في تطور مثير للانتباه لم تتم تغطيته في وسائل الإعلام الخارجي إلى درجة بعيدة، أعلنت وزارة التعليم في مصر أن صفّاً دراسياً جديداً في حقوق الإنسان لطلبة الصف الحادي عشر سيستخدِم أجزاءً من الإنجيل في مناهجه، وسيبحث حقوق غير المسلمين في الإسلام.
تواجدت صفوف الدين التقليدية منذ عقود عديدة، حيث جرى تقسيم الطلاب المسيحيين والمسلمين إلى مجموعتين ليتعلّم كلَ منهما عن ديانته. إلا أن هدف صف حقوق الإنسان الجديد حسب تصريح الوزارة، هو «تثقيف الطلبة حول المواطَنة»، وسيُدرّس لجميع تلاميذ الصف الحادي عشر كجزء من دراسات حقوق الإنسان الجديدة بدءاً من هذه السنة الدراسية.
ورغم أن صفوف الدين التقليدية ستبقى مفصولةً، إلا أن صف حقوق الإنسان سيوفّر تحركاً جديداً باتجاه شمولية أوسع. سيبحث الصف في حقوق الإنسان والمواطَنة، بما في ذلك ما يعنيه كونك مصرياً، الأمر الذي سيساعد على جمع التلاميذ المسيحيين والمسلمين معاً، وهو ابتعاد عن الأسلوب القديم منذ عقود عديدة من الفصل بينهما عند تدريس الدين.
سيستخدم الصف المدركات المسيحية والإسلامية لحقوق الإنسان لبحث هذه الحقوق في المضمون المصري. إنه صفٌ طموح، ولكن يمكن أن يمثل بداية شيء جديد وعظيم لمصر، حيث يُعطى كل دين مصداقية داخل الغرفة الصفية.
ذكر تقرير في صحيفة «الوفد» المصرية في أواخر شهر سبتمبر/أيلول أن الفصل الثاني من الكتاب المنهجي لصف «الدراسات الوطنية»، كما يسمى، سيحتوي على المبادئ المسيحية، وهو يتبع الفصل الأول عن حقوق غير المسلمين في الإسلام. وبوجود هذا الصف، تنتقل الدولة نحو إيجاد بيئات تربوية أكثر شمولية. وسيكتشف التلاميذ في مصر، من خلال التعلّم عن المبادئ المسيحية والإسلامية بينما يتعلمون عن المواطَنة، أن كل دين هو حيوي وحاسم لمستقبل مصر.
وفي خطوة أخرى لتجنب الفصل، يعرض غلاف الكتاب صورة عن ثورة يناير/كانون الثاني 2011 وصليباً وهلالاً متعانقين، كمؤشر للوحدة بين الديانتين في مصر. وتقول الوزارة إن «هذا الكتاب المنهجي يشجع المواطَنة المتساوية، وبناء نظام سياسي متنوع سيمثل المجتمع كله».
يشكل هذا الكتاب المنهجي، بوجود اهتمام متنامٍ في تعليم حقوق الإنسان في مصر منذ الثورة، خطوة أولى نحو تعليم التلاميذ المسلمين عن ديانات أخرى. وتعتقد سلمى محمود، معلمة الصف الحادي عشر، أن هذه هي «أعظم لحظة في التعليم المصري».
ويشكّل هذا بالنسبة لمعلمات مثل سلمى، فرصة لتطوير حوار بين التلاميذ المسيحيين والمسلمين، وهي تقول إنه مجرد فصل يبحث في مبادئ الدين المسيحي في كتاب منهجي مهم بالنسبة لمستقبل مصر، إلا أن أهميته تذهب إلى ما وراء النص.
وتقول سلمى عن صف حقوق الإنسان الجديد: «يمكن تنظيم حوار وأسئلة ونقاش مفتوح عن معتقدات بعضنا بعضاً في منتدى ليس مشاكساً أو خلافياً ولا يشعر فيه التلاميذ أنهم معزولون. في نهاية المطاف، تواجد العديد من إخوة وأصدقاء وأقارب هؤلاء الطلبة في الشارع أثناء الأيام الثماني عشرة، وحاربوا وماتوا من أجل مصر، حتى يتعلموا أن لدينا جميعاً نفس الرغبات».
وهي على حق. يمكن أن يشكل مجيء التعليم الشمولي لحظة لجميع المصريين لأن يبدأوا أخيراً في التغلّب على مفهوم أن ما يفصل بينهم هو الدين. يستطيع التلاميذ من خلال التعلّم عن دين بعضهم بعضاً في مضمون المواطَنة، أن يبدأوا بفهم «الآخر» وبناء علاقات مع مواطنيهم المصريين، بغض النظر عن دينهم.
لن ينجح الأمر بين ليلة وضحاها، ولكن التقدم إلى الأمام، وبمعرفة المزيد من التلاميذ الصغار للمزيد عن معتقدات ودين جيرانهم المسيحيين، سوف يساعد ذلك دون شك على جمع المصريين معاً.
إقرأ أيضا لـ "Common Ground"العدد 3702 - الخميس 25 أكتوبر 2012م الموافق 09 ذي الحجة 1433هـ