ما يحدث الآن في وسائل التواصل الاجتماعي هو ضربٌ من التسريع في وصول الشائعة وانتشارها؛ فهناك بعض الأسماء وبعض المجموعات والحسابات في «التويتر» و»الفيس بوك» وبعض المنتديات الإلكترونية تسعى جاهدةً لبثّ هذه الشائعات لأغراضٍ كثيرة، منها الشائعات المتعلقة بالشأن السياسي أو الاقتصادي أو المهني أو غيرها.

وأما «الواتس أب» و»البلاك بيري مسنجر» و»اللاين» على سبيل المثال، فهنالك مجموعات متخصصة إما في نقل شائعات «التويتر» أو في اختلاق شائعات أخرى تصل أحياناً إلى الرغبة في تصديقها أو الرغبة في سن قانون أو تشريع، منها زيادة الرواتب أو المكافآت أو حول الإجازات الرسمية، ومواعيد بدء وانتهاء الفصول الدراسية في المدارس الحكومية، والغريب أن هذا الهدف يتحقق في بعض الأحيان، كما حدث بشأن زيادة سقف رواتب المتقاعدين، وموضوع إزاحة وزير أو توزير جديد.

فهل نحن بحاجة للترويج للشائعات كي نحصل على ما نريد على الصعيد الشخصي؟ وهل يعي مروجو هذه الشائعات أنهم يضرون غيرهم في كثير من الأحيان، ويقومون بما حرم الله وما لا تقبله الأخلاق أو الأعراف؟

وهل نحن بحاجة للشائعات كي نحصل على حقوقنا، وعلى قوانين من المفترض أن تسنّ بوجود برلمان يجب أن يسعى لتقديم مقترحاته لسنها، خصوصاً تلك التي يتفق عليها أكثر أبناء الشعب؟

لو أن البرلمانيين اليوم يقدمون ما يحتاج إليه الشعب ويهتمون لأمره لما اضطر بعض الأشخاص للترويج للشائعات البريئة كي يحصلوا على حقوقهم، وكي يلفتوا نظر الحكومة إليها!

إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"

العدد 3705 - الأحد 28 أكتوبر 2012م الموافق 12 ذي الحجة 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 4:17 ص

      بحريني حقيقي

      ترويج الشائعات،مع عدم مشروعيته، لكنه يحقق أغراضا أحيانا تكون مفيدة للطرف الذي أشاعها. كلنا نعلم أن صدام أشاع خبر مكذوب عن قتله الإمام محمد باقر الصدر، فلما وجد ردة الفعل تحت السيطرة أقدم بالفعل على ذلك. وربما القذافي فعل الشيء نفسه. في البحرين كثير من المواطنين يعتبرون ما يصدر من الجهة الرسمية إشاعة لحين التحقق منها بحسب طريقة تحليلهم لما هو جيد وما هو غير جيد،

    • زائر 2 | 12:21 ص

      الشائعات أبسط مثال

      الشائعات تحطم البلد كما حصل في الأحداث اللتي حصلت في البحرين
      فهي حرقت البحرين كم تحرق النار الخشب للأسف هناك ناس وفئة غير
      وأعية واخرى علينا تروج لحفنة من الدنانير لكي تصبح له مكانه
      ولا يهمه للأسف ما أن حطمت شعب بأكمله ام لا
      قاتل الله أصحاب الفتن وأصحاب المصالح اللذين يقتتون على
      جراح هذا الشعب

    • زائر 1 | 11:03 م

      هل نحن بحاجة للشائعات؟

      صباح الخير أختي العزيزة سؤالك غريب جدا. كان الأجدر بك القول ( لماذا انتشرت الشائعات بيننا؟ )أنا لا أقدر أن اجيبك على سؤالك ولكنك لديك القدرة للإجابة على سؤالي كما أظن. ولكن يحظرني مثل بدوي يقول: إذا سلمت انه وناقتي ما أبالي برباعتي ( محرقي / حايكي )

اقرأ ايضاً