ذكر الباحث المحامى عبدالله آل سيف في أحد إصداراته عن القرى في البحرين العام 2003، أنه خلال زياراته لبعض تلك القرى بدءاً من سنابس وحتى دار كليب العام 2001، (لاحِظوا تاريخ العام، أي مطلع القرن الحادي والعشرين)، وإثر لقاءاته بأهلها وشبابها اكتشف التالي: «أن أهالي هذه القرى والمدن يتحلون بصفات نبيلة كالأصالة والنقاوة والبراءة والطيبة وحسن السريرة والشهامة والأمانة والصدق والمروءة. وأن كلمة (حلايلي وحلايل) التي يتخذ البعض منها مجال سخرية وتطلق على سكان تلك القرى وغيرها، مشتقة من كلمة حلالي، أي مالي وملكي، باعتبار أنهم هم أصحاب الأرض الزراعية الأوائل، وقد خرجت من تحت أيديهم لعدة أسباب.
وأن العديد من هذه القرى في ذاك العام، أي بعد أكثر من ثلاثين عاماً من إعلان الدولة الحديثة، مازالت تفتقد إلى العديد من الخدمات كالإسكان والتعليم والصحة والطرق والمجارى، ناهيك عن أن أكثر شبابها عاطلٌ عن العمل، وذلك نتيجةً لتهميشها وتغييبها وحرمانها الدائم من الكثير من مميزات الحياة العصرية.
وكمثال، افتقاد هذه القرى إلى المدارس الإعدادية والثانوية أسوةً بالمدن والقرى الحديثة! فقرية مثل «كرانة» عدد سكانها كان أحد عشر ألف نسمة ولا توجد بها مدرسة ابتدائية واحدة للبنين حتى ذاك التاريخ! وكذلك شبكات الماء والكهرباء رديئة وسيئة جداً، وكثيراً ما تنقطع عن أهاليها الكهرباء والمياه نظراً لقدمها ولافتقارها للصيانة الدورية الشاملة. أضف إلى ذلك، استياء الأهالي من إدارة الأوقاف الجعفرية، وهى إدارة حكومية، حيث يتهمونها بالإهمال والتقصير في أداء مهماتها في هذه القرى».
إلا أن أهم ملاحظة سجلها الباحث عن هذه المناطق، هي استعداد الأهالي فيها أن يعيشوا على الكفاف وفي العراء، شريطة أن يكون لهم مسجدٌ ومأتمٌ يليق بدورهما الديني والاجتماعي.
هذه صورةٌ سريعةٌ للبحرين العام 2001 ميلادية، وبتتبع إحصائي واجتماعي مدني واقعي يمكن لأي زائر الآن لهذه القرى أن يشاهد بنفسه ويعاين ما هو التطور الذي حصل بها بعد اثني عشر عاماً من تلك الملاحظات الميدانية.
ولربما يقول قائلٌ إن الشوارع قد رصفت في الفترة الأخيرة منذ فبراير/ شباط 2011 وحتى اليوم. وزاد عدد قطع الطوب الملون بين الأحمر والأصفر والرمادي في طرقاتها حتى صارت أجمل من شوارع لندن القديمة وضاحية نوتردام في باريس أو سنغافورة الشرق. وسيواجهه شخص آخر بالقول إن هذا كله من خيرات الحرَاك والأسباب معروفة، ولكن لاتزال «فيوزات» القلب محروقة على هذه القرى. فلو تمت معالجة كل مشاكلها بما فيها مشاكل شبابها وتطلعاتهم وكرامتهم، في قرى عددها ليس بالضخم كما في دول أخرى، منذ فقط عشر سنوات إلى ما قبل فبراير 2011، لما اضطر أي مسئول للدفاع عن الأخطاء الإدارية والتعرض لاستجواب هنا وهناك، ولما حدث ما حدث منذ أكثر من 18 شهراً، ولما جاءت لجنة طيب الذكر «بسيوني»، ولما اضطر للذهاب في رحلات مكوكية، من دون «كيسنجر»، إلى جنيف بين مايو/ أيار وأغسطس/ آب من هذا العام.
المسألة فقط كانت، ومازالت، تحتاج لمن يقرأ الواقع الذي يتحكم به بشكل صحيح بلا مكابرة أو لا عناد لهذا الواقع لأنه لا يرحم، فكيف بالمستقبل الذي لا نعلم ما يخبئه بين طيات أيامه ولياليه. وهل حل مثل كل هذه المشاكل، غير المستعصية، في دولة بترولية بعدد سكانها الأصليين في مثل ذاك الزمان وهذا الزمان أمر مستحيل، أو شبه مستحيل، أو هو قابل للتحقيق؟ يرجى اختيار إجابة واحدة فقط. ولله في خلقه شئون لا نعلمها.
إقرأ أيضا لـ "محمد حميد السلمان"العدد 3699 - الإثنين 22 أكتوبر 2012م الموافق 06 ذي الحجة 1433هـ
قول الصدق
يا اخي انظر الى قراكم كم هي قبيحة ووسخة ، الشوارع مملوءة بالطوب والحدجارة ومخلفات القمامة ، الاسفلت محترق الجدران مملوة احقاد دفينه ، الى متى تنظف النفوس قبل الشوارع ؟؟
من قال
مازالت القرى في حال يرثى لها لكن حق المشروعات يبقون اراضيها وياريت يوظفون شبابها يجيبون الاجانب وبرواتب خيالية لكن الله المعين